تمكن زعيم حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للأكراد في تركيا صلاح الدين دمرتاش، من ان يصبح خصم الرئيس رجب طيب اردوغان بعدما قاد حزبه الى تحقيق انجازات غير مسبوقة، لكنه يبدو اليوم محرجاً اكثر من اي وقت.
فقد اوقف دمرتاش والرئيسة الاخرى لحزب الشعوب الديموقراطي فيغان يوكسك داغ رهن التحقيق ليل الخميس الجمعة في اطار تحقيق "لمكافحة الارهاب" على صلة بحزب العمال الكردستاني.
نجح دمرتاش المحامي الشاب والكاريزماتي (43 عاما) في ان يحجز لنفسه مكانا على الساحة السياسية وتمكن من جعل حزب الشعوب الديموقراطي يساريا معاصرا بحيث بات ثاني اكبر حزب معارض في تركيا.
حقق الحزب برعاية "اوباما الكردي"، وهو اللقب الذي يطلق احيانا على دمرتاش، اختراقا تاريخيا في الانتخابات التشريعية في يونيو/ حزيران 2015 حاصداً ثمانين مقعداً في البرلمان، ما حرم الحزب الحاكم الغالبية المطلقة.
لكن هذا الانتصار جعل دمرتاش هدفا دائما لاردوغان الذي يتهمه دائما بانه يتلقى اوامر "سكان الجبال"، في اشارة الى الكوادر القيادية لحزب العمال الكردستاني الذي تقع قواعده الخلفية في جبل قنديل.
وتعقدت الامور اكثر بالنسبة الى دمرتاش وحزبه اثر محاولة الانقلاب في يوليو/ تموز. فالسلطات كثفت عملية التطهير بحق من تشتبه بانهم انقلابيون وطاولت حملتها الاوساط الموالية للاكراد.
وفي مقابلة مع فرانس برس بعد محاولة الانقلاب، ابدى دمرتاش خشيته ازاء استغلال حال الطوارىء التي اعلنت في تركيا لممارسة قمع يتجاوز الى حد كبير ملاحقة المتهمين بالانقلاب الفاشل.
ويبدو انه كان على حق، فالاعتقالات شملت قيادة حزب الشعوب الديموقراطي وبينهم 12 نائبا اوقفوا رهن التحقيق الجمعة.
ضد الانقلاب وضد اردوغان
منذ الانقلاب الفاشل، حذر دمرتاش مرارا مما سماه "انحراف ديكتاتوري" لاردوغان، مبديا معارضة شديدة للنظام الرئاسي الذي تسعى الحكومة التركية الى تكريسه.
واكد لفرانس برس انه يرفض الانقلاب لكنه يرفض ايضا سياسة الحكومة، وقال "في الواقع، نعتقد ان الاخطاء التي ارتكبها اردوغان هي التي ادت الى الانقلاب".
ولد دمرتاش في مدينة ايلازيغ (شرق) ذات الغالبية الكردية وهو الابن الثاني في عائلة من سبعة اولاد. يروي انه ادرك هويته الكردية حين كان في الخامسة عشرة، لدى تشييع سياسي قتلته قوات الامن في دياربكر كبرى مدن الجنوب الشرقي ذي الغالبية الكردية.
بعدما حاز شهادة الحقوق، زاول دمرتاش المحاماة لفترة قبل ان يخوض المجال السياسي.
انتخب في 2007 وبرز على الصعيد الوطني في الانتخابات الرئاسية في أغسطس/ آب 2014 حين تجاوز عتبة العشرة في المئة.
تمرد على القوالب السياسية التقليدية ورسم في اذهان انصاره صورة رب الاسرة الصالح القريب من زوجته وابنتيه.
ووسع حزب الشعوب الديموقراطي في ظل رئاسته قاعدته الشعبية متجاوزا اكراد تركيا (15 مليوناً)، وبات حزباً ذا بعد اجتماعي منفتحاً على النساء وجميع الاقليات.
لكنه واجه صعوبات جمة بعدما تجددت في صيف 2015 هجمات حزب العمال الكردستاني على الشرطة والجيش اثر فشل مفاوضات السلام التي كانت بدات نهاية 2012.
وفي الانتخابات التشريعية المبكرة في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، خسر حزب الشعوب 21 نائباً لكنه لا يزال اليوم القوة السياسية الثالثة في البرلمان.
يصر دمرتاش على ان "لا علاقة عضوية تربطنا بحزب العمال الكردستاني" رغم انه يشعر بحرج كبير لانضمام شقيقه الى المتمردين.
واكد حزب الشعوب الديموقراطي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 ان دمرتاش تعرض لمحاولة اغتيال عبر اطلاق رصاصة على سيارته. غير ان السلطات التركية نفت حصول هذا الهجوم.
اردوغان في أزمة و ضعيف. لو كان قويا لما فصل كل هؤلاء الموظفين و العسكريين و الشرطة. المستقبل ليس في صالحه. تاريخ مكرر.
لكن من يتعظ؟
مصاب اردوغان بجنون العظمة و الوسواس القهري و فوق كل ذلك بمرض سوء الظن في الجميع