العدد 20 - الأربعاء 25 سبتمبر 2002م الموافق 18 رجب 1423هـ

الإسلاميون و«مثلث الشر»

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

الإسلاميون في العالم العربي - الإسلامي في حيرة من أمرهم. فالحيرة أوصلتهم إلى مواقف تائهة لا يُعرف أين تكمن مخارجها ومداخلها. ومع ذلك يصر «مثلث الشر» في البيت الأبيض (تشيني، رامسفيلد، رايس) على وضعهم في خانة واحدة ومحاكمتهم جميعا بتهمة واحدة على رغم ان هناك الكثير من الخلافات بينهم تصل أحيانا إلى نسبة أعلى من درجة اتفاقهم.

نظرة سريعة إلى المشهد السياسي العربي - الإسلامي تعطي الكثير من الصدقية للحديث عن اختلاف «مقالات الإسلاميين».

في المغرب مثلا يطالب الإسلاميون بحرية التنظيم وخوض الانتخابات باستقلالية، وترفض حكومة «الاتحاد الاشتراكي» السماح لهم بهذا الحق. وفي الجزائر فاز الإسلاميون في الانتخابات فانقلبت السلطة عليهم، فوضعت الفائز في سجون الصحراء والساقط في الانتخابات في المجلس النيابي. في تونس طالب الشيخ راشد الغنوشي بالحق في «التنفس» وحصل عليه في بريطانيا. وفي الجماهيرية (الشعبية الديمقراطية الاشتراكية العظمى) الليبية ممنوع التلفظ باسم الإسلاميين.

وفي مصر لاتزال المناوشات قائمة منذ 20 سنة وكل يوم نسمع النبأ نفسه (اعتقال، إفراج، محاكمة) ثم (محاكمة، إفراج، إعادة اعتقال) والمطلوب هو إلغاء قرار للمحكمة العسكرية صدر في الخمسينات عطل حق الإسلاميين بإنشاء هيئة ناطقة باسمهم. وفي السودان قام الشيخ حسن الترابي بانقلابه مع فريق من مريديه وحين فرح الانقلابيون بالسلطة وضعوا «الشيخ» في الإقامة الجبرية وتفرّق المريدون على المناصب الوزارية.

وفي الأردن وافق النظام على «مشاطرة» الإسلاميين ربع السلطة، ومع ذلك هناك من يرى ان «الربع» حصة كبيرة يجب خفضها في وقت تدل المؤشرات على ان حجم الإسلاميين أكبر من (ربع البرلمان).

وقس على ذلك من الأمثلة التي لا تنتهي وصولا إلى ماليزيا واندونيسيا ومرورا بالهند وباكستان.

أما تركيا فحدّث من دون حرج. دولة أوروبية يراد منها احترام حقوق الإنسان كشرط لاحتلال العضوية الكاملة في «الاتحاد الأوروبي» ويستثنى من هذا الشرط حق الإسلاميين في حرية الحركة والتنظيم والتعبير عن الرأي. هذا غير مسموح به في أجندة المجلس العسكري الحاكم (حامي العلمانية وحارسها) ولا اعتراض عليه من قبل المجلس الأوروبي في بروكسيل.

نجم الدين اربكان فاز في الانتخابات البرلمانية قبل سبع سنوات، وقبل ان يكمل سنته الأولى في الحكم انقلب عليه المجلس العسكري وأصدر جنرالات أنقرة سلسلة قرارات «علمانية» تمنع الإسلاميين من حق تشكيل هيئتهم السياسية وتحرم على الطالبات ارتداء الحجاب؛ لأن الأمر يخدش مشاعر العلمانية ونظام الجنرالات!

نجم الدين اربكان تحدى القرار وأعلن انه سيترشح لدورة الانتخابات المقبلة التي ستعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. الجنرالات رفضوا التحدي ومنعوا أربكان من الترشح وهددوه بالإحالة على المحكمة العسكرية؛ لأنه خالف قرارات «العلمانية». في تركيا يريد الإسلاميون الديمقراطية أو على الأقل يريدون حرية التعبير وحق الترشح. وفي تونس كذلك، وفي الجزائر الأمر نفسه. وأيضا في مصر والمغرب. طموح الإسلاميين إعطاء الحد الأدنى من حق التنظيم والتفكير والترشح... وفي البحرين حصل العكس. أعطي البعض حق الترشح فرفض بذريعة ان شروط «اللعبة البرلمانية» غير مكتملة مئة في المئة.

الإسلاميون في تركيا يترشحون للانتخابات وتمنعهم السلطة بذريعة مخالفة الدستور. والإسلاميون في البحرين تمنحهم السلطة حق الترشح فيمتنعون عن أخذ الفرصة بذريعة أنها مخالفة للديمقراطية. وهكذا دواليك.

هنا مع الشيء وهناك ضده. والعكس هو العكس.

وعلى رغم كل هذه التعارضات والاختلافات في توجه الإسلاميين من المحيط إلى الخليج ومن اندونيسيا إلى سيرينام (أميركا اللاتينية) يصر «مثلث الشر» في البيت الأبيض على وضع كل المسلمين (وليس الإسلاميين فحسب) في قفص الاتهام والعقاب الجماعي... حتى لو لم تتوافر الأدلة

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 20 - الأربعاء 25 سبتمبر 2002م الموافق 18 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً