تتداول المحاكم الأميركية هذه الأيام قضية متعلقة بأحد أكبر المصارف الأميركية ولز فارجو «Wells Fargo».
وتكاليف القضية ستكون باهظة للمصرف من حيث كلفة ورسوم المحامين، والمحاكم الأميركية، والتعويضات التي يمكن أن يدفعها المصرف للمتضررين من عملائه، وإلى المحاكم والجهات الرقابية نتيجة لسوء الممارسات المصرفية التي قام بها المصرف.
وباختصار فإن القضية تتعلق بقيام المصرف بتشجيع موظفيه بتحقيق أهداف مالية عالية، تتضمن تشجيع العملاء على فتح حسابات والحصول على مختلف خدمات البنك، وبأية طريقة ممكنة من خلال بيع أكبر عدد من الخدمات، مثل فتح حسابات جارية، وحسابات استثمار، والحصول على قروض وبطاقات ائتمان وغيرها. وفعلاً قام فرق التسويق بتنفيذ استراتيجية المصرف بهذا الخصوص، ولذلك يعتبر المصرف الرائد في صيرفة الأفراد في الولايات المتحدة.
ولكن المصرف يبدو أنه كان يطلب من رجال التسويق لديه وبصفة مبالغة تسويق خدماته. وعليه فقد قام فريق التسويق بتزوير، وبممارسات خارجة عن المهنية ومتطلبات الحوكمة، بفتح حسابات مختلفة، ومنح بطاقات ائتمان لمجموعة من العملاء من غير علم أولئك العملاء، وطبعاً من غير موافقتهم. كل هذا حتى يتمكن موظفو المصرف من تحقيق أهداف صعبة المنال، وأن يربح المصرف مبالغ طائلة من العملاء، وفي بعض الحالات من غير علمهم. وتم اكتشاف تلك الممارسات من قبل البنك عن طريق شكاوى قدمتها مجموعة من العملاء، أفادوا بموجبها بعدم علمهم بحسابات فتحت من قبل البنك بأسمائهم، أو أن بعضهم تسلم بطاقات ائتمان لم يطلبوها.
نتائج التحقيقات الأولية توحي بأن المصرف سيدفع للحكومة الأميركية ما يقارب 5.5 مليارات دولار أميركي كتسوية مبدئية، بينما المتوقع أن تكون قيمة الغرامات ما يفوق 15 مليار دولار أميركي. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قدم رئيس مجلس الإدارة العضو التنفيذي استقالته من منصبه وتبعه بعض من مسئوليه الكبار، والذين كانت لهم علاقة مباشرة بالممارسات الخاطئة للمصرف.
وهذا يأخذنا إلى موضوع مهم جداً، يخص علاقة أي بنك بعملائه وخصوصاً الأفراد منهم. فالأفراد وبحسن نية يتجهون للبنوك للحصول على منتجات مصرفية متعددة، مثل فتح حسابات جارية، وحسابات توفير، وحسابات استثمار، وكذلك قروض شخصية أو عقارية وبطاقات ائتمان. وهذه كلها تخضع لرسوم يتقاضاها أي مصرف مقابل تقديم الخدمة. وليس في ذلك من غرابة، حيث إن أي مصرف يحتاج للحصول على تلك الرسوم ليستطيع البقاء، وتطوير الخدمات وما شابه ذلك.
ولكن الشيء الذي يغفله بعض العملاء أو أغلبهم، هو مقدار الرسوم والفوائد التي يتقاضاها أي بنك نظير الخدمات والمنتجات التي يبيعها للعملاء الأفراد. وهل يقوم البنك بشرح وافٍ لكل عميل عن نوعية تلك الرسوم، وأسبابها حتى يكون العميل على دراية ويكون اختياره لأية خدمة مبنية على معرفة واضحة بما يتوجب عليه دفعه.
قد يقوم الأفراد باقتناء مجموعة من بطاقات الائتمان من بنك واحد أو أكثر، لاستخدام الحدود الممنوحة من الائتمان للشراء والمصاريف الشخصية عموماً. وقد يفرط العميل في استخدام تلك البطاقات، وهذا شيء تصب مصلحته للبنك الذي أصدر البطاقات نتيجة للرسوم التي يتقاضاها والفوائد المترتبة على الأرصدة المستحقة على بطاقات الائتمان. كما أن بعض العملاء الذين لا يعرفون مقدار الرسوم على البطاقات الائتمانية، يعتقدون أن كلفة الفائدة عليها أقل من كلفة فوائد القروض الشخصية والعقارية. وهذا غير صحيح، فالرسوم والفوائد على بطاقات الائتمان تفوق كثيراً الفوائد على القروض.
الفوائد على الأرصدة المستحقة على بطاقات الائتمان تتراوح وتختلف بين مصرف وآخر بين واحد ونصف وثلاثة في المئة للشهر الواحد. وبحسبة بسيطة فإذا كان المعدل (1.5) في المئة لكل شهر، فمعدل الفائدة السنوي يصبح 18 في المئة، وإذا اعتبرنا 3 في المئة في الشهر يصبح معدل الفائدة السنوي 36 في المئة. وإذا قارنا مقدار الفوائد على القروض التي تتراوح هذه الأيام من 7 في المئة إلى عشرة في المئة، نجد الفارق الكبير بين هذه النسب وتلك التي تحتسب على مستحقات البطاقات الائتمانية. ولذلك يجب على الأشخاص الذين يستخدمون بطاقات الائتمان، ولا يدفعون الأرصدة كاملة في نهاية كل شهر، أن يكونوا على علم بمقدار ما يدفعون من فوائد كبيرة مقارنة مع القروض الشخصية.
من المناسب أن نذكر أن من واجب أي بنك شرح أمور كهذه إلى عملائه، حتى تكون قراراتهم مبنية على أسس ومعرفة. فعندما يكون العميل على علم ويقبل بذلك، يكون البنك أدى ما عليه، ويكون العميل مسئولاً عن قراراته والتي يغلب عليها في معظم الحالات حاجته المادية.
ولذلك ننصح العملاء بأن يقوموا بمعرفة التفاصيل المتعلقة بالرسوم والفوائد التي يتقاضاها البنك، ليكونوا على علم، ويكون اتخاذ القرارات بشأن الخدمات المصرفية مبنياً على فكرة واضحة. وهذا يعني أن يقوم العميل بمعرفة المصرف الذي يتعامل معه أسوة بقيام البنك باتباع مبدأ «اعرف عميلك» قبل فتح أي حساب لأي عميل.
إقرأ أيضا لـ "صالح حسين"العدد 5182 - الأحد 13 نوفمبر 2016م الموافق 13 صفر 1438هـ
بصراحة مقالة مفيدة...ألف شكر لك