كشفت بطولة كأس أمم أسيا للشباب تحت 19 سنة عن الكثير من الجوانب المهمة التي تؤكد التطور اللافت في المستويات الفنية بين المنتخبات، فلم يعد هناك فوارق فنية شاسعة بين هذا المنتخب أو ذاك، بدليل ما حققه المشاركين من نتائج ومستويات ولعل وصول المنتخب الفيتنامي للدور نصف النهائي ووصوله لنهائيات كأس العالم هو النتيجة الأبرز وهو المنتخب المغمور والصغير الذي فاجأ الجميع في هذه البطولة، إلى جانب الخروج الدراماتيكي والحزين لمنتخب كوريا الجنوبية وهو الذي كان مرشحا فوق العادة للمضي قدما في البطولة لا سيما وأنه يملك تاريخ عريض وكبير من حيث تحقيق الرقم القياسي في التتويج باللقب "11 لقب".
وبعيدا عن التصنيفات فإن المنتخبين الياباني والسعودي يعتبران الأبرز والأفضل في البطولة خصوصا وأنهما نجحا في الوصول للنهائي بعد مشوار حافل أكدا من خلاله جدارتهما وأفضليتهما على جميع المنتخبات في ظل ما تمتعا به من قدرات فنية وفردية وجماعية، وقدم المنتخبين أسماء بارزة وواعدة سيكون لهما شأن في المستقبل القريب مع منتخباتهما الأولى.
ولم يكن وصول وبلوغ المنتخب الفيتنامي لنهائيات كأس العالم متوقعا قبل انطلاقة البطولة في ظل غياب الكرة الفيتنامية عن الساحة القارية طوال الفترة الماضية، ولعل أهم وأبرز مشاركة كروية لهذا البلد كانت في العام 2007 عندما شاركت في تنظيم نهائيات كأس أسيا، والمنتخب الفيتنامي شارك في نهائيات كأس أسيا للشباب 7 مرات من قبل وفي جميعها خرج مودعا منذ الدور الأول، إلا أنه في هذه النسخة نجح وبامتياز في تدوين وتسطير انجاز كروي كبير ستظل الجماهير الكروية في بلدها تتذكره لفترة طويلة، ويمكن أن نطلق على هذا المنتخب لقب "الحصان الأسود" لهذه البطولة.
ولم يأتي المنتخب الإيراني بالجديد في هذه البطولة فهو من المنتخبات التي تقدم نفسها كواحد من المنتخبات التي تعتمد وتنتهج الطابع الأوربي حيث القوة البدنية العالية معتمدا على البنية الجسدية الكبيرة وهو ما أفصح عنه مدربه أمير حسين بيرواني عندما أكد أكثر من مرة هذا الكلام في مؤتمراته الصحفية بعد المباريات، ووصول المنتخب الإيراني لنهائيات كاس العالم يعتبر بحد ذاته انجاز يحسب لهذا المنتخب، وأيضا نتائج منتخب طاجيكستان يمكن أن نصنفها في خانة المفاجآت بعد وصوله للدور ربع النهائي على حساب منتخبي استراليا والصين وهما ودعا البطولة منذ دورها الأول على رغم الترشيحات التي صبت في صالحهما قبل البطولة.
وليس بعيدا عن المفاجآت فإن خروج منتخبات كوريا الجنوبية والعراق واوزباكستان ومنتخبنا الوطني للشباب لم يكن متوقعا لا سيما مع المستويات الفنية البارزة التي قدمتها في الدور الأول، فالمنتخب الكوري الجنوبي الذي جاء للمنامة وهو يتسلح ببعض من لاعبيه المحترفين خرج من الباب الضيق، في حين فشلت كتيبة "أسود الرافدين" على رغم الأماني والآمال التي حملها لاعبيه، وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على المنتخب الأوزبكي.
أما منتخبنا فإنه قدم ما لم يقدمه منذ زمن بعيدا واستعاد هذا المنتخب الكثير من الثقة لدى الجماهير الرياضية بدليل المساندة التي حصل عليها وبالدعم اللا محدود من قبل المسئولين والقائمين عن الرياضة، إلا أن خروجه من الجدور ربع النهائي أفقد البطولة الكثير من هيبتها الجماهيرية، وجاء الخروج ليشكل صدمة لدى الجماهير الكروية نظرا للفوارق الكبيرة بينه وبين المنتخب الفيتنامي، ولكن في نهاية المطاف الكرة منحت وأعطت من أعطاها على أرضية الملعب.
وأخيرا .. فإن خروج منتخب الإمارات بدا وكأنه أمرا طبيعيا لا سيما وأنه لم يقدم الكثير في مبارياته الثلاث التي لعبها في الدور الأول حيث فشل في تحقيق الفوز أمام العراق وفيتنام واكتفى بفوزه على كوريا الشمالية التي ودعت وخرجت مع الإمارات على رغم امتلاكهما لتاريخ جيد في هذه البطولة.