لاشك أن المرأة كما اصطلح عليها من قبيل تأكيد أهمية دورها في المجتمع؛ هي نصف المجتمع، وهي راعية البناء التي تقف إلى جانب الرجل في معترك التنمية. ولقد كان من الأهمية بمكان استعراض مآثر المرأة ومناقبها على مدار التاريخ قبل أن نتطرق إلى موضوعنا، غير أن حقيقة وضعية المرأة ومكانتها في أوساط مجتمعها تفرض نفسها على العالم بما يغني عن التذكرة والتأكيد. ولكن الأمر يستلزم منا بيان بعض الأسس التي قامت عليها مكانة المرأة في مملكة البحرين كتمهيدٍ لهذا الموضوع حتى ندرك منطقية إحراز المرأة البحرينية لمكانتها تلك في أوساط مجتمعها.
لقد كان اهتمام جلالة ملك البلاد المفدى بقضية المرأة؛ ضالعاً كبيراً في الاعتراف بقيمة المرأة البحرينية، وبأهمية دورها في الشأن العام، وقد تمثل هذا الاهتمام وتلك الرعاية الكريمة بوضوح فيما تضمنه الميثاق الوطني... ثم فيما أصلّ له الدستور من مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وحظر التمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة واعتبار تكافؤ الفرص دعامة أساسية للمجتمع.
كما تمثلت رعاية القيادة للمرأة كذلك في إنشاء المجلس الأعلى للمرأة العام 2001، ليتبع صاحب الجلالة وتكون له الشخصية الاعتبارية في كونه مرجعاً لدى جميع الجهات الرسمية فيما يتعلق بشئون المرأة.
فيما كان انضمام مملكة البحرين إلى اتفاقية (السيداو) تأكيداً على جديتها في الإعلاء من شأن المرأة البحرينية في إطار قيمي محمود؛ يتفق مع الثوابت وينسجم مع الأعراف.
أما عن دور المرأة في مجال العدالة فقد ساهمت في تأسيس النيابة العامة بمملكة البحرين العام 2003، لتضطلع بمهامها الجسيمة في إطار النظام القضائي بالمملكة، حيث شملت الدفعة الأولى لأعضاء النيابة العامة أربع عضوات، ثم تلاحق انضمام مثيلتهن في الدفعات اللاحقة، ثم تم دعم القضاء بالعنصر النسائي لأول مرة، حيث عُينت إحدى عضوات النيابة العامة قاضية، لتكون أول قاضية تعتلي منصة القضاء في منطقة الخليج بأسرها. ومع مضي الوقت دُعم القضاء بالمرأة وأصبح لها مكانة راسخة في هذا المجال إلى أن صارت عضواً في المجلس الأعلى للقضاء المعني بشئون أعضاء السلطة القضائية في المملكة. وما يؤكد رسوخ مركز المرأة في النظام القضائي بمملكة البحرين هو دخولها في تشكيل المحكمة الدستورية كعضو بها.
ويوجد بالنيابة العامة الآن خمس عضوات بخلاف من كن يعملن بها وتم نقلهن بعد ذلك للعمل بالمحاكم، يعملن بنيابات مختلفة، وقد تولى منهن رئاسة وإدارة نيابات ومكاتب متخصصة داخل هيكل النيابة العامة هي نيابة الأسرة والطفل ونيابة تنفيذ الأحكام فضلاً عن مكتب التعاون الدولي. وعضوات النيابة يشغلن درجات النيابة العامة من رئيس نيابة وحتى محامٍ عام.
وبالنسبة للمحاكم فتوجد سبع قاضيات يعملن في القضاء المدني بمختلف تخصصاته ودرجاته، كما سبق تولي احدى القاضيات رئاسة محكمة الأحداث. ومن المقرر وفق استراتيجية المجلس الأعلى للقضاء أن يكون هناك وجود للمرأة كعضو بمحكمة التمييز بحسب ما أعلن سعادة رئيس المجلس.
بل لا يمكن إغفال المرأة في مجال العدالة المتمثل في وجودها كمحامية إلى أن تبوأت مكانة مرموقة فتولت رئاسة جمعية المحامين بالمملكة.
يذكر ان المرأة لم تجد ثمة معوق في أداء مهامها العدلية، وما هذا الا انعكاس لتفهم المجتمع لدورها في ظل أعراف وسطية ومستنيرة تتفق مع القيم الاجتماعية والثوابت.
ولعل هذا الحديث الموجز والاستعراض المُبسط لمكانة المرأة العدلية بمملكة البحرين، يأتي مواكباً لتخصيص المملكة هذا العام للاحتفاء بالمرأة في المجال القانوني والعدلي في يوم المرأة البحرينية، والذي يوافق مضي خمس عشرة سنة على إنشاء المجلس الأعلى للمرأة، وهو ما يؤكد اهتمام المملكة وقيادتها بالمرأة وبالأخص في مجال العدالة.
إقرأ أيضا لـ "أمينة عيسى"العدد 5182 - الأحد 13 نوفمبر 2016م الموافق 13 صفر 1438هـ