مع ازدياد عدد الجامعات الأهلية في البحرين تتجه الأنظار لصناعة جديدة في البلاد، تلك هي التدريس الجامعي في مختلف التخصصات.
ولعل الحديث عن ازدياد الفرص الجامعية يفتح مجال الأسئلة عن مدى استيعاب البحرين لهذا المجال الحيوي.
والحقيقة هي ان البحرين أصبحت ومنذ عدة سنوات مركزا مهما للتدريب والتعليم، فهناك أكثر من ألف مواطن سعودي يقدمون إلى البحرين للدراسة الجامعية. كما ان هناك أعدادا كبيرة أيضا تقصد البحرين سعيا وراء المدارس الخاصة المتطورة.
ولا شك في أن التدريس الجامعي الأهلي سيفسح المجال لاستيعاب كثير من الطلاب البحرينيين الذين كانوا سيتجهون للولايات المتحدة وأوروبا والهند والدول الأخرى، كما سيفسح المجال للمزيد من الخليجيين، لاسيما السعوديون، للاقبال عليها. فالبحرين تتوفر على عوامل قوية كثيرة، منها توافر المهارات المحلية والدولية، وتوافر الخدمات الضرورية في الاتصالات، بالإضافة للأجواء المنفتحة والمتحركة بصورة أكثر إيجابية منذ بداية العهد الإصلاحي الحالي.
والجامعات الأهلية من شأنها ان تتوفر على عوامل نجاح أكثر من الجامعة الحكومية لأنها ستخضع لضوابط العرض والطلب في السوق لخدمة فئات متمكنة أساسا من دفع رسوم الجامعات. وهي بلا شك ستسعى لربط مناهجها بالصناعات والقطاعات الاقتصادية المطلوبة في البحرين والخليج لكي تتمكن من استقطاب المساندات والاستثمارات المالية من القطاع الخاص.
على ان الجامعات الأهلية لا يمكنها ان تستوعب أكثر من 5 - 10 في المئة من المسئوليات التي تقوم بها الجامعة الوطنية (جامعة البحرين)، ولذلك لايزال العبء الأكبر والمسئولية الأهم تقع على عاتق الجهاز الجامعي التابع للدولة. والجهاز الجامعي جزء لا يتجزأ من السياسة التعليمية للبلاد، ولذلك يخضع للظروف نفسها وله الإيجابيات والسلبيات نفسها الموجودة في بقية أجهزة التعليم الرسمي.
نفتخر نحن في البحرين بأن التعليم لدينا بدأ قبل غيرنا في العام 1919، ويحق لنا ان نطالب بالموقع التعليمي المتقدم عندما نقارن أنفسنا بغيرنا. وقد كان الهدف في مطلع السبعينات هو القضاء على الأمية واعتماد مناهج تربوية لبثّ روح المواطنة بين الطلاب بحيث يستطيعون المشاركة بصورة فاعلة في صناعة المستقبل.
إلا ان تحقيق هذا الهدف النبيل يتطلب المحافظة على النسبة المعتمدة في موازنة الدولة والمخصصة من أجل التعليم. ففي العام 1992 كانت موازنة التعليم 65 مليون دينار، ومثّل هذا الرقم 14,2 في المئة من الموازنة العامة. أما في العام 2002 فقد ازداد المخصص إلى 97,5 مليون دينار، ولكن نسبة هذا الرقم من الموازنة تراجعت إلى قرابة 11,5 في المئة، في الوقت ذاته فإن النسبة المئوية من الموازنة المخصصة لشئون الأمن والدفاع تتراوح بين 26 - 28 في المئة. وفي الوقت الذي لا يشك فيه أحد في احتياجات أي بلد للأمن والدفاع إلا اننا نخصص أكثر من ضعف المعدل الذي تخصصه الدول الأخرى في العالم لهذا المجال. لعلنا بحاجة لمراجعة النسب المخصصة لكل مجال ولكن الأهم من ذلك أيضا هو إجراء تقييم وتدقيق للمجالات والمشروعات التي تصرف عليها الموازنة لكي يتم التأكد من عدم تبديد قدراتنا المالية في سياسات وبرامج لا تخدم الهدف الأساسي منها
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 18 - الإثنين 23 سبتمبر 2002م الموافق 16 رجب 1423هـ