ذرف عباس علي الدموع بينما كانت زوجته تدفعه ببطء على كرسيه المتحرك في طريقهما للخروج من قريتهما بشمال العراق في رحلة هروب محفوفة بالمخاطر عبر طريق شهد مقتل زوجين قبل ثلاثة أيام برصاص قناصة تنظيم "داعش" لدى محاولتهما الفرار من حكمه.
ونظر علي وزوجته- وبرفقتهما أولادهما الأربعة- خلفهما ليريا ما إذا كان لا يزال هناك متشددون لن يتوانوا عن تنفيذ تهديدهم بإطلاق النار على كل من يحاول الفرار من الخلافة الإسلامية التي أعلنوها.
ووقف مقاتلو البشمركة الكردية على ساتر ترابي يراقبون عن كثب أي دلالة على وجود مفجرين انتحاريين يتنكرون أحيانا في هيئة مدنيين. ورفع رجلان وراء الزوجين قمصانهما ليظهرا أنه ليس بحوزتهما متفجرات.
وقال علي أثناء دفعه إلى قاعدة للأكراد يهاجمها المقاتلون المتشددون على الدوام ليلا "تعرضت بلدة قريبة يسيطر عليها داعش لهجوم. سمعنا أن المقاتلين الخمسة من داعش الباقين في قريتنا ذهبوا لمساندة زملائهم هناك."
واستعادت القوات العراقية والبشمركة عشرات القرى في إطار عملية عسكرية انطلقت في 17 أكتوبر تشرين الأول لطرد التنظيم من مدينة الموصل معقلهم الرئيسي في العراق.
وتشجع الناس الذين يعيشون في بلدات تسيطر عليها الدولة الإسلامية بعد تلك المكاسب المدعومة بغارات جوية للتحالف بقيادة الولايات المتحدة.
لكنهم يواجهون قرارا صعبا- هل يغامرون بحياتهم للاستفادة من القوة الدافعة لهجوم القوات العراقية أم يبقوا على ما هم عليه؟
ونشر التنظيم الخوف في البلدات والقرى التي يسيطر عليها بتحذير واضح بقتل كل من يحاول الهرب. وقال ساكن آخر تمكن من الهرب إن شخصا ألقي القبض عليه أثناء محاولته الفرار تلقى 95 جلدة.
وقال علي "نشروا التحذيرات لكننا لم نتمكن من التحمل أكثر من ذلك. الحياة كانت صعبة للغاية."
وتنقل قوات البشمركة اللاجئين إلى مخيمات أقامتها السلطات العراقية للتعامل مع التدفق المتوقع للهاربين من الحكم القاسي للدولة الإسلامية.
الموت الفوري
وعندما عاد علي للبكاء مجددا لجأت زوجته بشرى المغطاة بالملابس السوداء من رأسها حتى أخمص قدميها وفق تعليمات الدولة الإسلامية لصب المياه على رأسه في محاولة لتهدئته في منطقة صحراوية لا تبعد كثيرا عن قرية أخرى ما زال يسيطر عليها 120 من المتشددين.
وقالت بشرى وهي تمسح الغبار عن وجوه أولادها بمياه من زجاجة "منعونا من كل شيء يمكن أن تتصوره. لا يجوز فعل هذا ولا ذاك. الله لا يرحم داعش."
واستند على حائط بالقرب منها أقارب وهم شبان كانت لحاهم بالطول الذي حددته داعش التي أدار مقاتلوها كل كبيرة وصغيرة في الحياة اليومية بوحشية بدءا من شعر الوجه وحتى المدارس.
وجلس الشبان بصبر بينما كان الضابط قمر رشيد من البشمركة يدقق في بطاقات هوياتهم.
وقال رشيد "يجب أن نتأكد أنهم لا ينتمون لداعش."
وقال أحد الرجال مبتسما "أنا أدخن للمرة الأولى منذ وقت طويل" متذكرا كيف كان التدخين ممنوعا تحت حكم المتشددين وكانت عقوبته خمسين جلدة علنا.
وبين من يخضعون للاستجواب وقف عمر الذي تصادف أنه كان يزور أقارب له في قرية أبو جربوع التي هرب منها علي وعائلته في اليوم الذي سيطرت عليها فيه الدولة الإسلامية.
كان عمر يسكن أربيل عاصمة إقليم كردستان وفقد الاتصال بأقاربه وأصدقائه ولا يملك أدنى فكرة عما حدث لمحل النجارة الذي كان يملكه.
وأضاف عمر وهو يحمل دفترا فيه الحسابات المالية لدكانه في أربيل "استخدام الهاتف المحمول يمكن أن يعني الموت الفوري."
وكان سكان القرى التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية لا يستطيعون ممارسة نشاط تجاري إلا إذا قدموا حصة للتنظيم المتشدد وفق ما ذكره قاسم حسن الذي كان عاطلا عن العمل يعتمد في معيشته اليومية على المال الذي تجنيه زوجته من الخياطة.
وقال حسن "كان علينا أن ندفع لداعش كل شهر. لم يكن أمامنا خيار."
الله يلعن الدواعش شتتوا الفقارة
المتعاطف مع داعش يجب أيضا أن يعدم
حسبنا الله ونعم الوكيل
يجب انهاء هذا التنظيم وليس فقط طردهم وانما يجب قتلهم