أصدر رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، قانوناً هو الأول على مستوى دول المنطقة، وربما العالم العربي، وهو قانون القراءة، الذي حُدّدت له أُطر تشريعية وعدد من البرامج التي تضمن تطبيقه وتفعيله في الحياة العامة لمواطني ومقيمي دولة الإمارات. القانون حدّد المسئوليات الحكومية التي ترسِّخ «فريضة» القراءة التي تكاد تكون غائبةً في العالم العربي عموماً، ومنطقتنا خصوصاً.
وبحسب وكالة أنباء الإمارات (وام) التي نشرت الخبر الأسبوع الماضي، فإن القانون يهدف إلى «دعم تنمية رأس المال البشري، والمساهمة في بناء القدرات الذهنية والمعرفية، ودعم الإنتاج الفكري الوطني، وبناء مجتمعات المعرفة في الدولة». وقال رئيس دولة الإمارات: «إن القانون الوطني للقراءة سيعمل على مأسسة الجهود كافة، لترسيخ القراءة في المجتمع».
وفي تصريحات لنائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أوضح أن القانون المذكور يأخذ قيمة حضارية كالقراءة، ويحوّلها إلى مشروع حكومي متكامل.
وزارات ومؤسسات الدولة والهيئات والشركات التابعة لها، ستشهد تفعيل القانون بمنح موظفيها أوقاتاً للقراءة أثناء دوامهم الرسمي وبشكل ممنهج، ما يعني أن المؤسسات تلك ستضع نصب عينها وأولوياتها توفر مكتبات سواء كانت متخصصة أو عامة في محتوياتها.
ثم إن القانون يغطي كل ما يتصل بالقراءة، من حيث مساندتها، والحفاظ على مادتها، وما يرتبط بذلك «من تطوير ونشر وترويج وأنظمة داعمة، بما يضمن استمرارية جهود تكريس القراءة، ومأسسة الجهد الثقافي العام، وتواصل وتيرة زخمها» بحسب بيان وكالة أنباء الإمارات.
القانون صدر بعد أيام من نهائيات احتضان مدينة دبي مشروعاً رائداً يصب في الاتجاه نفسه ويعمّقه، هو مشروع «تحدّي القراءة العربي»، الذي شارك فيه ثلاثة ملايين عربي، وحققت فيهالطالبة البحرينية ولاء البقالي المركز الثالث على مستوى الوطن العربي في منافساته النهائية.
ويُلزم قانون القراءة جميع المدارس بوضع خطة سنوية لتشجيع القراءة بين الطلبة، علاوةً على ما يرتبط بترسيخ احترام الكتاب بين الطلبة بمنع إتلافه وصونه وإعادة استخدامه أو التبرع به، كما أوضح نائب رئيس دولة الإمارات في تصريحات نشرت في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2016. ولم يغفل المشروع المحفزات التي يمكن أن تنتج عنه، حيث أن القطاع الخاص سيكون له دور محوري في عملية إنجاح هذا المشروع وتعميمه، كونه سيحفّز القطاع الخاص للدخول في استثمارات ترتبط بإنشاء المكتبات والمراكز الثقافية، حسب ما أكد الشيخ محمد بن راشد، من خلال «منحه الحوافز والتسهيلات والتخفيضات».
الإمارات عموماً، ودبي خصوصاً، استطاعت تحقيق مواءمة ومعادلة بين الطفرة العمرانية العملاقة الرائدة والمبتكرة وتوسعها، ورفاهية مواطنيها من جهة، إلى جانب منظومة تعليمية متقدمة، تبرز في استقطاب أهم الجامعات العالمية التي افتتحت فروعاً لها في عدد من الإمارات، جنباً إلى جنب مع الجامعات والكليات الحكومية والأهلية، من جهة أخرى، وبين تكريس منظومة معرفية وثقافية، يظل قانون القراءة أحد تجلياتها.
تكمن المسألة في الرهان على الإنسان والاستثمار فيه وبه ومن أجله، وأن أي رهان آخر بعيد عن إنسان الأرض، يظل رهاناً خاسراً ولن يُؤتي أكُله ونتائجه، وذلك هو ما اهتمت به دولة الإمارات وأولته اهتمامها منذ اتحادها في العام 1971، في اشتغال هادئ ومبرمج على التنمية في مختلف جوانبها، وصولاً إلى الطفرة والمكانة التي تبوأت فيها مدن مثل أبوظبي ودبي والشارقة مكانة مرموقة بين مدن العالم، سواءً بتوفر بنية تحتية متكاملة أو بتوفر إمكانات تُعلي من شأن الإنسان الإماراتي باعتباره محور وأساس كل تلك المشاريع والأفكار الخلاقة التي تجسّدت على أرض الواقع.
يمنحنا إصدار قانون للقراءة مؤشراً على أن الموازنة بين طفرة العمران والمشاريع تسير بالتوازي مع طفرة العقل والمعرفة هناك. فهل تشعر دول الجوار بالغيرة الحميدة فتحذو حذو شقيقتها في هذا المجال الذي تستطيع أن تجاريه، وإن عجزت عن مجاراتها في طفرتها الاقتصادية والعمرانية المبتكرة والرائدة؟
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5175 - الأحد 06 نوفمبر 2016م الموافق 06 صفر 1438هـ
أحسنت أستاذة سوسن