قاد شوريون موجة من السخط والاستغراب ضد النائب الأول لمجلس الشورى، جمال فخرو، عندما رفض حضور أي من ممثلي الحكومة عند مناقشة الاقتراحات بقوانين في لجان المجلس المختلفة، وهو الرأي الذي وقف ضده عدد من الشوريين، مؤكدين ضرورة حضور الحكومة في اجتماعات اللجان، الأمر الذي لا تنص المادة (94) من اللائحة الداخلية لمجلس الشورى، على رفضه أو منعه.
موجة السخط والاستغراب من رفض فخرو، التي شهدتها جلسة الشورى أمس الأحد (6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) بدأت بعد طلب لجنة المرافق العامة والبيئة استرداد تقريرها بشأن مقترح بقانون لتشديد العقوبة على الجرائم الانتخابية بشأن نظام انتخاب المجالس البلدية، والذي قال العضو خميس الرميحي إن هناك وجهات نظر مختلفة حول المقترح، كما إن الحكومة أيضاً لديها وجهة نظر حوله.
وبدأ فخرو حديثه مستنداً إلى المادة (94) من اللائحة الداخلية لمجلس الشورى، معتبراً أن الخروج عما جاء فيها يعتبر تزيداً أو إضافة، معبراً عن تحفظه على حضور ممثلي الحكومة في لجان المجلس عند مناقشتها الاقتراحات بقوانين.
وتنص المادة (94) من اللائحة الداخلية للمجلس على أن «يحيل الرئيس الاقتراح بقانون إلى اللجنة المختصة لإبداء الرأي في فكرته، وللجنة أن تأخذ رأي مقدم الاقتراح قبل وضع تقريرها بشأنه. وتعد اللجنة تقريراً يعرض على المجلس متضمناً الرأي في جواز نظر الاقتراح، أو رفضه، أو إرجائه. وللجنة أن تشير على المجلس برفض الاقتراح لأسباب تتعلق بالموضوع بصفة عامة. فإذا ما وافق المجلس على نظر الاقتراح أحاله إلى الحكومة لتضع صيغة مشروع القانون. وكل اقتراح بقانون قدمه أحد الأعضاء ورفضه المجلس، ولا يجوز لأحد من الأعضاء تقديمه ثانية في ذات دور الانعقاد.
كما تنص المادة (94 مكرراً) على أن «لكل عضو قدم اقتراحاً بقانون، قبل وضع اللجنة المختصة تقريرها بشأن اقتراحه المحال إليها، أن يطلب كتابة من رئيس المجلس، تأجيل نظر اللجنة المختصة للاقتراح وذلك لمرة واحدة ولمدة لا تزيد على 30 يوماً من تاريخ تقديم التأجيل، مشروعاً بمبرراته، ولمقدم الاقتراح أن يطلب السير في دراسة اقتراحه خلال هذا المدة، وإلا اعتبر طلب التأجيل المقدم منه بمثابة استرداد لاقتراحه طبقاً للمادة (115) من هذه اللائحة».
وقال فخرو: «أكثر مرة نطلب من الحكومة الحضور في اجتماعات اللجان، إلا أنهم يقولون نحن لا نحضر في الاجتماعات التي يُنظر فيها اقتراحات بقوانين».
وفي ردٍ أول على كلام فخرو، استغربت رئيس لجنة الشئون التشريعية والقانونية، دلال الزايد، مما أسمته «تقييداً» لعمل السلطة التشريعية، معتبرة أن «ما بني على باطل فهو باطل».
وأكدت أنها ناقشت كبار القانونيين في المادة (94) المذكورة، وأكدوا عدم وجود أي قيد فيها «نحن من يصنع القيود، وليس الغير».
وشددت على عدم التمسك مما اعتبرته «آراء عقيمة وإجراءات درجنا عليها»، مشيرة إلى أنه «لولا حاجة الحكومة لوجودها في اللجنة خلال مناقشة هذا الاقتراح، لما طلبت استرداده إلى اللجنة».
وقالت: «علينا ألا نصنع تعقيدات في نصوص لا تتضمن المنع... الآراء البالية القديمة يجب التخلص منها... ورأينا كم أُهدر وقت القانونيين في هيئة التشريع والإفتاء القانوني في اقتراحات عقيمة رفضت من المجلس الذي قدمه، ولذلك يجب أن يقدر المشرع وقته».
ودعا رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية، خالد المسقطي، إلى قراءة المادة المذكورة من اللائحة الداخلية لمجلس الشورى، بـ «صورة شمولية، وأكثر من التضييق الذي فسرناه في الجلسة».
وأوضح أن «المادة (94) لم تذكر في أي من كلماتها عدم إمكانية الاتصال أو الاجتماع أو دعوة الجهة الرسمية للاجتماع معها بالنسبة لموضوع عرض على اللجنة بصيغة مقترح بقانون».
