العدد 5180 - الجمعة 11 نوفمبر 2016م الموافق 11 صفر 1438هـ

الزفَّان: مهنة صناعة الزفن والدجاين

عريش وله باب من جريد (Dostal 1983)
عريش وله باب من جريد (Dostal 1983)

المنامة-حسين محمد حسين 

تحديث: 12 مايو 2017

الجريدة هي الجزء المستقيم من سعفة النخيل بعد أن يتم تجريدها من الخوص وقطع الجزء المعقوف منها وهو القذف، وتسميه العامة الگدف، وهو الجزء السفلي من السعفة والتي توجد في نهايته الكربة. ويستخدم الجريد في العديد من الصناعات، وهناك أكثر من مهنة مرتبطة بصناعات الجريد، فهناك القفَّاص، الذي سبق الحديث عنه في الحلقة السابقة، وهناك الزفَّان الذي يصنع الزفن والدجاين، وتسمى المهنة الزفانة. يذكر أن الزفن أو الدجاين أو الجداين تستخدم في بناء العريش وصناعة السجم والمدابس وغيرها.

والزفن عبارة عن سور أو حصيرة تصنع من الجريد وذلك بربطها بالحبال مع بعض. ولفظة الزفن منتشرة في دول الخليج العربي عموماً، وهي واردة في معاجم اللغة، جاء في «لسان العرب» (مادة زفن): «الزَّفْنُ: عَسيب من عُسُب النخل يضم بعضه إلى بعض شبيه بالحصير المَرْمول، قيل: هي لغة أَزْدِيَّة». أما العسيب فكما جاء في «لسان العرب» «عَسِيبٌ؛ قال ابن الأَثير: أَي جريدَةٌ من النخل، وهي السَّعَفَة، مما لا يَنْبُتُ عليه الخُوصُ».

ومن مرادفات الزفن في البحرين والقطيف الدجينة أو الجدينة، وجمعها دجاين أو جداين. غير أنه في العادة تخصص لفظة الزفن للرواد التي يصنع منها جوانب العريش، بينما تخصص لفظة دجينة لما يصنع منها الأدوات الأخرى كالمدبسة والسجم وغيرها. ومن مرادفات الزفن في دولة الإمارات العربية وسلطنة عُمان دعن، وجمعها دعون. هذا وقد وردت لفظة دعن في معاجم اللغة، جاء في «تاج العروس» (مادة دعن): «الدَّعْنُ: أَهْمَلَه الجَوْهرِيُّ. وفي المحْكَمِ: سَعَفٌ يُضَمُّ بعضُه إلى بعضٍ ويُرْمَلُ بالشَّريطِ ويُبْسَطُ عليه التَّمْرُ؛ أَزْدِيَّةٌ».

عملية الزفانة

تبدأ عملية الزفانة بعملية إعداد الجريد والتي تشمل عملية تنظيف السعف؛ حيث يتم قطع الكرب منه وتنظيفه من الخوص والسلَّاء (السلة) وبعدها تبدأ عملية تجفيف الجريد الأخضر، وتتم إما بتعريضه لأشعة الشمس لبضعة أيام، أو أن يعرض لأشعة الشمس وبعد ذلك يتم غمره في الماء لمدة ثلاثة أيام وبعده يتم تجفيفه تمهيداً للاشتغال به. بعد ذلك يتم قطع الجريد بطول معيّن بحسب عرض أو ارتفاع الزفن أو الدجينة المطلوبة، وبعد ذلك تبدأ عملية الزفانة، وهي ربط الجريد بحبال فيتكون ما يشبه الحصير من جريد النخيل، ويمكن طيه كالحصير أيضاً. ويصنع من الزفن عدة منتجات منها:

1 - رادة العريش

الرادة، وجمعها رواد، هي جوانب العريش التي تقوم مقام الجدران التي تحيط بالمبنى. وتصنع الرادة إما من السعف أو الجريد، وتسمى الرادة التي تصنع من الجريد باسم رادة زفن وهو سور مصنوع من الجريد المربوطة مع بعضها بالحبال, ويسمى العريش الذي يبنى بهذه الرادة «عريش راده زفن».

2 - الغميلة

قديماً، كانت هناك أبواب تصنع فقط من جريد النخيل، وهو باب مصنوع من زفن، أي جريد مربوط مع بعضه البعض بالحبال، ويعرف هذا الباب باسم غميلة. وتصنع الغميلة بطريقتين، فإما أن يكون الباب بأكمله عبارة عن رادة واحدة من الزفن أو أن تصنع من رادة مقسومة طولياً إلى قسمين. وهذا النوع الأخير من الغمايل لا يفتح كباقي الأبواب وإنما يفتح طولياً من أعلى لأسفل؛ حيث يكون على شكل رادّتين مربوطتين من أسفل ومفتوحة من أعلى، وعندما يفتح يصبح على شكل حرف (V). وأكثر ما تستخدم هذه الأنواع الأخيرة من الغمايل للبساتين والحظائر، وكذلك في الحضور، أي مصائد الأسماك، حيث يصنع باب السر من غميلة مقسومة طولياً إلى قسمين.

هذا وقد كان باب العريش يعكس الطبقة الاجتماعية للفرد، فالغميلة هي أرخص أنواع الأبواب ثمناً. وهناك مثل شعبي مشهور وهو «ألف باب إلا غميلة»، وهذا المثل يضرب احتقاراً بالشيء القليل إذا سقط من الشيء الكثير، فمعنى المثل أن هناك ألف باب ولكن سقط منهم باب واحد مصنوع من الجريد أي غميلة واحدة، فلو فقدت هذه الغميلة فلن يتم ملاحظتها.

3 - دجينة المدبسة

في الغالب يطلق اسم دجينة أو جدينة على السطحه أو الحصير التي تصنع من الجريد وتربط بالحبال. وتستخدم الدجينة في صناعة المدبسة أي مصانع الدبس؛ حيث توضع الدجينة كغطاء لقنوات المدبسة وتضع جلال التمر فوق الدجينة، وسنتطرق لصناعة المدابس والدبس بصورة مفصلة في حلقات مقبلة.

4 - سطح السجم

يعرف السرير قديماً باسم السجم، وقد كان يصنع من أربعة أعمدة خشبية يتم وصلها من أعلاها بأخشاب أفقية. أما سطح السرير فقد كان عبارة عن دجينة من جريد النخيل توضع طولياً ويوضع فوقها الفراش.

5 - دجينة للظهر والكسور

قديماً كانت تعالج الكسور التي تحدث في الرجل أو اليد وذلك باستخدام مجموعة من المواد التي يتم شرائها من الحوّاج والتي يدهن بها الموضع المكسور، وبعدها تتم عملية التجبير وذلك بلف دجينة صغيرة مصنوعة من قطع من جريد النخيل، وتترك لمدة شهر. كما أنه يتم صنع دجينة خاصة تستخدم كحزام حول الظهر، عندما يقع أحدهما على ظهره.

هذه بعض الأدوات التي تصنع من جريد النخيل والتي يقوم بها الزفّان الذي يمتهن صناعة الزفن والدجاين. هذا، وهناك أدوات أخرى تصنع من الجريد ولكن لها أصحاب مهن أخرى متخصصة بها كصناعة الحضرة وصناعة الفرته، وهذه صناعات سنتطرق لها في الحلقات المقبلة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً