رفع المشاركون في أعمال المؤتمر الوطني الثالث للمرأة البحرينية، خالص التهاني والتقدير إلى قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، بمناسبة نجاح أعمال المؤتمر الذي أقيم على مدى ثلاثة أيام، تحت رعاية كريمة من سموها، مؤكدين أهمية الدعم الذي تحظى به المرأة البحرينية من قبل الإرادة السياسة والذي له الدور الأكبر في تعزيز حضورها في جميع المجالات وعلى مختلف الأصعدة.
وفي ختام أعمال المؤتمر الوطني الثالث للمرأة البحرينية، الذي أقيم تحت عنوان "المرأة والقانون: مسيرة وإنجاز... تحديات وتطلعات"، على مدى ثلاثة أيام، صدرت عدد من التوصيات تلتها الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري، تناولت محاور أساسية هي التشريعات والقرارات التنفيذية واللوائح الإدارية، والخدمات القانونية المقدمة للمرأة والأسرة البحرينية، وبرامج التوعية والتدريب الخاصة بالمرأة.
فعلى صعيد التشريعات والقرارات التنفيذية واللوائح الإدارية، قالت الأنصاري إن المؤتمر أوصى بالإسراع في استكمال قانون أحكام الأسرة باعتباره حاجة مجتمعية ملحة، وإصدار مذكرة تفسيرية شارحة للأحكام الواردة في القسم الأول من القانون بما يساهم في التسهيل على المتقاضين، والمحامين، والإسراع في اتخاذ إجراءات فورية لمنح الخصوصية للقضاء الأسري، من خلال إنشاء مبنى مستقل لمحاكم الأسرة يأخذ بعين الاعتبار طبيعة وخصوصية وسرية القضايا الأسرية، ومراجعة وتعديل القرارات التنفيذية واللوائح الإدارية لصندوق النفقة بما يساهم في تخفيف معاناة المرأة وأبنائها المستحقين للنفقة.
وأكدت الأنصاري أهمية الإسراع في إصدار القرارات التنفيذية الخاصة بقانون الحماية من العنف الأسري ورعاية ذوي الإعاقة، وتعديل قانون الإجراءات أمام المحاكم الشرعية باعتباره قانوناً مسانداً لقانون أحكام الأسرة، وتفعيل الأدوات الرقابية لضمان حسن تنفيذ التشريعات الوطنية والقرارات الوزارية واللوائح الإدارية التنفيذية، وأضافت أن المؤتمر حث السلطة التشريعية للإسراع في تعديل قانون الجنسية وفق شروط وضوابط موضوعية بما يكفل تخفيف معاناة أبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي، ومواصلة مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالشأن النسائي دورها في الرقابة المجتمعية فيما يتعلق بإصدار وتعديل وتفعيل القوانين والقرارات التنفيذية اللازمة وذات العلاقة بالأسرة البحرينية.
وعلى صعيد الخدمات القانونية المقدمة للمرأة والأسرة البحرينية، فقد أكدت ضرورة تطوير العمل القضائي عبر تزويد محاكم التنفيذ بمتخصصين في الإرشاد الأسري والنفسي لمساعدة الأسرة ودعمها معنوياً خلال كل مراحل الدعوى، والإسراع في فتح أفرع لمكتب التوفيق الأسري في المراكز الاجتماعية وربط العمل إلكترونياً لتسهيل وصول الأسرة البحرينية لخدمات المكتب، ودعت إلى مواصلة تشجيع القطاع الخاص على تقديم الدعم لتجويد وتنويع الخدمات القانونية/ الاجتماعية الموجهة للأسرة البحرينية.
وذكرت الأنصاري أن المؤتمر شدد على ضرورة وضع وتفعيل برامج تمكين المرأة والخدمات المساندة لعمل المرأة من خلال تفعيل دور لجان تكافؤ الفرص في المؤسسات القانونية والعدلية، وخصوصاً على صعيد سد الفجوات بين المرأة والرجل في المجال القانوني والعدلي، وضرورة زيادة عدد القضاة في المحاكم الأسرية واستكمال تشكيل الكادر الوظيفي المتخصص في مكتب التوفيق الأسري مع توفير برامج التدريب المناسبة.
أما فيما يتعلق ببرامج التوعية والتدريب، فقد أوضحت الأنصاري أن المؤتمر أشار إلى أهمية إصدار دليل تشريعي متخصص لبيان أوجه استثمار الأدوات الدستورية والرقابية للسلطة التشريعية في مجال قضايا المرأة وإدماج احتياجاتها، وزيادة القدرة الاستيعابية لبرامج التدريب التخصصية لخريجي كليات الحقوق من الجنسين لرفع مستوى أدائهم في الوظائف والمناصب القانونية والعدلية.
وأكدت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة أن المؤتمر أشاد بما تحقق في مملكة البحرين من تطوير على منظومة التشريعات الوطنية والقرارات الوزارية التنفيذية واللوائح الإدارية، وأكد أهمية استكمال تطويرها بما يتلاءم مع مواد الاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بالمرأة وبمراعاة تامة لخصوصية المجتمع البحريني وأحكام الشريعة الإسلامية السمحاء، كما أشاد المؤتمر بإنشاء مكتب التوفيق الأسري وإقرار إلزامية اللجوء إليه قبل رفع النزاع إلى المحاكم الشرعية، مع التأكيد على أهمية التكامل بين جميع المؤسسات الرسمية والأهلية وأصحاب الاختصاص في تقديم ذات الخدمات والتوسع في تقديم خدمات التوفيق الأسري، سعياً نحو تخفيض حالات الطلاق والتقليل من كلفته وآثاره غير المرجوة على حياة الأسرة البحرينية.
