تناولت الندوة التي أقامتها أسرة الأدباء والكتَّاب الأسبوع الماضي كتاب «مرجعيات ثقافية في الرواية الخليجية»، للناقد فهد حسين، والصادر مؤخراً عن دار بيت الغشّام للصحافة والنشر بمسقط؛ إذ استضافت الأسرة الكاتب إضافة إلى الناقد زكريا رضي للحديث عن الموضوعات المطروحة في الكتاب. وقد بدأ رضي ورقته بالتذكير بأهمية هذا المبحث الذي اختاره حسين في كتابه وضرورته، كونه يبحث في المسكوت عنه وما لا يقوله النص الروائي، ويعرِّف بالأسس والمحدِّدات والمرتكزات التي يُبنى عليها النص الروائي.
وقد ذكر رضي أن حسين تناول ست مرجعيات تم استدعاؤها في الرواية الخليجية والارتكاز عليها وهي المرجعية الثقافية، والاجتماعية، والفلسفية، والتاريخية، والدينية، ثم المرجعية اللغوية والجمالية.
هذه المرجعيات تحدِّد مكان أي رواية بين كمٍّ كبير من الروايات التي بدأت تكتسح المكتبات بعد أن استسهلها الكتَّاب الجُدد، وصارت تعتمد على أحداث ومواضيع مكرَّرة في كثير من الروايات، تسرد في الغالب قصص حب وعلاقات عاطفية من غير الالتفات إلى القيمة الثقافية التي يبحث عنها القارئ الذي يقرأ الكتاب باعتباره مصدر ثقافة ومتعة؛ وليس مجرد أداة ترفيهية تدغدغ مشاعره فقط وتملأ وقت فراغه.
وقد أكد حسين هذه الحيثية في مداخلته حين ذكر أن الرواية الخليجية اليوم تبتعد ابتعادا كبيراً عن الفلسفة والتساؤلات الفكرية والثقافية والبحث إلا فيما ندر.
نحن بحاجة إلى مثل هذه الكتب وهذه المراجعات التي تؤكد ضرورة تقديم أعمال روائية تضيف للقارئ، ولا تعتمد بالشكل الأساس على اللعب باللغة أو المشاعر، كما هو منتشر اليوم في المكتبة الخليجية. المكتبة التي باتت تنشر للجميع من دون استثناء، وهو خطأ وقعت فيه دور النشر التي تبحث عن الربح المادي بغضِّ النظر عن قيمة المُنتج المقدَّم، حتى أنك كقارئ تصطدم بالكثير من الضحالة والأخطاء اللغوية والإملائية والتعبيرية في كثير مما تصدره دور نشر بعينيها باتت تنشر كل ما هبَّ ودبَّ، بل وتذيِّل بعضها أغلفة كتبها بعبارات تسويقية تشير إلى أعداد خيالية من الطبعات من غير أن تعطي أرقاماً حقيقية لعدد النسخ المطبوعة في كل طبعة.
ولا يقتصر الخطأ على هذه الدور فقط، بل ويمتد إلى القارئ الذي بات يبحث عن السهل، وإلى الناقد الذي لم يعد موجوداً بمراجعاته وقراءاته النقدية المحايدة؛ الأمر الذي جعل الكاتب يصدر نتاجه من غير خوف أو تردُّد أو قلق، مهما كان مستوى إصداره، إضافة إلى دور الإعلام في التصفيق لكل عمل محلي، ليس بالضرورة أن يكون مميزاً، وهو ما وقعت فيه بعض الوسائل الإعلامية، وبعض الدول الخليجية التي اهتمَّت بالكمِّ قبل الكيف في إصدار كتبها المحلية.
وفي هذا السياق، لابد من توجيه كلمة شكر للمنتديات والملتقيات الخليجية والعربية، التي تقدِّم أوراقاً ودراسات تهتم بالمنتج العربي باختلاف أطيافه ومجالاته، والتي لولاها لما صدر هذا الكتاب على سبيل المثال؛ إذ أشار فهد حسين إلى أن بذرة هذا الكتاب جاءت على إثر مشاركة دعي إليها في ملتقى الشارقة للسرد في سبتمبر/أيلول 2014؛ حيث طُلب منه إعداد ورقة عن المرجعيات الثقافية للرواية الخليجية، ومن ثمَّ توسَّع في موضوع الورقة وحوَّلها إلى كتاب.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5180 - الجمعة 11 نوفمبر 2016م الموافق 11 صفر 1438هـ
سوسن
كلامك عسل عسل استاذه سوسن .