العدد 21 - الخميس 26 سبتمبر 2002م الموافق 19 رجب 1423هـ

القضاء الشرعي : الإصلاح من الداخل أفضل

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الشكاوى التي تقدمت بها مجموعة من الناشطات في الحقل النسوي إلى وزير العدل قبل عدة أيام تعتبر اكبر حركة احتجاجية تقوم بها المرأة المدافعة عن حقوقها في البحرين. ولسوء الحظ فإن الموضوع يتعلق بأمر حساس جدا، ذلك هو القضاء الشرعي.

فاستخدام مصطلحات «المحكمة الشرعية» و«قضاة الشرع» و«احكام الشرع» ضمن سياق الشكاوى قد يخيل للبعض بان الأمر موجّه ضد الشريعة الاسلامية. ولكن قراءة متأنية لما جاء في الشكاوى توضح أن القضية لا تتعلق باحكام الشرع الحنيف وانما بغياب الجهاز الحديث القائم على أسس معتمدة في المحاكم الأخرى.

ولعل المحاكم الشرعية البحرينية لها خصوصيتها التاريخية. فعندما شرع مستشار الحكومة (شارلز بليجريف) بتأسيس المحاكم ضمن برنامج الاصلاحات الادارية، كانت هناك الكثير من المشكلات. فعلى المستوى السني كان لوجاهة قاضي الشرع الشيخ قاسم المهزع وقوة شخصيته الأثر الأكبر في تنظيم المحاكم الشرعية السنية. اما على الجانب الجعفري فإن المشكلة كانت اكثر تعقيدا، فعلى رغم ان الشيخ خلف العصفور كان الشخصية العلمائية الاولى على الساحة الشيعية، الا ان اختلاف وجهات النظر ومعارضة قطاع واسع للاندماج في المحاكم الرسمية ادى لتكليف لجنة مقبولة من الشيعة لتقوم هي باختيار القاضي وترشيحه. إلا ان الخلافات التي دبت في اوساط اللجنة، ادت إلى إلغائها وقامت الحكومة آنذاك بدعوة الشيخ عبدالحسين الحلي من العراق لتنظيم القضاء الجعفري.

ومنذ وفاة الشيخ الحلي في نهاية الخمسينات برزت حاجات اخرى لاصلاح المحاكم. واساسا هناك عدة شكاوى موجهة ضد القضاء الشرعي. الاولى تتعلق باجراءات المحاكم، ففي العام 1986 صدر قانون اجراءات المحاكم الشرعية، إلا ان المحاكم الشرعية لاتلتزم بهذا القانون ولا تقبل اي احتجاج من المحامين فيما لو اشار احدهم إلى اي تناقض مع قانون الاجراءات.

شكوى اخرى تتعلق بقيام القضاة بتحويل القضايا (قضايا الطلاق والزواج اساسا) إلى منازلهم ومن ثم اجراء كل شيء خارج المحكمة وأخذ رسوم من المواطنين مقابل ذلك، على رغم ان القاضي الذي يستلم معاشا من الدولة يجب ألا يستلم رسوما اخرى

شكوى اخرى تتعلق بأسلوب التعامل مع المواطنين، فليس غريبا ان تشاهد القضاة يتحدثون فيما بينهم عن امور ليس لها علاقة بالقضية، أو ان القاضي يتسلم مكالمة هاتفية بينما الناس تنتظره ليدلي برأيه في قضايا مهمة بالنسبة لهم. شكوى اخرى تتعلق بكيفية التعامل مع النساء، ومايصاحب ذلك من ادعاءات كثيرة.

شكوى مهمة اخرى هي عدم اعتماد الشهادات والكفاءات كمطلب اساسي للقضاة. فكثير من القضاة مخلصون ولكنهم لا يعرفون كيف يتصرفون لأنهم لم يحصلوا على التدريب المناسب. ثم ان هناك الطريقة التي يُستدعى بها الشهود للاستماع اليهم، وكيفية تقويم المذكرات والرد عليها، وكيفية النطق بالحكم وحيثياته، اغلبها لا تلتزم بالضوابط الموضوعة للمحاكم.

وعلى هذا الاساس فإن الدعوة لاصلاح المحاكم يجب ان تنطلق من داخل المحاكم ذاتها اذا اراد القضاة الرد العملي على الاتهامات التي وجهتها النسوة امام وزير العدل. وأملنا كبير في البدء بذلك لأن الحركة النسوية وحركة حقوق الانسان نشطة ولايبدو انها ستخمد هذه المرة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 21 - الخميس 26 سبتمبر 2002م الموافق 19 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً