تشهد منطقة الشرق الأوسط موسم رواج بينما يجوب مصرفيون المنطقة لإغراء عملاء بمنتجاتهم وإقناعهم بأن لديهم الملاذ الآمن لأموالهم، فيما يلوح في الأفق شبح هجوم عسكري اميركي محتمل على العراق. ويقول مصرفيون إن الأموال السعودية وهي عماد القطاع المصرفي الخاص محور اهتمام، وسط تقارير بأن ثمة عملاء عرب يودون تقليص درجة تعرض استثماراتهم لدى البنوك الاميركية، وسط اعتقاد بعداء اميركي.
وقال مصرفي اميركي كبير مقره اوروبا: «بالقطع تسارعت وتيرة تحويل الأموال من الشرق الأوسط مع التهديد بشن حرب ضد العراق... لكن قدرا كبيرا من الأموال المهاجرة لم تعد تشق طريقها إلى اميركا وإنما إلى اوروبا».
وقال مصرفيون: إن سيناريوهات متشائمة بدأت أيضا تلقى قبولا مفادها أن السلطات الاميركية قد تجمد أموال عرب من مواطني دول معرضة لخطر رد فعل سياسي سلبي من جانب متطرفين غاضبين من أي هجوم اميركي على العراق. لكن آخرين يقولون إن سلوك المستثمر العربي يتأثر بركود الأسواق العالمية وليس بالاعتبارات السياسية الإقليمية.
وقال مدير مصرف خليجي متوسط الحجم أن: «أي عمليات تصفية لمراكز استثمارية من جانب عرب مرتبطة بدرجة اكبر بحال الأسواق في الولايات المتحدة منه بالقلق من احتمال صب الولايات المتحدة غضبها على المنطقة». ودفعت المخاوف إزاء أداء الاقتصاد الاميركي وفقدان الثقة في شركات اميركية المستثمرين إلى إعادة تقييم درجة تعرض استثماراتهم في الولايات المتحدة.
وبيانات بنك التسويات الدولية بشان الودائع المصرفية العالمية توضح الموقف حتى مارس/آذار فقط لكن خبراء قالوا أنها توضح أن مواطنين سعوديين بدأوا تحويل أموالهم من جميع المراكز المصرفية الدولية وليس فقط من الولايات المتحدة اعتبارا من منتصف العام 2001.
ويقول مصرفيون إن السعوديين كغيرهم من كبار المستثمرين في شتى ارجاء العالم يقومون بتنويع محافظهم الاستثمارية مع تراجع أسعار الفائدة وتهاوي أسعار الأسهم ، لكنهم يقولون انه من الصعوبة بمكان تعقب تحركات الأموال السعودية بين تلك النوعية من الاستثمارات.
وأيا كان سبب تلك التدفقات الرأسمالية فإن بعض البنوك ترى فرصة لتوليد رسوم وفتح حسابات مصرفية جديدة لأثرياء عرب بعد عودتهم من عطلات الصيف. ومن الممكن إبرام الكثير من الصفقات قبل حلول شهر رمضان.
وقال مصرفيون إن البنوك السويسرية على وجه الخصوص تقوم حاليا بجهود تسويقية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، مستغلة المخاوف من عداء اميركيا للعرب، خصوصا بعد رفع دعاوى تعويض قضائية تصل قيمتها إلى 100 تريليون دولار رفعتها عائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول ضد أفراد ومصارف سعودية وعربية أخرى.
وقالت مصادر مصرفية إن كل بيوت المال السويسرية تقريبا تسجل معدلات زيادة كبيرة في أعمالها في منطقة الشرق الأوسط. وقال احد المصادر: «السعوديون يبتعدون عن الولايات المتحدة إلى المصارف الاوروبية. حتى المصارف البريطانية تأثرت بهذا الاتجاه». وقالت مصادر مصرفية إن بعض بيوت المال الاوروبية شهدت توسعا كبيرا في أعمالها في الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة.
وقال رئيس وحدة استشارات الخدمات العقارية في فرع مصرف دريزدنر بنك الألماني بلندن «مايكل صمويلز» في اتصال هاتفي من الخليج: «هناك أجواء معادية لأميركا في المنطقة. من الصعب إقناع عملاء بوضع مزيد من الأموال في الولايات المتحدة». وأضاف: «العملاء الذين لهم استثمارات كبيرة في الولايات المتحدة لا يقومون بزيادة استثماراتهم لكنهم لا يسحبونها أيضا».
وقال مدير البنك الخليجي إن ما يدور في الأسواق في الآونة الأخيرة عن أن سعوديين ساخطين يخرجون خروجا جماعيا من السوق الاميركية ربما يكون قد نشره سعوديون حريصون على إرسال تحذير لواشنطن بشان ما يمكن أن يحدث حال عدم تغيير السياسة الاميركية بشأن إسرائيل والعراق. وأضاف: «إنها رسالة محددة يسعى شخص ما لإرسالها، وهذه ليست طريقة معقدة لإرسال تلك الرسالة».
وأشار أحدث تقرير عن تقدير حجم الثروات في العالم أعدته مؤسسة «ميريل لينش - كاب جيميني آند يونج» إلى أن هناك 220 ألف ثري في الشرق الأوسط تقدر ثرواتهم بنحو 1,2 تريليون دولار. ويقول مصرفيون يعملون لحساب هؤلاء المستثمرين أن ما يتراوح بين 400 و700 مليار دولار من تلك الأموال يحتفظ بها أصحابها، ومعظمهم سعوديون في الخارج، إلا انه ليست هناك أرقام مؤكدة في هذا الشأن.
وأشارت تقديرات إلى أن إجمالي التدفقات الرأسمالية من المنطقة خلال الفترة بين العامين 1975 و2000 يتراوح بين 212 مليار و318 مليار دولار
العدد 22 - الجمعة 27 سبتمبر 2002م الموافق 20 رجب 1423هـ