اكدت بغداد امس ان مفتشي الاسلحة الدوليين سيكون بإمكانهم الوصول الى «كل المواقع التي يريدون» من دون قيود، معتبرا أن الاتهامات البريطانية للعراق بانه يبذل جهودا لامتلاك سلاح نووي في غضون سنة او سنتين «لا معنى لها».
وكان رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير قال ان العراق قادر على نشر جزء من ترسانته من الاسلحة البيولوجية والكيماوية خلال 45 دقيقة، وقادر على انتاج القنبلة النووية خلال خمس سنوات، ودعا الرئيس الاميركي جورج بوش في ختام اجتماع لحكومته في البيت الابيض مجددا الامم المتحدة الى التصويت على قرار قوي حول العراق، وأضاف اذا لم تكن الامم المتحدة قادرة على ذلك فان الولايات المتحدة واصدقاءها سيتحركون.
وأثار ملف للحكومة البريطانية بشأن العراق طال انتظاره ردود فعل متشككة على نطاق واسع في لندن أمس.
وسارعت بغداد إلى رفض الملف الذي جاء في 55 صفحة والذي أعدته الاستخبارات البريطانية وتم نشره قبيل الجلسة البرلمانية أمس، واصفة إياه بأنه «لا أساس له من الصحة». وفي العراق اكد المستشار بديوان الرئاسة العراقية عامر السعدي في مؤتمر صحافي عقده مساء امس في بغداد للرد على ملف بلير ان النظام العراقي تخلى «نهائيا» عن برامجه النووية.
ورفض كل التهم الواردة في الملف البريطاني الذي قال ان بلير اضطر الى نشره تحت ضغط حزب العمال البريطاني والرأي العام في بلاده مشيرا الى انه «تأليب للرأي العام لإصدار قرارات مجحفة بحق العراق ولإدامة الحصار عليه واعطاء المسوغ لعدوان جديد».
واضاف «نتحدى اي جهة ان تأتي بدليل واحد» على وجود برنامج نووي عراقي او اي مواقع لصنع اسلحة دمار شامل.
وقال مستشار للرئيس العراقي صدام حسين امس ان مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة سيسمح لهم بالدخول غير المشروط لأي موقع يريدون تفتيشه في العراق من دون قيود.
وقال وزير الثقافة العراقي حامد يوسف حمدي لوكالة فرانس برس في بغداد «إن رئيس وزراء بريطانيا يعمل ضمن حملة الأكاذيب التي تقودها الصهيونية العالمية ضد العراق». واضاف حمدي إن «كل التقارير التي قدمت من قبل المفتشين السابقين الى الامم المتحدة اثبتت ان العراق لا يمتلك هذه الاسلحة، وانها قد دمرت اما من قبل لجان التفتيش او من قبل العراق نفسه».
من جانبه اعلن بوش أمس انه معجب برغبة بلير في قول الحقيقة حيال العراق.
وقال للصحافيين في ختام اجتماع لحكومته في البيت الابيض أن «بلير قائد قوي وانا معجب برغبته في قول الحقيقة وفي الحكم. انه مستمر في السعي كي يثبت ان صدام حسين هو تهديد للسلام».
واضاف «ادعو مجددا الامم المتحدة الى التصويت على قرار قوي حول العراق يطلب من هذا الرجل تقديم حسابات. وفي حال لم تكن الامم المتحدة قادرة على ذلك فان الولايات المتحدة واصدقاءها سيتحركون لاننا نؤمن بالسلام ونريد الحفاظ على السلام. نحن لا نثق بهذا الرجل وهذا ما اظهره تقرير بلير».
وكان بلير قد أحاط مجلس الوزراء مساء أمس الأول الاثنين بمحتوى الملف وحصل على تأييد أعضاء بالحكومة مثل وزيرة التنمية الدولية كلير شورت، ورئيس مجلس العموم ووزير الخارجية الأسبق روبن كوك.
وجاء في الملف الذي اعدته الحكومة البريطانية بعنوان «تقييم الحكومة البريطانية لأسلحة الدمار الشامل العراقية» حول الاسلحة الكيماوية والبيولوجية، ان العراق قادر على نشر جزء من ترسانته خلال 45 دقيقة من اصدار امر في هذا الشأن.