وأشادت الأمين العام بالمجلس بالمشاركة الفاعلة للشباب من الجنسين، ومن طلبة كليات الحقوق في جميع الجامعات بالمملكة، معربة عن تقدير المؤتمر لجهودهم في تنظيم أعمال الملتقى الحقوقي الخامس الذي أقيم تحت شعار "المرأة والشباب في ظل القانون" بتنظيم من كلية الحقوق بجامعة البحرين، باعتباره أحد الفعاليات المصاحبة لمناسبة يوم المرأة البحرينية لهذا العام 2016.
وفي مداخلة له خلال المؤتمر، أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء سالم الكواري أهمية الإسراع بإصدار الشق الثاني من قانون الأسرة، وبما يضمن تمتع جميع النساء البحرينيات بحقوقهن كاملة غير منقوصة، وخاصة أن ميثاق العمل الوطني والدستور أكدا على الحريات والحقوق كاملة غير منقوصة.
وقال الكواري: "نحن في أمس الحاجة لأن تكتمل حقوق المرأة عبر استكمال إصدار قانون أحكام الأسرة"، وتساءل مستغرباً: "بأي حق تأخذ نصف النساء في المجتمع حقوقهن فيما يبقى النصف الثاني محروماً من هذه الحقوق، وتضيع قضاياه الشرعية في الاجتهاد الفقهي"، وأضاف "نحن نريد لأية امرأة تلج إلى المحاكم أن تعرف حقوقها واضحة عبر وجود نص قانوني وإجراءات متكاملة تحدد ما للمرأة وما عليها".
وكان المؤتمر الوطني الثالث للمرأة البحرينية قد أقام في يومه الثالث والأخير جلسة تحت عنوان "واقع حضور ومشاركة المرأة في المجال القانوني والعدلي"، ترأسها رئيس محكمة الاستئناف العليا السادسة القاضي إبراهيم سلطان الزايد، وجرى خلالها مناقشة ورقتي عمل تقدمت بالأولى وكيل بالمحكمة الكبرى المدنية ورئيس لجنة المنازعات الإيجارية القاضية مي سامي مطر، بعنوان "فرص عمل المرأة في المجال القانوني والعدلي... الواقع والطموح" عرضت فيها واقع فرص عمل المرأة في المجال القانوني والعدلي للوقوف على التحديات الرئيسية التي أدت إلى تحديد الشكل الحالي لمشاركة المرأة ولتقرير ما يمكن عمله مستقبلاً.
وقدمت الورقة الثانية مستشارة إدماج احتياجات المرأة بالمجلس الأعلى للمرأة بهيجة محمد الديلمي تحت عنوان "النموذج الوطني لإدماج احتياجات المرأة ودوره في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في المجال القانوني والعدلي" عملت خلالها على تحليل واقع المساهمات القانونية والعدلية للمرأة البحرينية من منظور تكافؤ الفرص، وتحديد الفجوات الكمية والنوعية بين المرأة والرجل في هذا المجال، والتأثيرات المباشرة وغير المباشرة للفجوات على تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص، وبيان الأثر المتوقع لحضور المرأة ومساهماتها النوعية في المجالات ذات التأثير والقيمة المضافة لاستكمال دائرة إسهامها النوعي في المجال القانوني والعدلي.
وشهد اليوم الثالث من المؤتمر أيضاً عقد جلسة حوارية ترأستها أستاذ مساعد القانون الخاص بكلية الحقوق في جامعة البحرين وفاء يعقوب جناحي جرى خلالها استعراض مخرجات الملتقى الحقوقي الخامس "المرأة والشباب في ظل القانون"، وتحدث فيها كل من نورة الشملان، وحنان المولى، والمحامي سيدهادي العلوي، والطالب محمد العمادي.
وجاء انعقاد المؤتمر الوطني الثالث للمرأة البحرينية بمثابة الوقفة النوعية المكملة للانطلاقة الأولى، المتمثلة في انعقاد المنتدى الأول لقمة المرأة العربية الذي أقيم تحت شعار "المرأة والقانون" في العام 2001، ليرصد المؤتمر خمسة عشر عاماً من الإنجازات الوطنية في مجال وضع وتطوير التشريعات وتحسين الخدمات القانونية، وللبناء على ما تحقق في مجال حفظ وحماية حقوق المرأة والأسرة في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وعقد المؤتمر الوطني الثالث للمرأة البحرينية، تحت شعار "المرأة والقانون: مسيرة وإنجاز... تحديات وتطلعات"، بتنظيم من المجلس الأعلى للمرأة وبالتعاون مع المؤسسات القانونية والعدلية والاتحاد النسائي البحرين، وذلك خلال الفترة من الأول إلى الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، في مملكة البحرين، بالتزامن مع مناسبة يوم المرأة البحرينية الذي خصص للاحتفاء بالمرأة البحرينية في المجالين القانوني والعدلي.