العدد 19 - الثلثاء 24 سبتمبر 2002م الموافق 17 رجب 1423هـ

المستشفيات المزدحمة تبدأ احتياطات الحرب

يستعد مستشفى المنصور في بغداد إلى الحرب بينما يقوم بمعالجة عشرات الأطفال من السرطان ويكافح للتأقلم مع النقص في الدواء والمعدات الذي سببته عقوبات الأمم المتحدة.

وفي الوقت نفسه يخزن احتياطيا ما تبقى من امدادات للحرب. كما تم تجهيز ملاجئ الطوارئ للمرضى ووضع جدول طوارئ للعاملين فيه الذين تم ابلاغهم بالاستعداد إلى مغادرة بغداد إلى مناطق نائية عبر اشعار قصير.

ويقول مدير المستشفى، الطبيب لؤي غواشة «إنه عمل يتماشى مع ما يفعله كل انسان، فالناس في كل مكان يدّخرون الماء والغذاء والوقود والشموع... ونحن نقوم أيضا بكل ذلك، ولكنّنا ندّخر كل الأجهزة الطبية الأساسيةمن امدادات الدم والسوائل وغرف العمليات والمضادات الحيوية والمواد المخدرة والتي يحتاجها الإنسان في كوارث الحرب».

واستطرد قائلا: «سيعمل الموظفون في نوبات 24 ساعة، وسيكون لدينا استراحات ومواصلات جاهزة لنقل وإخلاء المرضى عند الضرورة. وهذه هي النشاطات العادية وقت الحرب». هل وافق هو على عرض العراق السماح بعودة مفتشي الأسلحة للأمم المتحدة؟ ألا يعتقد أن الحرب يمكن تفاديها؟ هل تحب أنت الحرب؟ هل تحب الموت؟ كلها أسئلة يطرحها غوشة البالغ من العمر 48 عاما، والذي تلقّى تدريبه في مستشفى لندن في وايتجابل.

وفي اجابته على ذلك يقول «أنا لا أحب كل ذلك بالطبع وأرحب بعودة المفتشين. والشعب الأميركي يدرك معاناة الشعب العراقي، ولكن المشكلة هي الحكومة الأميركية».

ويمثّل المستشفى العالم الصغير للمجتمع العراقي. وعلى رغم سنوات الصراع بين لجنة العقوبات التابعة إلى الأمم المتحدة والنظام العراقي - والذي أصبح فيه الدواء كرة قدم سياسية - هناك بعض التحسن في السنوات الأخيرة.

يقول العاملون في الحقل الطبي إنه مازال يسمح بتوافر المعدات والأدوية الكافية في كل مكان. ويبلغ راتب الطبيب المبتدئ قبل حرب الخليج 400 دولار أما الآن فـ 20 دولارا. ولكن تبدو الأمور أفضل من السنوات الماضية، ونتج عن الغزو والحرمان الطويل طرق حادة من الارتجال. ولكن أصبح كل هذا في خطر الآن. أصبحت المستشفيات جزءا من رحلة مرعبة مفتوحة لوسائل الاعلام وللناشطين ضد الحرب والشخصيات المهمة التي تحجّ إلى بغداد.

ويعتبر مستشفى المنصور منظرا بارزا للبؤس وفقدان الأمل. فقد ملئت أجنحة الأطفال بالمرضى الشباب الذين يعانون من السرطان، وهو نتيجة - كما يقول العراقيون وأطباء غربيون مستقلون - لليورانيوم المستنفد الذي استخدمته الولايات المتحدة وبريطانيا في حرب الخليج، على رغم نفيهما ذلك. ويقول الطبيب غواشة إنه وزملاءه لاحظوا ارتفاع معدل السرطان من 56 مصابا لكل 1000 شخص بين الأعوام 1985 - 1989، إلى 131 مصابا لكل 1000 شخص بين الأعوام 1995 - 1999.

وهناك زيادة كبيرة في عدد المواليد الخدّج (الذين يولدون قبل الموعد) ويعود ذلك في جزء منه إلى الصدمة النفسية للأمهات اللائي عشن سنوات بعد سنوات وهن يتوقعن الحرب.

سحر جعفر، عمرها 9 أيام تزن 690 جراما فقط، (متوسط المولود الجديد يبلغ 2,500 كغ) فهي في حجم ورقه ء4. وعبدالرزاق مولود آخر يبلغ من العمر 5 أيام ويزن 1,25 جرام، وهو لن يبقى على قيد الحياة.

يقول التجار في السوق الرئيسي إن الناس اعتادوا على تخزين الأشياء دائما ولم يتغير هذا الوضع حتى حين كتب وزير الخارجية العراقي ناجي صبري إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان يطلعه على موافقة العراق على عودة مفتشي الأسلحة من دون شروط.

يقول التاجر محمد طيب حسين «التجارة جيدة الآن، ولكن لا أعلم كم سيستمر هذا الوضع. إذا غزا الأميركيون بلادنا فسيكون هناك انتهاك كامل للقانون وسيكثر القتل. فكل انسان هنا يمتلك سلاحا، وستقع اصابات كثيرة».

وقد وافق العراق في محادثات مع رئيس المفتشين عن الأسلحة هانزبليكس، على استئناف العمليات، على أن يوفر المسئولون العراقيون تقارير نصف سنوية عن الأسلحة لفترة الأربع سنوات التي توقفت فيها عملية التفتيش.

وتجزم مصادر حكومية في بغداد أن العراق جاد في عرضه بعودة غير مشروطة للمراقبين. يقول أحد الموظفين الكبار في الخدمة المدنية «لماذا نضع رؤوسنا فوق المقصلة؟ فنحن نعلم أن الأميركيين يرغبون في أي حجة تافهة حتى يهاجمونا» ويضيف «نريد أن نتعاون طالما أن المطالب غير مستحيلة. وقد قمنا بالتحركات التي طلبها منا أشقاؤنا العرب، وأصدقاؤنا الروس والصينيون جميعها. ولكن كل ما رأينا في النهاية هو إعداد أميركا وبريطانيا للحرب»

العدد 19 - الثلثاء 24 سبتمبر 2002م الموافق 17 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً