بدأت في جامعة الخليج العربي أعمال البرنامج الأكاديمي لماجستير الطب الشخصي، الذي يعد الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي. يأتي هذا البرنامج الذي استقبل الدفعة الأولى منه في السنة الأكاديمية الجارية 2016 - 2017، يأتي استجابة لآخر المستجدات في علم الطب الحديث، وفي سياق الرؤية الاستراتيجية لجامعة الخليج العربي المتمثلة في تبني التخصصات الفريدة والمبتكرة في مجال التعليم العالي، وإجراء الأبحاث العلمية والسريرية المتميزة التي تلبي الاحتياجات الصحية لمواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
إلى ذلك، يعد الطب الشخصي مجالاً طبياً متطوراً أستند إلى النقلة النوعية في العلوم الطبية التي تحققت بفضل اكتشاف الجينوم البشري العام 2003، والذي شكل ثورة علمية في مجال معرفة التركيبة الجينية للإنسان، وبالتالي فتح المجال لإمكانية تصميم علاج شخصي لكل حالة مرضية وفقاً لما تستدعيه من تركيبات دوائية.
ويتيح الطب الشخصي المجال لتشخيص وعلاج أدق يراعي تفاوت الخصائص الجينية لكل مريض وبالتالي معرفة أفضل السبل لتحقيق التفاعل مع العلاج، وقد يصل في مستقبل قريب لمعاجلة الاختلالات الجينية التي تسبب الأمراض.
وقال مدير برنامج ماجستير الطب الشخصي معز بخيت إن استخدامات الطب الشخصي كفيلة بتوفير العلاج المناسب والفعال للمحتاجين في أقرب فرصة ممكنة، ولاسيما مع تزايد البحوث المتقدمة في علم الجينوم والبروتينات واتساع مفهوم الفروق الفردية في التركيب الجيني، إذ فُتح المجال بشكل أوسع لدراسة المزيد من المناهج الشخصية في الرعاية الصحية. موضحاً في الوقت ذاته قدرة علم الجينات على تشخيص الرعاية الصحية، إذ يمكن لمقدمي الخدمات الصحية العاملين بمجال "الصيدلة" تنسيق الأدوية المناسبة للمريض بحسب التشكيلة الجينية له، عبر تحديد الأعراض التي يمكن الإصابة بها ودرجة الاستجابة لعلاجات معينة.
من جانبها، قالت منسقة برنامج ماجستير الطب الشخصي غادة الخفاجي إنه يمكن إلغاء العلاجات غير الضرورية عبر تطبيق الطب الشخصي، وتقليل احتمالية إصابة المرضى بالانتكاسة، وتحقيق النتائج العلاجية المرجوة، لافتاً إلى أن أخذ لقاحات من أنسجة المريض نفسه وجهت الطب الشخصي إلى آفاق جديدة وواسعة. موضحة أن مهمة برنامج الطب الشخصي هي الحصول على التطابق مع الاختبارات الجينية والوراثية واكتساب المعرفة النظرية والعملية من الطب الشخصي ودوره في صنع علاج فردي لكل مرض، بهدف تحقيق الفهم الدقيق لأساسيات علم الجينات والصيدلة.
إلى ذلك، أورد بخيت أمثلة على استخدام تقنيات الطب الشخصي عالمياً، إذ أشار إلى أن إدارة الأغذية والعقاقير وافقت على أربعة عقاقير مضادة للسرطان لاستخدامها في المرضى الذين لديهم الخصائص الجينية المحددة التي يتم تحديدها من قبل اختبار تشخيصي رفيق للأورام. كما وافقت على علاج جديد للاستخدام في بعض مرضى التليف الكيسي للذين يحملون طفرة جينية محددة، موضحاً أنه من أمثلة الاستخدامات الأخرى لتقنيات الطب الشخصي جبيرة القصبة الهوائية المصنوعة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وأجهزة لعلاج طنين الأذن مخصصة بحسب الإشارات الصوتية لتتناسب مع متطلبات السمع الفردية لكل مريض.
وأضاف أن "هناك أيضاً دعامات للعمود الفقري بحسب التكوين التشريحي للمريض، وأيضاً تحليل الإشارات العصبية الكمي القائم على برنامج لتوقع استجابة الفرد لمختلف المؤثرات العقلية، إذ يوفر الجهاز احتمال استجابة المريض لمختلف الأدوية لتوجيه الطبيب في عملية صنع القرار في حالات الصرع على سبيل المثال، وهناك أيضاً نظام جهاز البنكرياس الاصطناعي وهو جهاز قيد التحقيقات السريرية يراقب تلقائياً مستويات السكر في مرضى السكري، ويوفر جرعات الأنسولين المناسبة لكل مريض".
هذا ويضم البرنامج نخبة عالمية من الأكاديميين الزائرين منهم راجو كوتشرليباتي من جامعة هارفرد في الولايات المتحدة الأميركية، باتريس دينفلي من جامعة ديسكارتيس في فرنسا، يويجي فوروكاوا من جامعة طوكيو، لطفي شوشاني من جامعة كورنيل الأميركية فرع قطر. إلى جانب نخبة من الأكاديميين من جامعة الخليج العربي، ومركز الأميرة الجوهرة الإبراهيم لعلوم المورثات.