وقد أوضح الملف، الذي لم يتم الكشف سوى عن أجزاء منه للرأي العام ونواب البرلمان، أن العراق سوف يتمكن من صنع قنبلة نووية خلال خمس سنوات إذا اضطر لتخصيب اليورانيوم بنفسه.
وركز الملف على البرنامج الصاروخي لصدام، إذ أوضح سعى الرئيس العراقي إلى تطوير صواريخ يبلغ مداها 1000 كيلومتر قادرة على الوصول إلى القاعدة البريطانية في قبرص وانه قادر على إصابة إسرائيل وكذلك جيرانه المباشرين.
وتوالت ردود الافعال الدولية على تقرير بلير إذ حث الرئيس الفرنسى جاك شيراك الولايات المتحدة وبريطانيا على اعطاء فرصة للسلام مؤكدا أن الحرب ضدالعراق ليس أمرا حتميا.
وقال الرئيس الفرنسى لا أعتقد مطلقا أن الحرب لا يمكن تجنبها فهي دائما أسوأ حل مضيفا دعونا نعطى فرصة للسلام.
معارضة الألمان
وفي برلين اكد الاشتراكيون الديمقراطيون الالمان معارضتهم لتوجيه ضربة للعراق حتى بعد نشر الملف. وفي بروكسل قالت مجموعة ابحاث ومعلومات السلام والامن (غريب) المستقلة ومقرها بروكسل ان الملف البريطاني حول العراق «لا يقدم دليلا ملموسا».
وفي القدس أعلن المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية افي بازنر ان الملف البريطاني «لا يشكل مفاجأة لإسرائيل».
وفي كانبيرا قال وزير الخارجية الاسترالي الكسندر داونر ان الملف البريطاني «يثبت ان صدام حسين يملك بلا شك أسلحة دمار شامل، وأسلحة بيولوجية وكيماوية وانه يعتزم استخدام هذه الاسلحة».
وقال ان «الملف وثيقة مهمة جدا»، موضحا ان الاجهزة السرية الاسترالية اعتبرت انه يتفق مع معلوماتها.
من جانبهم لم يجد المحللون في الشئون الدفاعية في المنظمات الاخبارية الكبرى ومن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، الذي أصدر وثيقة خاصة به عن العراق في وقت سابق هذا الشهر، جديدا يذكر في ملف بلير، بخلاف بعض الاختلافات البسيطة التي تم التركيز عليها.
وقال رئيس تحرير تقرير جيوش العالم الميجور تشارلز هيمان، الذي يصدر عن مؤسسة جينز، «إنه (الملف) لم يأت بأي دليل مقنع، أو حقيقة ساطعة، تفيد بأنه يتعين الاطاحة بصدام حسين في الحال».
أما رئيس الوزراء الصيني زهو رونغجي الذي كان يحضر القمة نفسها في كوبنهاغن فقد أعلن ان اي عمل عسكري ضد العراق من دون تفويض من الامم المتحدة ستترتب عليه «عواقب خطيرة».
وحذر رونغجي من انه «من دون توكيل او تفويض من الامم المتحدة او من دون دليل ملموس، فإن اي تحرك سيسفر عن عواقب خطيرة».
وفي أوسلو افتتح وزراء دفاع حلف شمال الاطلنطي أمس مناقشاتهم برعاية سكرتير عام الناتو الجنرال جورج روبرتسون في اجتماع غير رسمي على مدى يومين مع تصدر موضوع العراق وتحديث الحلف لجدول أعمال الاجتماع.
وقال روبرتسون في إشارة جانبية إلى مخزون الاسلحة العراقية المزعومة «بينما نقترب من قمة براغ... فإننا بحاجة إلى التفكير بحرص في دور هذا الحلف، وليس أقلها فيما يتعلق بحماية مواطنينا من الإرهابيين المجرمين والدول الإجرامية، ولا سيما عندما يكونوا مسلحين بأسلحة مصممة من أجل الدمار الهائل والشامل».
وسوف تتجه كل الابصار لترى إذا ما كان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد سوف يجتمع بوزير الدفاع الالماني بيتر شتروك.
وكانت العلاقات الالمانية الاميركية قد تلقت ضربة قاصمة بعد أن جعل المستشار الالماني جيرهارد شرويدر من رفضه لدعم الحرب الاميركية في العراق أحد أهم بنود حملته الانتخابية
العدد 19 - الثلثاء 24 سبتمبر 2002م الموافق 17 رجب 1423هـ