اتفقت مجموعة من كبار الأدباء والمثقفين العرب على أن الثقافة العربية تحتاج إلى المزيد من الدعم كالذي تقوم به الشارقة بشكل متفرد في الوقت الحاضر، وأنه لا خوف على اللغة العربية كهوية ثقافية من تقادم الزمان، وكثرة الآيديولوجيات المحيطة بها سابقاً ولاحقاً، وإنما هناك قلق من الثورة التقنية التي تفرض نفسها، وتحقق روابط واسعة، وتخترع مفردات ضخمة قد تؤدي إلى تهميش اللغة العربية، وبالتالي التأثير المباشر في الهوية العربية.
جاء ذلك خلال ندوة (الثقافة العربية، من أين؟، وإلى أين؟) التي نظمتها هيئة الشارقة للكتاب على قاعة الإحتفالات بمعرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يستمر لغاية 12 من نوفمبر الحالي، شارك فيها كل من: الدكتور صابر عرب، والدكتور غسان سلامة، والدكتور مصطفى الفقي، وأدارها الإعلامي محمد خلف.
أول المتحدثين كان الدكتور غسان سلامة الذي بين الفرق بين العروبة كثقافة والعروبة كفكرة، فمن حيث أنها ثقافة تعني أن لدى العرب مشتركات عدة تلتقي تحتها، وهي راسخة في التواصل وباقية مهما تغيرت الإتجاهات الإيدلوجية الأخرى، أم العروبة كفكرة، فعلى الرغم منا أنها كانت تمر بفترة ذهبية في الخمسينات من القرن الماضي مثلاً، إلا أنها انهارت بسبب الخلافات السياسية، لذلك لا يمكن الخلط بين العروبة كثقافة والعروبة كفكرة لأن الأولى باقية والثانية متغيرة.
الدكتور صابر عرب أشار إلى أن اللغة العربية، وهي إحدى أبرز مقومات الثقافة العربية، قد تختلف من حيث اللهجات المنتشرة في البلاد العربية من بلد لآخر، لكنها لا تزال مفهومة عند العرب جميعاً، لكن السؤال هو: هل ستستطيع استيعاب المستجدات العلمية والثقافية وغيرها؟، مؤكداً أنها سوف تستمر، لكنها تحتاج إلى دعم المؤسسات الثقافية والجامعات لا سيما في مجال العلوم التجريبية، لمواكبة الحداثة ويرى مع ذلك أنها باقية ما بقي العرب في الوجود.
وسخر الدكتور مصطفى الفقي من الرأي القائل أن اللغة العربية تقف عائقاً أمام مسيرة التقدم، في حين أنها استطاعت استيعاب جميع الحضارات السابقة بما فيها من فرعونية وإغريقية ويونانية ورومانية، وواكبت جميع العلوم والمخترعات، مبيناً أنه لا أحد يستطيع أن يقول أن اللغة الصينية مثلاً تقف أمام تقدم مسيرة العلوم هناك، فلماذا يقال هذا عن اللغة العربية؟، وأكد أن اللغة العربية هوية، وليست رداء يمكن لبسه أو خلعه حسب الظروف والمستجدات.
وأضاف الفقي، مشكلة العروبة اليوم عدم وجود قيم ثقافية جامعة، لأن القيم الثقافية هي التي تجمع الأمم، وتعمل على الإندماج ببقية البشر، فالإتحاد الأوروبي على سبيل المثال لا تجمعه اللغة ولا المشتركات الأخرى التي تجمع العرب، لكنهم اجتمعوا بسبب الجانب الثقافي الذي يمتلكونه، فأسسوا هذا الكيان الكبير المعروف حالياً.
واعترض الدكتور صابر عرب على مفهوم (الأمن الثقافي العربي) المتداول في الأوساط الثقافية، وهو ما يؤدي بها إلى الإنزواء والفناء، في حين أن المطلوب الحالي هو التواصل والحوار والإندماج مع الآخر، وأكد الدكتور مصطفى الفقي أن جاذبية أي لغة تتوقف على ثقافة من يتكلم بها، وعلى العرب التفكير بالمحتوى لإعادة الجاذبية للغة، ودعا الدكتور غسان سلامة إلى عدم التوسع في بناء الجامعات لا سيما ذات اللغات الأخرى، والتفكير الجدي في بناء جامعات من حيث النوع لا الكم تفرض احترامها من خلال ما تنتجه من فكر وبحث علمي متميز وراسخ.
هذا ويتضمن الجدول الثقافي لمعرض الشارقة الدولي للكتاب لهذا اليوم الجمعة 4 من نوفمبر العديد من الفعاليات بينها: فعالية (روايات) يلتقي فيها جمهور المعرض مع المؤلف الهندي هيرانيا جاربام، ويقدم س. جوبالا كريشنان محاضرة عن الهنود وشعب الملايا، وندوة الشعر وجمهوره العريض لمجموعة من الأدباء، ومصطلحات نقد الرواية، والعديد من الأماسي الشعرية، والتوقيع على مجموعة من الكتب.