وأضاف «المقترح بقانون ربما يكون أهم من القانون الأصلي».
واستشهد العضو عادل المعاودة، ببيت المتنبي «وليس يصح في الأفهام شيء، إذا احتاج النهار إلى دليل»، معتبراً أن وجود الحكومة في اجتماعات اللجان أمر «بدئي» حتى دون قراءة المادة».
وقال: «قد يرى مقدم الاقتراح جانباً في القانون، ولكن الجهة الرسمية تراه من جانب آخر، وأنا أعرف مشاريع قوانين وئدت من بدايتها لأنها تتعارض مع القانون... ويجب أن تخرج الاقتراحات بقوانين بتوصيات تعكس الجوانب بجميع التفاصيل، ووجود الحكومة شيء ضروري».
وأوضح وزير شئون مجلسي الشورى والنواب أن «حضور الحكومة ليس تسلطاً ولا تطفلاً، وعندما تدعى فمستعدة أن تبدي رأيها حضوراً أو كتابة»، متسائلاً «لماذا يضع الأعضاء حجراً على حقهم بدعوة الحكومة إلى اجتماعات اللجان».
وأكد أن نص المادة (94) «يرفع من شأن المجلس وأعضائه وليس عكس ذلك».
وعاد فخرو في مداخلة أخرى، ليسأل «هل يعقل عندما يتقدم أي عضو باقتراح بقانون، أن نأتي بالحكومة في اجتماع اللجنة».
ورأى أن «الأصل عندما يوافق على بنود الاقتراح، أن يذهب من المجلس إلى الحكومة، أي من سلطة إلى سلطة، إلا أننا في حالة دعوة الحكومة لاجتماع يناقش الاقتراح، فهذا يعني أننا ننقله من فرد إلى سلطة».
واعتبر أن «ما كنا ماضين عليه في السابق هو الصحيح، وأما الآن نأتي لنغير فقط من أجل التغيير فهذا غير صحيح».
وأردف قائلاً «أتمنى أن أستمع لرأي المستشار، وإذا رأيتم أن نأخذ مذكرة رسمية من هيئة المستشارين ونناقشها في المجلس، وإذا أردت أخذ رأي جهة أخرى فلا مانع من ذلك».
وفي مداخلة ملؤها الاستغراب، استغربت رئيسة لجنة الخدمات جهاد الفاضل من كلام جمال فخرو، معبرة عن رفضها له بالقول: «كلامه غير مقبول، الفرد في مجلس الشورى مشرع، كل مقترح يقدمه الفرد أو الأعضاء فنحن مشرعون».
وأكدت أن «الكلام غير مقبول، لا أعرف ماذا أقول، أستغرب من كلام جمال فخرو، وأشكر الحكومة، وتواجد الحكومة في المقترحات بقانون سيسهم في توفير الوقت والجهد لنجاح المقترح».
ورأى العضو المعاودة أن تعليق فخرو الثاني أخطر من السابق. وقال: «درجنا على خلاف ذلك! كيف وممثل الحكومة يقول إن الحكومة مستعدة، ولا يتعارض مع المواد التي ذكرت!».
وبيّن أنه «عندما نطلب رأي الحكومة ليس معناه أن يأتي رئيس الحكومة أو الوزير، أو المسئول، بل الشخص المختص في المقترح المطروح، يأتي ويبين رأي ويعطي معلومات، هل المقترح صحيح ونافع، وفي كثير من الأحيان يُتبنى رأي الحكومة، أما ما درجنا عليه، فنحن أعضاء في لجان ويحضر إلينا ممثلون عن الحكومة.
وقالت العضو سوسن تقوي «متفاجئة من الكلام الذي أسمعه الآن، اللائحة والدستور تعطينا الحق في تقديم الاقتراح والاستئناس برأي الحكومة، ونحن نرفض هذا الحق؟»، مؤكدة أن الاستئناس برأي الحكومة «حق أصيل للأعضاء». وأضافت «كثير من الأعراف ليس صحيحا فهل نمشي عليها».
وفي تعبيرها عن إفساح المجال أمام الأعضاء لإبداء رأيهم في الموضوع المذكور، وصفت العضو دلال الزايد رئيس مجلس الشورى علي الصالح، قائلة «يا زينك من رئيس، لا تأخذك العزة بالإثم».
وعبرت عن فرحتها لتوحد آراء الشوريين باستثناء جمال فخرو، حول حق حضور الحكومة في اجتماعات اللجان، مؤكدة أن مداخلاتهم مثبتة في مضبطة الجلسة، وبذلك لا حاجة للاستماع إلى آراء القانونيين حول المادة (94) من اللائحة.
