لسنا بقوة بعض أجهزة الإعلام العربية التي تمارس الكذب والتضليل والتشويه والتحريض. لا نملك النفوذ الذي يوجده المال، ووصفات من «أخلاق» هي خارج السياق الإنساني. لا نملك علاقات في مجمَّعين مختلفين، في منطقتين متباعدتين، كي نجرؤ على التحدث عن علاقات تمتد من الصين، وتنتهي عند القطب المتجمد الشمالي. المتجمِّد مثل الأعصاب التي تمارس كل فصول الكارثة على الأرض. من اليمين المتشدّد، إلى اليسار الذي «تَيامَن» وكاد يتحول إلى «جنس ثالث»، وليس انتهاء بالداء العضال الذي ابتلي به العالم: التيار الإسلاموي التكفيري الانتحاري الانتهازي الذي هو طارئ وسيظل مقيماً، ما لم تتم معالجة الكارثة على مستوى المناهج والقوانين، وتفعيل مبدأ المواطنة. التيار الذي بعد أن تجرَّأ على احتكار الحقيقة، لم يتردَّد لحظة في التجرؤ على احتكار الله!
ما الذي يتعيَّن علينا أن نفعله؟ أنلوذ بالعمى؟ أنتخذ التيه خرائط؟ أنتمسك بالتراب جبهة وناصية؟ هل نربِّي الكوابيس في غرف نومنا باعتبارها حيوانات أليفة؟ هل نتخذ من هذه الظُلْمة اللانهائية شموع أعيادنا وأفراحنا الشحيحة؟ هل ندخل في حوار جاد مع الذين يهندسون المذابح، ويضعون خطط التصفيات؟
لم يبقَ من ملامحنا إلا ما نتذكَّره في طفولة لا نتذكَّر منها حتى انهماكنا بالقليل من تفاصيلها. لم يبقَ من أجمل الأيام التي لم نعشها إلا التأكد من تحديث وصايانا بالأثاث القديم، والجدران المتهالكة، واليابس والموحش من النبات، تماماً كالذي سيجاورنا في المقام الأخير!
غرباء نحن في هذه التقسيمات التي تحمل مراميها الجهنمية. الغربة التي تبدأ بالمكان، ولا تنتهي بالوقت وخذلانه.
ما الذي يمكن قراءته في هذا العدم الرابض على أرواحنا؟ سوى أن نلوذ بما تبقَّى فيها من قدرة على التحصُن بالحقوق، والتمسُّك بالنزعة الإنسانية في البقاء. البقاء من دون شروط تمتهن حق الحيوان في الحياة؛ عدا حق البشر فيها. البشر الذين يُراد لهم الاستقالة من الحس والقيمة والمعنى. والتورط في التسميات التي لن تمنحهم ميزة سوى تفاهة التسميات، وما يخرج به الإعلام عليهم من بيانات تمعن في تورطهم في الغيبوبة والاستلاب وانتهاء الجدوى. جدوى وجودهم ما لم يكونوا «كومبارس» في هذه الملهاة «العبيطة».
لا أحد يلتفت إلى الكهوف التي تتستَّر بها المدن. مدن الحَجَر والحَجْر. الرهان على الموت وحده لا الحياة. ثقافة الاصطفاف بقلب مطابق للعشيرة لا خفة أن تحدّد ما الذي تريد أن تكون عليه.
هندسة المذابح، تلك التي يتولَّاها «داعش»، وبقية جوقة الإرهاب الإسلاموي الذي يريد إخراج الناس من الجاهلية المعاصرة، إلى الجاهلية الأولى، تلك التي ليس الوأد أحد أبشع ممارساتها، بقدر الوأد الذي تمارسه ضد المرأة وهي تتنفس؛ علاوة على وأد المخلوق البشري، بالتعامل معه باعتباره أقل قيمة من الدابَّة، وأحقر من أن يكون له شأن.
إنها هندسة ممعنة في أقصى درجات ذهابها إلى العودة بهذا الكوكب إلى ما دون بدائيته الأولى، توحُّشاً، وانفصالاً عن انتمائه للجنس البشري، بكل ما يتوجَّب عليه أن يكون.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 5166 - الجمعة 28 أكتوبر 2016م الموافق 27 محرم 1438هـ
ابحث عن الدعم البريطاني لأي تيار مهما يكن انتمائه سترى ان هذا الفكر قابل لالاستغلال وللتطرّف
هذه سجيّة المخابرات البريطانية التي تدرس كل الاديان والمذاهب بدقّة متناهية لتتعرّف على نقاط الضعف فيها ومن أين يمكن اختراقها، وهذا لا يتوقف على دين معيّن او مذهب معيّن انما القصد هو التطرّف اينما وجد في ديانة او مذهب او معتقد فإن الأجهزة المعنية بذلك تقوم بالتحالف معه ودعمه