كيف تحقّق النجاح والتفوق التجاري؟ كيف تحوّل شركة صغيرة إلى امبراطورية عملاقة؟ كيف تقود أكبر عددٍ من المؤسسات التجارية والمصرفية والسياحية بكفاءة عالية وترفعها إلى مستويات أعلى وأرقى من الربحية والأداء؟
أعتقد أن برنامج «رواد» التلفزيوني الذي استضاف السيد فاروق المؤيد، رجل الأعمال البحريني الكبير ضمن حلقاته حديثاً، كان جديراً به أن يكون على تلفزيون البحرين الوطني ليعطي درساً في أخلاقيات العمل التجاري، وأساليبه الراقية لكل أبناء البحرين، فالبرنامج الذي أذاعته قناة «سكاي نيوز العربية» وتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي في البحرين، على نطاق واسع الأسبوع الماضي، وما سرده المؤيد خلاله من أحاديث وذكريات ونصائح كانت بمثابة «وصفة سحرية» لصغار التجار، ورواد الأعمال في كيفية تحقيق النجاح، وتحويل محل صغير لبيع الأجهزة الكهربائية وبعض المواد الغذائية، إلى مجموعة تجارية ضخمة تمتد أعمالها إلى الكثير من القطاعات الاقتصادية الحيوية في مملكة البحرين، وعلى رأسها قطاعات المقاولات والإنشاءات والعقارات والسيارات والتجارة العامة، ويقدّر حجم أعمالها حسب إحصائيات العام 2015 بنحو 750 مليون دولار أميركي، تمتلك أكثر من 300 وكالة تجارية لأسماء عالمية كبرى، وتوظف نحو 7 آلاف عامل. والأهم من ذلك هي نسبة النمو المرتفعة التي تحققها المجموعة عاماً تلو الآخر بفضل القيادة الحكيمة لهذا الرجل.
ما استوقفني صراحةً مجموعةٌ من النقاط المهمة، التي أحب أن ألقي عليها الضوء، واستدل بما خلفها من معانٍ، هي بالتأكيد مفيدة لي كتاجر ومتابع للشأن الاقتصادي، وأعتقد أنها مفيدة أيضاً للكثير من القراء، وخاصة المنتسبين للقطاع التجاري البحريني والخليجي.
- بدايةً وفي أكثر من موقف خلال مسيرة الشركة الطويلة، سرد السيد فاروق المؤيد، كيف كان يتم تغيير المسارات والأساليب، وفتح أبواب جديدة للخروج من الأزمات، وعدم الاستسلام لها، هذا حدث في حرب عام 67 عندما تم مقاطعة شركة «فورد» الأميركية، ثم في حرب 73 أيضاً، وكيف تم التوجه للسوق الياباني والآسيوي بشكل عام، لفتح أبواب رزق جديدة، واستيراد احتياجات المواطنين من هناك، وعدم الاستسلام لظروف طارئة أو استثنائية لم تكن بيد التاجر ولا حتى البلد.
- سياسة توسيع السوق وفتح الأسواق المجاورة، وهي نقطة طالما اعتمدت عليها الشركة، وكانت سراً من أسرار تفوقها وخاصة في توريد ماكينات الديزل للسوق السعودي والقطري، الذي لم يعرف الكهرباء بعد في حينها، واستغلال موقع البحرين المركزي خير استغلال في «إعادة التصدير» لجميع دول الخليج المجاورة، وعدم الاكتفاء بالسوق البحريني الصغير المحدود الإمكانات التسويقية.
- سياسة «العين المتقدة» أو الذهن المتقد، فمع كل تغير حاصل على المستوى الخليجي أو الإقليمي أو العالمي، كانت الشركة تستفيد منه تجارياً بشكل واضح، وهذا حدث مع دخول الكهرباء للبحرين، فكانت أول من أدخل المراوح والثلاجات وأجهزة التليفزيون للمملكة، ثم مع ثورة النفط بات التوسع في تجارة السيارات، ثم مع ثورة التكنولوجيا، بات هناك شركات لخدمات تقنية المعلومات والحوسبة، وهكذا كان المغفور له السيد يوسف خليل المؤيد، ومن بعده السيد فاروق المؤيد على متابعة مستمرة للتغييرات الطارئة على المجتمع، وأساليب سلوكه الشرائي، واحتياجاته المعيشية ومتطلبات ذلك، فيتم تحويل هذه الرؤية إلى تجارة ناجحة، وهذا هو الدرس والفارق بين تاجر ذكي متابع متقد الذهن، وآخر كسول غير مهتم يؤدي به كسله في النهاية إلى تضييع شركته أو إضعافها.
