العدد 5171 - الأربعاء 02 نوفمبر 2016م الموافق 02 صفر 1438هـ

إعلاميون ومثقفون: اللوم على الديكتاتوريات والأمية و«المزبلة الإنترنتية»

في ندوة بملتقى الفجيرة بشأن دعم الإعلام العربي للقراءة...

المشاركون في جلسة: هل يدعم الإعلام القارئ العربي؟
المشاركون في جلسة: هل يدعم الإعلام القارئ العربي؟

الفجيرة - منصورة عبدالأمير 

تحديث: 12 مايو 2017

اقترح الكاتب والروائي السوري نبيل سليمان الاستعانة بفن المراجعة الصحافية كوسيلة لإعادة القرَّاء إلى صفحات الصحف، مؤكداً الارتقاء بهذا الفن والبعد به عن الشللية والتحزّب. من جانبه لام الإعلامي اللبناني أحمد الزين الرقابة على المصنفات الثقافية في انحسار مستوى القرّاءة وعزوفهم عنها في العالم العربي.

جاءت تلك المقترحات والتوصيات خلال أولى جلسات الدورة السابعة لملتقى الفجيرة الإعلامي في الفترة ما بين 24 و 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، الذي نظمته هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام بفندق كونكورد الشارقة تحت عنوان «الإعلام والقراءة... الواقع والدور المنشود»، وتم بحضور نخبة من المثقفين والإعلاميين والمهتمين بشأن القراءة والمعرفة.

أقيمت الجلسة تحت عنوان «هل يدعم الإعلام القارئ العربي؟»، وتمت بإدارة الإعلامية منتهى الرمحي، وبمشاركة كل من: الروائي والصحافي اللبناني أحمد الزين، والكاتب والناقد السوري نبيل سليمان، والشاعر الروائي الإماراتي ناصر الظاهري.

الرمحي: التكنولوجيا والرقابة والأمية

بداية، أكدت الرمحي الدور الكبير والمؤثر للقراءة في رفع مستوى الذائقة الأدبية، ومستوى المعرفة والخبرات، وأشارت إلى ضرورة تسليط الضوء على العديد من الأمور التي تندرج تحت موضوع «الدعم الإعلامي للقارئ العربي».

وأشارت الرمحي إلى أنه لا يمكن تشجيع الأبناء على القراءة في ظل وجود الرقابة على بعض أنواع القراءة والكتب في العالم العربي، مؤكدة أن «الكثير من الكتب ممنوعة في معارض الكتب في العالم العربي».

وأضافت «التكنولوجيا جعلت القراءة تتدهور وهي التي نقلتنا من مرحلة البلوغرز إلى «فيس بوك»، ثم إلى «تويتر» وأخيراً إلى «سناب شات» وربما تنقلنا إلى لغة الصم والبكم»، متسائلة «كيف نشجع أبناءنا على القراءة في ظل هذا العالم التكنولوجي»؟

وتدليلاً على كلامها، قالت: «تفاجئني التعليقات التي يضعها بعض قراء المقالات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي. هذه التعليقات لا علاقة لها بمحتوى المقال بل بعنوانه فقط، ما يدل على أننا أمة لا تقرأ».

واستعرضت الرمحي بعض أرقام اليونسكو المتعلقة بالأمية في العالم العربي مشيرة إلى أنه «لدينا 22 مليون أمي في مصر، 11 مليوناً في السودان، 7 ملايين في اليمن، 5 ملايين في الجزائر ومثلها في المغرب، 4 ملايين في سورية ومثلها في العراق، ومليونان في السعودية ومليون في الكويت وكذلك في ليبيا».

ثم تساءلت «حين تكون لدينا هذه الأعداد في العالم العربي، كيف يمكن لنا أن نقنع الجيل الجديد بالعودة إلى القراءة وليس الاكتفاء بوسائل الإلهاء التي توفرها التكنولوجيا الحديثة».

وعادت أخيرا لتشيد بـ»المبادرة الأهم في العام 2016 وهي مبادرة «تحدي القراءة العربي» مشيرة إلى أنها اجتذبت ملايين الطلاب في جميع أنحاء العالم العربي وحفزتهم على القراءة».

الزين: تخصيص درجات لنشاط القراءة

بعدها قدّم الكاتب والصحافي اللبناني أحمد الزين أولى أوراق الجلسة؛ إذ استعرض دور الإعلام في الترويج للمعرفة وأهمية القراءة كوسيلة للخروج من العتمة، كما أكد ضرورة التنويع في مجالات القراءة والإبحار في أعماقها للاستفادة منها قدر الإمكان.

الزين لام الرقابة التي وصفها بالعمياء واعتبرها معوقاً أمام القراءة، كما حذر من الفوضى التي تحدثها وسائل التواصل الاجتماعي مشيراً إلى أنها «ربطت الحابل بالنابل».

واقترح الزين «تعميم نشاط القراءة وتخصيص علامة له» لكنه أرجع المسئولية في التحفيز على القراءة إلى الأسرة قبل كل شيء» كما أشاد بمبادرة»هيا نحتفل بعام القراءة» التي أطلقتها «طيران الإمارات» بالتعاون مع «غوغل» طوال شهر أكتوبر 2016.

وقال الزين: «بريطانيا ودَّعت الأمية في الثلاثينيات، والإمارات ودعتها العام 2015، وهذا معيار لقياس المشروع الثقافي، أما أن تكون لدينا أرقام ونسب الأمية التي ذكرت في باقي أرجاء العالم العربي فهذا لا يعني أننا بخير».

وأخيراً اقترح تشكيل «منظومة اجتماعية كاملة تعمل من أجل الانتقال من حال إلى آخر، يجب أن تكون هناك قوانين وتشريعات تشجّع على القراءة، كما يحدث في الإمارات».

سليمان: المراجعات النقدية مفتاح الحل

بعدها تحدث المؤلف والناقد السوري نبيل سليمان، عن الإعلام الأدبي العربي مناقشاً مدى دعمه للقراءة والقارئ. وبدأ سليمان حديثه من آخر ما وصل إليه الإعلام الأدبي وهو الإعلام الإلكتروني، واصفاً إياه بـ «المزبلة الإنترنتية» مشيراً إلى أنه «بدلاً من أن يكون الإعلام الالكتروني وسيلة داعمة للقراءة والقارئ، أصبح مضللاً له» وبأنه تم «الاكتفاء فيه بالبرشامات الأدبية والثقافية» مؤكداً بأنه على رغم ذلك، لا يمكن إغفال «كثير من الصفحات والمواقع الالكترونية التي تقدم فائدة حقيقية للقراء وبالتالي تؤشر إلى الوجه الناصع لما يمكن أن يكون عليه الإعلام الأدبي الالكتروني».

وقال سليمان، إن الإعلام بمختلف أنواعه، ورقياً وإذاعياً وتلفزيونياً، يحرض القارئ على القراءة. لكنه أشار إلى أن الإعلام الأدبي في هذه الأنواع أصبح عرضة لـ «هيمنة الخطاب السياسي، والشللية والعصبوية».

وقال، إن هذه «السوءات» انتقلت إلى الإعلام الالكتروني الذي أصبحت وطأة الأعلام السياسي فيه أشد منها في الإعلام المرئي والورقي، موضحاً بأن هذه السوءات «جاءت تحت وطأة الزلازل التي زلزلت بلاد العرب».

وقدم سليمان عدداً من المقترحات لتحفيز القراءة وإعادة القراء إلى صفحات الصحف، أولها عودة نشر الروايات المتسلسلة، مشيراً إلى أن أول رواية مسلسلة نشرت على صفحات الصحف كانت رواية خليل الخوري «وي، إذن لست بإفرنجي» وكان ذلك في العام 1950 حين نشرتها صحيفة «الأخبار»، ثم جاءت رواية «أولاد حارتنا» وغيرها من الروايات في مجلة «روز اليوسف».

