مشروع تعديل وزيادة صلاحيات رئيس الجمهورية في اطار الدستور والشرع التي تحدث عنها الرئيس الإيراني محمد خاتمي في مؤتمره الصحافي قبل 23 يوما، تقدم به أمس (الثلثاء) نائب الرئيس للشئون البرلمانية والقانونية السيد محمد علي ابطحي الى رئاسة مجلس الشورى الشيخ مهدي كروبي. وعلى رغم من ان اوساط نواب اعضاء في لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية، التي من المفترض ان تشكل المحطة الاولى للمشروع بعد استلامه من قبل رئاسة المجلس، يؤكدون انه لم يصل بعد الى هذه اللجنة، التي ستقره بسرعة وتحيله على اول جلسة عامة في المرحلة الاولى، ومن ثم تعيد اقراره واحالته إلى الجلسة العامة للاقرار النهائي، على ان يذهب بعدها الى مجلس صيانة الدستور الذي يبحث في مطابقة الطلب للدستور والاحكام الشرعية . عضو لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية رضا يوسفيان، أبلغ «الوسط» ان مشروع القانون يتضمن فقرة تطالب بتشكيل محكمة للبت في الخلافات والنزاعات التي تنشأ بين اطراف في السلطة او الدولة، وتعطي رئيس الجمهورية السلطة والقدرة على البت واصدار القرار النهائي فيه. وهذه المحكمة او اللجنة تتألف من ستة اعضاء من بينهم رؤساء السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية، فيما لم تعرف هوية الاعضاء الثلاثة الآخرين، الا انه من المؤكد انهم لا يرتبطون بالقيادة. اوساط متابعة رأت انه بحال الموافقة وعبور هذا المشروع اروقة الاقرار الطويلة والمعقدة، فانه يعني التقليص من صلاحيات وسلطات كل من مجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام، الامر الذي اثار منذ بدء الحديث عنه موجة من الاعتراض الشديد في قيادات التيار المحافظ، لمنع المزيد من خسارة المواقع داخل تركيبة النظام ومراكز القوى ووقف التراجع امام ضغط التيار الاصلاحي. يوسفيان اشار الى احتمال ان يقدم مجلس صيانة الدستور على رفض او رد هذا المشروع، ما يعني نشوء ازمة جدية بينه وبين البرلمان، ما يستدعي تدخلا من مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي اكد رئيسه الشيخ هاشمي رفسنجاني ان الحديث عن رفض هذا المجمع لمشروع القانون هو ضرب من التكهن المسبق. المخاوف المحافظة، وكذلك مجلس صيانة الدستور، يزيد من حدتها وشدتها الخطوات الاصلاحية التصعيدية التي حملها مشروع تعديل قانون الانتخابات الذي قدمته رئاسة الجمهورية قبل نحو عشرين يوما واقرته لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في المرحلة الاولى وارسلته للنقاش في اقرب جلسة علنية للبرلمان خلال الاسبوع المقبل مع اتجاه كبير لاقراره بغالبية اصلاحية، والذي يتضمن فقرة تتضمن طلبا بإلغاء لجنة تقريرا صلاحية واهلية كل المرشحين للانتخابات البلدية والنيابية والرئاسية التابعة لمجلس صيانة الدستور. هذا المشروع، وخصوصا الفقرة المتعلقة بلجنة تقرير الاهلية والصلاحية، سيواجه حتمية الرفض في مجلس صيانة الدستور التي ترى فيه مسبقا مخالفة واضحة للشرع والدستور وتسمح لاعداء الثورة الوصول الى مناصب ومواقع متقدمة في الدولة والسلطة. ومن المعروف ان هذه اللجنة كانت السلاح الاكثر فعالية في يد التيار المحافظ في مواجهته لسيل الشخصيات الاصلاحية التي ترشحت لانتخابات مجلس الشورى الحالي، حيث اسقطت اهلية الكثير منهم بذريعة معارضتهم للدستور وعدم القبول بمبدأ ولاية الفقيه واحيانا عدم الالتزام الديني. هذه التجاذبات من المتوقع ان تعيد فتح ابواب الصراع بين التيارين الاصلاحي والمحافظ على مصراعيها على خلفية تمسك كل من الطرفين بمكتسباته او التي يسعى للحصول عليها، والتي تبدو فيها حظوظ المحافظين اكثر رجحانا لامتلاكهم مفاتيح القرار الاخير، فيما يدخل الاصلاحيون في نفق الطريق المسدود امام الصلاحات في حال لم ينجحوا في تحقيق ولو الشيء القليل من هذه الطموحات لاستمرار وبقاء المشروع الاصلاحي. وهو ما قد يدخل إيران في حال من التوتر الداخلي الى جانب ما تواجهه من ضغوط خارجية.
العدد 19 - الثلثاء 24 سبتمبر 2002م الموافق 17 رجب 1423هـ