- نقطة أخرى توقفت عندها كثيراً، وهو ما ذكره السيد فاروق المؤيد عن رحلة والده إلى بريطانيا لجلب أول وكالة تجارية لشركته، وكيف كانت صعاب الرحلة ومخاطرها، وأنه استقل مع مجموعةٍ من أصدقائه، كبار تجار البحرين في حينها «طائرة مائية» لأن البحرين لم يكن بها مطار في ذاك الوقت، وأن تخاطر مثل هذه المخاطرة وغيرها الكثير في طلب الرزق، يبين الفارق الواضح بينه وبين التجار الذين لا يفعلون شيئاً، إلا الشكوى وإلصاق أسباب الفشل بالغير، سواءً كانت الدولة أو مؤسساتها أو الظروف أو غيرها من مبررات كثيرة.
ولك أن تقارن مصاعب الزمن الماضي بالتسهيلات الكثيرة المتوفرة حالياً، من تكنولوجيا وانترنت ووسائل اتصال قرّبت العالم أجمع، وطيران سريع متنوع الاتجاهات والمسارات ربط العالم من شرقه إلى غربه. ولعلني أعتقد أن ما نعيشه حالياً من رفاهية وسائل الاتصال والتواصل كان يعتبره الأجداد درباً من دروب الخيال، فمن ذا الذي يتوقع ممن ذهبوا في هذه الرحلة الشاقة إلى لندن، أن بإمكانهم اليوم الذهاب والعودة مباشرةً في خلال يوم واحد لحضور اجتماع مثلاً، أو توقيع صفقة والعودة فوراً! بلا طائرة مائية ولا الصعاب الكثيرة التي لاقوها في حينه.
- نقطة أخيرة هي رؤيته للمستقبل، فالرجل الذي حقّق هذا النجاح الباهر يسلم قيادة الشركة إلى الجيل الثالث من الأبناء ليرى «على عينه وفي حياته» كيف سيديرون هذه المؤسسة الضخمة العملاقة الممتدة الأطراف المتنوعة القطاعات؟ بل ويساعدهم ويمدهم بالخبرة والمعرفة والنصح والإرشاد، كل هذا جميل لا خلاف عليه، ولكن ماذا إذا فشلوا في إدارتها؟
هنا تفسح الأبوة والحنان والعطف وكل هذه المفردات الإنسانية الجميلة المجال تماماً لرؤية وذهن التاجر العملاق، فكان ردّه الحاسم والمباغت والصريح: «سنبيعها في حياتنا ولن نقبل أن تسقط أو تنهار»، رد في مجمله حكمة بالغة، وحرص أشد على تاريخ وتعب السنين والمجد الذي تأسّس، فبات من الأفضل له أن يطرح في البورصة، مثلاً ليديره آخرون، بدلاً من أن ينهار الصرح العملاق وتاريخه معه.
إقرأ أيضا لـ "أحمد صباح السلوم"العدد 5181 - السبت 12 نوفمبر 2016م الموافق 12 صفر 1438هـ
١-بغض النظر عن هذا التاجر أو غيرة ، دكاترة الاقصاد والبزنز معاشاتهم محدودة ويفترض أنهم الأعلم بالسوق لماذا ؟ لأن التجارة غير خاضعة للقوانين العقلية بل قانون الرزق واللطف الإلهي ٢- طفرة الخمسينيات الى السبعينيات لا تقارن بالجمود الحالي (وكلشي ماكان موجود) فالسوق مفتوح ٣- أن الصعوبة في المليون الأول أو كمية الأموال الكافية الأولى والباقي سهل كما قال المليونيرات في جميع أنحاء العالم ٤- ما ينقل عن أي شخصية كانت الإستفادة منة شبة معدومة لإختلاف ظرف الزمان والمكان وأمور أخرى
كثير من الناس يمتلكون المواهب والعقليات التي يتمتع بها فاروق المؤيد واجداده ولكن لم يجدوا الدعم الكافي لافتتاح اقل ما يقال (بمحل صغير) كما عبر عنه القارئ. ولكن يبقى السيد فاروق المؤيد وعائلة كانو من رواد الاقتصاد البحريني وعماده ومنهم ومن امثالهم نستلهم الصبر والكفاح لبلوغ الغايات.
رجال الأعمال البحرينية ومنهم الأب الكبير فاروق المؤيد يستحقون الالتفات من تلفزيون البحرين، بل أننا نحتاج إلى برنامج أسبوعي يتناول الشأن التجاري ويشجع الشباب على ريادة الأعمال.
مقال مفيد للتجار بشكل عام... شكرًا للكاتب الموقر
عزيزي. ليس كل ما يقال واقع او صحيح. لا أربد ان أضيف.