أكد الباحث في دائرة الشئون الإسلامية والعمل الخيري، عبدالحكيم الأنيس أن الوصول إلى الكتاب بطريقة مجانية، لا يكون إلا بالإعارة، وذلك خلال استعراضه لتاريخ إعارة الكتب في ندوة حملت عنوان "تاريخ إعارة الكتب"، اقيمت، أمس الأربعاء (2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)، في ملتقى الأدب، على هامش فعاليات الدورة الـ 35 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يستضيفه مركز اكسبو الشارقة حتى 12 نوفمبر الجاري.
وقال الأنيس خلال الندوة أن الجميع يسعى للحصول على المعرفة، التي قد تكون مدفوعة الثمن أو مجانية، بحسب الباحث عنها، وأشار إلى أن إعارة الكتب، هي طريقة مجانية للحصول على المعلومة والمعرفة. وأكد الأنيس أن مبدأ الإعارة قديم جداً، وكان معروفاً ومنتشراً لدى الأمم السابقة.
وقال: "عندما نقرأ تاريخ الكتاب والمكتبات نستشعر ذلك". وأضاف: "هناك نظامين من الإعارة داخل المكتبات، الأول خارجي بمعنى أنه يسمح بإخراج الكتاب، والثاني داخلي، وكثير من المكتبات كانت ولا تزال تعتمد نظام الإعارة الداخلي، كما في مكتبة الاسكندرية التي كانت بمثابة إشعاع نور، وكذلك مكتبة السوربون التي اعتمدت هذا النظام في القرن الرابع عشر، حيث لم يكن يسمح بخروج الكتاب من حرم المكتبة، إلا في ظروف معينة وليوم واحد فقط، وذلك بناءً على قاعدة أن وجود الكتاب خارج المكتبة معناه بداية نهايته".
وأشار الأنيس إلى أن الإعارة نشأت لدينا منذ زمن قديم، وكانت ذات ملمح أخلاقي بسبب نشر المعرفة، قائلاً: "المبادئ الأخلاقية لدينا ترى حرجاً بمنع العلم عن طالبه، وبالتالي فلا يجدر منع الكتب عن طالبيها".
وفي سياق أخر، تطرق الأنيس إلى الأحكام الشرعية التي وردت في إعارة الكتب. وبين أن العلماء اختلفوا في ذلك، فمنهم من رأى أنها واجبه من أجل إشاعة العلم، ومنهم من قال إنها مستحبة للغرض نفسه، فيما بين آخرون بأنه مكروه ولكنهم ذكروا ذلك بدون دليل، وقال: "في الحالة الأخيرة لا يوجد لدينا دليل واضح، ولكن قد يكون حكم الإكراه هنا قد أخذ قياساً على إضاعة المال، وهذا لا يجوز شرعاً، لأن بعض العلماء يعتقد أن إعارة الكتاب قد تؤدي إلى الإساءة إليه أو اتلافه، وهذا يأتي في إطار إضاعة المال".
وخلال الندوة، بين الأنيس العديد من مخاطر الإعارة وتأثيرها على الكتاب نفسه، وأيهما أفضل استعارة الكتاب أم شراءه، وأورد في ذلك العديد من الأمثلة، ودعا في الوقت نفسه إلى ضرورة أن تكثر المكتبات العامة وأن يتاح فيها إعارة الكتب، شرط أن يكون هذا الأمر مقنناً، وضمن قواعد محددة، وقال: "الاكثار من المكتبات، فيه فتح أبواب جديدة أمام الجمهور للحصول على المعرفة، وإعارة الكتب بلا شك فيها دعوة إلى نشر العلم والمعرفة".