ورأت أن «المجلس سيد قراره في تفسير نصوص اللائحة الداخلية، ونفخر أن أعضاء المجلس ممن أمضوا في المجلس 12 عاماً أو 4 أعوام توافقوا في المضمون والحق الذي لديهم بموجب القانون».
وفي مداخلة له على الموضوع، قال رئيس المجلس علي الصالح: «حتى لا نتوه، أحب توضيح نقطة مهمة، المقترح بقانون هو حق لأي عضو من الأعضاء أن يتقدم به للمجلس، ويرفع للرئيس ويحيله للمستشارين، وإذا كانت هناك أي ملاحظة يُتفاهم مع مقدمي الاقتراح».
وأضاف «أشيد بكلام الوزير وقد يكون هناك استعداد لأن يحضروا، والاستئناس برأيهم، ولكن ليس ما يقوله المسئول الحكومي سواءً أكان وزيراً أو مسئولاً، فرأيه ليس ملزماً للحكومة».
وتابع «يجب أن نكون مرنين أكثر، وأقترح النظر في بعض نقاط القانون التي فيها لبساً، وتعديلها».
وأشار إلى أن «بعض اللجان عندنا دون أن أسميها، تريد اقتراح مشاريع بقوانين، وقبل اقتراحها تطلب منا دعوة بعض الجهات للاستئناس برأيهم، ولكن يأتينا الرفض، بأنه ليس هناك مشروع قانون حتى نناقشه»، مؤكداً انفتاح مجلس الشورى على الجميع، ويريد الاستئناس برأي الحكومة في موضوعاته.
ولفت إلى أن «سمو رئيس الوزراء في مجلسه الأسبوعي، يؤكد على التعاون بين السلطات، ويحث الوزراء على التعاون لأبعد الحدود، وهذه رغبة السلطة التنفيذية، ورغبة السلطة التشريعية، ويجب أن نفعل هذه النوايا الطيبة بمزيد من التعاون حتى تسير العملية التشريعية بسلاسة، وننجز ما يمكن إنجازه من أجل هذا البلد الطيب».
وفي مداخلة أخرى، شكر العضو خالد المسقطي الوزير البوعينين، معتبراً إبداء استعداده لحضور الحكومة في اجتماعات اللجان «ترجمة واضحة للمادة (32) من الدستور، هذا هو التعاون والفصل بين السلطات، وأيضاً المادة (38) من اللائحة الداخلية، فهي جاءت بما هي مسئولية اللجنة بكل ما يعرض عليها».
وفي رأي قانوني، أوضح رئيس هيئة المستشارين القانونيين، عصام البرزنجي، أنه «لا يمكن الركون لمادة واحدة فيما يتعلق بعمل المجلس ولجانه، فهناك عدة مواد تنظم موضوع مناقشات المجلس واللجان».
ورأى أن «الاقتراحات بقانون تحتاج إلى استطلاع الوزارة المختصة بشأن الاقتراح، ومن يدعون من ممثلي الحكومة قد يفيدوا اللجنة في تقريرها، وكثيراً ما يشير ممثلو الحكومة عند مناقشة بعض الاقتراحات إلى أن هناك مشروعا حكوميا سيقدم للسلطة التشريعية، وبالتالي يسحبون الاقتراح. واللجنة ينبغي أن تبذل جهدها في أخذ آراء جميع الأطراف عند كتابة تقريرها».
وانتهى المجلس من الجدل والنقاش حول حضور الحكومة في اجتماعات اللجان عند مناقشة الاقتراحات بقوانين، وهو أمر لم يكن مدرجاً على جدول أعمال الشورى، انتهى من النقاش بمداخلة وزير شئون المجلسين، مؤكداً أن «عدم حضور الحكومة في اجتماعات اللجان لا يقدح في السلطة التشريعية، بل يعطي صاحب الحق حقه، وهذه المادة (94) تعلي من السلطة التشريعية، ويقول هذا شأنك فافعلي ما شئت، ثم يأتي دور السلطة التنفيذية».
وقال: «الحكومة على استعداد لحضور أي اجتماع أو جلسة عامة أو مناقشة اقتراح بقانون، ومستعدة لأعلى تعاون».
وصوّت الشوريون على إرجاع مقترح بقانون لتشديد العقوبة على الجرائم الانتخابية بشأن نظام انتخاب المجالس البلدية، إلى لجنة المرافق العامة والبيئة لمزيد من الدراسة، فيما اعتبر عضو اللجنة محمد الخزاعي أن اللجنة «تسرعت في رفض الاقتراح».
العدد 5175 - الأحد 06 نوفمبر 2016م الموافق 06 صفر 1438هـ
كلام فخرو عدل ما يحتاج يحضرون بس الشوريون ما يعرفون يصيغون قوانيين وينتظرون مال الحكومة تصيغه واهم يبصمون او تعديل خفيف