وبالإضافة إلى ذلك، قال سليمان: «كانت بعض البرامج الأدبية تقدم مسرحيات وروايات شهيرة على حلقات، والآن هناك بعض النتاجات المرئية التي تعتمد على أصول أدبية».

والآن، أضاف سليمان «اختفت ظاهرة الرواية المسلسلة من إعلامنا العربي الأدبي بنسبة 99 في المئة»، ولذا اقترح أن «يفكر الإعلاميون والجهات القائمة على الإعلام جدياً بأمر الرواية المتسلسلة» معتبراً ذلك «أمراً مهماً في هذه المرحلة التي نعيش فيها فوراناً روائياً عربياً».

ومن أهم ما اقترحه سليمان، لإعادة القراء ولتحفيز القراءة الاستعانة بفن المراجعة والارتقاء بهذا الفن، موضحاً «الصفة التي كانت غالبة على الإعلام الأدبي العربي هي «فن المراجعة»، وهذا الفن الرفيع كان يسند إلى كبار النقاد والإعلاميين، ولا يزال كذلك في أرقى صحف العالم، أما لدينا فأصبح فن المراجعة بحالة لا يحسد عليها، كما أصبح ذو علاقة بالصحبة والشللية، ولذا فإنه بدلاً من أن يقدم خدمة إعلامية أدبية للقارئ، أصبح يضلله».

كذلك اقترح الناقد سليمان «الاهتمام بنشر المعارك النقدية» مؤكداً أنه لا يعني بها «المشاكسات والتحزبات» مذكراً بمعارك طه حسين وعباس محمود العقاد التي قدمت خدمات كثيرة للقراء والقراءة.

ومن اقتراحات سليمان توفير «عنصر المتعة والتسلية في كتاباتنا» مشيراً إلى أن «أكثر كتاباتنا جادة ومتجهمة. عنصر المتعة والتسلية فيها أصبح عنصراً ضعيفاً بعد أن كان عنصراً محترماً في السابق».

وأضاف «سيكون ذلك عنصراً قوياً محفزاً للشباب، والمسألة الأكثر أهمية هي أن نرى ما على الواقع من إيجابيات ونقاط مضيئة وندعمها».

نبيل الذي أشاد بمبادرات التحفيز على القراءة، اختتم حديثه قائلاً: «أنا أفكر بمستوى آخر. عن أي نوع من القراءة نتحدث، في بلدان لا تؤمّن فيها لقمة العيش ولا نعمة الأمان. عن أي قراءة نتحدث في بلدان يوجد فيها التخندق الفكري والأيديولوجي والسياسي والديني المتجلبب بلباس الإسلام. عن أي قراءة نتحدث في ظل الديكتاتوريات. لنعِد الحياة أولاً إلى بعض الدول قبل أن نتحدث عن القراءة».

الظاهري: الأسرة هي الأساس

بعدها انتقل الحديث للكاتب الإماراتي ناصر الظاهري، الذي أكد بأن وسائل الإعلام في بدايتها كانت مستجيبة للقارئ وتساعده في مختلف مجالات حياته، كما أوضح كيف ساعدت تلك الوسائل على تشجيع القراء بدءاً من الصحف وصولاً إلى الإذاعة والتلفزيون مؤكداً دور المدرسة والأسرة في التحفيز على القراءة.

وقال الظاهري: «باستطاعتنا أن نجذب القراء الجدد بوسائل جديدة تناسب عصرنا اليوم فجيل اليوم أكثر ذكاء وتطوراً من الأجيال السابقة، لذا يجب أن نجد له وسائل بعيداً عن الوسائل التقليدية. هذه مسئولية مجتمعية».





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً