وقع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو وقادة الاتحاد الاوروبي اليوم الأحد (30 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) اتفاق التجارة التاريخي بعد سبع سنوات من المفاوضات، وذلك على إثر تأخير إذ كان الاتفاق على وشك أن ينهار بسبب معارضة منطقة والونيا البلجيكية.
وكان من المقرر أن يتم التوقيع الخميس، إلا أنه تأخر بسبب اعتراض منطقة والونيا في بلجيكا التي لا يتجاوز عدد سكانها 3.6 ملايين شخص، على الاتفاق الذي يشمل أكثر من 500 مليون اوروبي و35 مليون كندي.
وضجت القاعة بالتصفيق عندما وقع الاتفاق كل من ترودو ورئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك، ورئيس المفوضية الاوروبية جان-كلود يونكر، ورئيس الورزاء السلوفاكي روبرت فيكو، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد.
واقتحم محتجون في وقت سابق طوق شرطة مكافحة الشغب والقوا بدهان احمر على مقر الاتحاد الاوروبي، بينما قرع نشطاء الطبول وهتفوا ضد "اتفاق الاقتصاد والتجارة الشاملة (سيتا)". وقال ترودو وهو يعانق كل من توسك ويونكر لدى وصوله وسط اجراءات امنية مشددة "احسنتم، احسنتم" واضاف "كانت الامور صعبة، ولكنكم تمكنتم من النجاح في النهاية".
وصرح بعد التوقيع "ان اتي اليوم أو قبل ثلاثة ايام ليس فرقاً كبيراً في التأثير الاكبر الذي سيجسده هذا الاتفاق الجيد مستقبلا".
رد يونكر "صبرا طويلا .. هذا يوم مهم للاتحاد الاوروبي لكننا لأننا نرسي معيارا دوليا سيتبعه اخرون".
وتأخرت بداية قمة اليوم عندما اجبرت طائرة ترودو على العودة لفترة قصيرة بسبب مشاكل فنية. وقال توسك "الصبر شجرة جذورها مرة، ولكن ثمارها حلوة جدا... قرارات اليوم تظهر ان تفكك المجتمع الغربي ليس من الضروري ان يكون توجها مستمرا".
لا شيء سهلا في بلجيكا
الازمة الجديدة انطلقت هذه المرة من بلجيكا وبالتحديد من والونيا الناطقة بالفرنسية والتي يبلغ عدد سكانها 3.6 ملايين نسمة. وقد رفض برلمانها الموافقة على اتفاق التبادل الحر كما يسمح له الدستور البلجيكي. وفي غياب توافق بلجيكي لم يكن من الممكن التوصل إلى اتفاق اوروبي.
وبعد سنوات من المفاوضات كاد الاتفاق ان ينهار. ووافق ترودو على التوجه إلى بروكسل في وقت متأخر الجمعة بعد ان وافقت والونيا في النهاية على الانضمام إلى باقي بلجيكا ودول الاتحاد الاوروبي الـ 27 الاخرى في الموافقة على الاتفاق.
وعلى مدى اسبوعين قاوم سكان والونيا ضغوطا هائلة من جميع الاطراف حتى تمكنوا من الحصول على تنازلات تتعلق بمصالح الزراعة الاقليمية، وضمانات بان المستثمرين الدوليين لن يتمكنوا من اجبار الحكومات على تغيير القوانين.
وانعكست المخاوف في المنطقة الصناعية المتدهورة جنوب بلجيكا، مخاوف اوسع في اوروبا حول العولمة.
واعتبر نشطاء ان مثل هذه الاتفاقات تقضي على حماية المستهلكين وحماية البيئة والحماية الاجتماعية.
لكن وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز قال معبرا عن ارتياحه "لا شيء بسيطا في بلجيكا، لكن اشياء قليلة هي المستحيلة".
وتم التوصل الى اتفاق تسوية ظهر الخميس في نهاية المطاف يقضي بتعديل بعض الصفحات. وقال رئيس حكومة والونيا الاشتراكي انه سيكون هناك "اتفاق مصحح... اكثر عدالة من الاتفاق السابق". والواقع ان ليس هناك تعديلات كبيرة بل اعلانات تكرر بنودا مدرجة اصلا في الاتفاق فضلا عن تقدم في مجال تعيين قضاة محكمة التحكيم واعلان بلجيكا انها ستطلب من محكمة العدل التابعة للاتحاد الاوروبي التحقق من ان هذه المحكمة مطابقة للقانون الاوروبي.
واكد رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال ان المحادثات الماراثونية مع والونيا "لم تغير في الاتفاق شيئا".
وبعد المصادقة على الاتفاق، سيكون على الاتحاد الاوروبي مواجهة المرحلة التالية التي تتلخص بالمصادقة على النص من قبل البرلمانات الوطنية والاقليمية في كل دول الاتحاد الاوروبي ليصبح نهائيا. ويبدو ان هذا الامر لن يكون سهلا.
وقد بدأت حملة الترويج. فقد أكد رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي ان النص "اتفاق حديث وتقدمي يفتح الباب لفرص جديدة ويحمي المصالح المهمة في الوقت نفسه".
واضاف "انه يتضمن ايضا الوسائل التي يجب اتباعها للاتفاقات التجارية المقبلة"، بينما يجري التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق آخر عبر الاطلسي اكثر طموحاً.