منـذ ان بزغ نجم الانترنت وهناك بعض الثوابت في حياتنا تغيرت او لنقل بدأت بالتزعزع فى عقولنا في البدء ومن ثم تغيرت مع مرور الزمن. والمقصود بالزمن هنا اكثر بقليل من حقبة زمنية واحدة وهو العمر الواقعى للانترنت، من دون الرجوع الى بدايات نشأة الانترنت بشكله البدائي فى السبعينات والثمانينات.
ومن تلك القناعات التى اهتزت بعض الشيء حبنا لاقتناء الكتب وتملك مكتبة متميزة تزخر بأمهات الكتب فى مختلف العلوم.
فبعد ان كان الكتاب ملهم فكرنا وسر ثقافتنا، والتنقل بين رفوف المكتبة، صعودا ونزولا، يمينا وشمالا بحثا عن كتاب قيم يشفي غليلنا ويروي عطشنا الفكرى الثقافي، وبعد ان كنا نوصي الاصدقاء باقتناء الكتاب الفلاني من الدولة الفلانية، وان يحرص على ارساله او احضاره، اما لأنه ممنوع او تم نشره في تلك الدولة، بعد كل هذا، تغير الحال ولانعلم انأسف ام نفرح، الى حال جديد تغيرت فيه عاداتنا القرائية وعلاقتنا بالكتاب، فوجدنا انفسنا نشتري الكتب ولانجد الوقت للقراءة، او ان وُجد فالوقت للقراءات السريعة الخفيفة، كالوجبات السريعة.
قد يقول قائل هـذا طبيعي في طفرة تكنلوجية معلوماتية غير مسبوقة. وقد يكون هـذا البعض محقا في قوله لدخول آلاف و ملايين بنوك المعلومات والمعرفة من مختلف العلوم من خلال شبكة الانترنت العالمية.
فتحول البحث عن المعلومة من الكتب الورقية الى الكتب الالكترونية، وهـذا طبيعى ومتوقع لتحول الكتاب الآن لكتابة كتبهم مباشرة بالنموذج الالكتروني. هـذا لاينطبق فقط على الكتاب، بل حتى على المجلات الشهرية والاسبوعية والفصلية وغيرها.
وهـذا التحول طبيعي ومنطقي ومتوقع فلا يمكن لكل فرد، عدا المكتبات المركزية، ان يحتفظ بكل كتاب ينشر فى كل موضوع، فهـذا دور المكتبات التقليدية المخزنة للكتب الورقية، والتي نادرا ما تزار مع شديد الأسف، بعكس المكتبات العامة في الغرب المزدحمة بالطلاب والباحثين.
اذا مع توفر البديل من المكتبات والكتب الالكترونية ذات المميزات الجذابة مثل خدمة البحث والحصول على المعلومة 24 ساعة طوال ايام الاسبوع وطوال العام، أي لاتوجد اوقات للدوام الرسمي التي تحد وتقيد البعض، بالاضافة الى امكانية طباعة كم كبير من تلك المراجع العلمية وحتى تخزينها على القرص الصلب، لتصفحها فى أي وقت يشاء القارئ ومن اي مكان له جاذبية اضافية، وارسال تلك البيانات او الكتب الالكترونية للاصدقاء عبر البريد الالكتروني وغيرها من المميزات.
تلك هي شبكة الانترنت ولكن هـذا لايضر بل قد يكون ممدوحا ما دام الهدف هو الحصول على المعلومة وليس على كيفية الحصول عليها وشكلها ووقت الحصول عليها «ورقية ام الكترونية».
بالاضافة الى ان كم المعلومات المنشور على الانترنت كل يوم «الكم والسرعة» يقلل من الوقت المخصص للقراءات التقليدية، فبالكاد يستطيع الفرد الآن قراءة الايميلات (الرسائل) الواردة ناهيك عن الرد عليها كلها.
وهناك التطور التكنلوجى فى وسائط التخزين مثل والآن التي يمكن تخزين مكتبة الكونغرس بالكامل على بضعة اقراص منها. فما الحاجة لزيارة تلك المكتبات؟
وقد يكون عامل الكلفة يدخل ضمن التحول البطيء نحو المكتبات والكتب الالكترونية، فارتفاع اسعار الكتب وثقل حملها وحاجتها لأمكنة التخزين كل ذلك سيؤدي فى النهاية الى خيار اللجوء الى المكتبات الالكترونية مقابل المكتبات الورقية، والتي سيبقى منها تلك المكتبات المتخصصة العامة او للشخصيات الاعتبارية.
ولكن تبقى جاذبية: خاصة للكتاب، وطعم خاص لايستطيع الانترنت بمكتباته وكتبه الالكترونية ان يحل محله
العدد 18 - الإثنين 23 سبتمبر 2002م الموافق 16 رجب 1423هـ