بدأ زعماء الكونغرس الديمقراطيون والجمهوريون في مناقشة مشروع القرار الذي تقدم به الرئيس جورج بوش مطالبا منحه تفويضا يمنحه صلاحيات واسعة لشن حرب شبيها بما كان والده الرئيس السابق حصل عليه من الكونغرس في يناير/ كانون الثاني 1991.
وترافقت مساعي بوش الابن في الحصول على دعم الكونغرس لتجريد العراق من اسلحته وشن هجوم عسكري عليه بغرض الاطاحة بنظام حكمه، حملة سياسية للحصول على دعم روسيا لمشروع قرار في مجلس الأمن يسمح باستخدام القوة العسكرية ضد العراق .
وبعد ان يذكر مشروع القرار الذي نشره البيت الابيض يوم الجمعة الماضي قرار الكونغرس الذي اصدره في العام 1998 المعروف باسم «قانون تحرير العراق» بأن السياسة الاميركية يجب ان تكون الاطاحة بالقيادة الحالية ونشر الديمقراطية في العراق، تؤكد مسودة مشروع القرار ان «الرئيس مفوض باستخدام كل الوسائل التي يقرر انها مناسبة بما فيها القوة من اجل تعزيز تنفيذ قرارات مجلس الامن والدفاع عن مصالح الامن القومي للولايات المتحدة ضد التهديد الذي شكله العراق، واستعادة السلم الدولي والامن في المنطقة».
وقال عدد من كبار زعماء الكونغرس من الحزبين إنهم يتوقعون بعض التغيير في صوغ القرار وخصوصا فيما يتعلق باستعادة السلم الدولي في المنطقة. وقال زعيم الاكثرية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الاميركي توم داشل: «إننا مهتمون ومصممون على إبقاء التركيز على العراق، وليس على ايران او غيرها من الدول في المنطقة التي تشكل ايضا خطرا على الولايات المتحدة».
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جوزيف بايدن (ديمقراطي من ولاية ديلاوير): «انني متأكد من ان الرئيس لا يطلب منا بشكل خاص منحه سلطة منفردة للتحرك ضد سورية أو لبنان إذا لم يكن هناك سلام على حدود لبنان. لذلك فماذا يعني مشروع القرار؟».
أما زعيم الاقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ترينت لوت فقال: مشروع القرار «قوي للغاية». واضاف: «ان الرئيس اوضح أنه يريد عملا من الكونغرس، ويجب علينا ان نرى ما هي التوصيات التي ستتخذ».
ولتعزيز موقفه ازاء الكونغرس، اتجه الرئيس بوش إلى حشد تأييد دولي لخطط حكومته ضد العراق فالتقى الجمعة الماضي وزيري الدفاع والخارجية الروسيين: سيرجي ايفانوف وايغور ايفانوف في محاولة للحصول على تأييد روسيا في مجلس الامن لمشروع قرار اميركي جديد يسمح باللجوء إلى استخدام القوة ضد العراق لارغامه على تنفيذ قرارات مجلس الامن. غير ان وزير الدفاع الروسي اشار إلى ان اولوية الحكومة الروسية هي عودة مفتشي الاسلحة وتأجيل بحث مشروع القرار الاميركي. وقال في مقابلة مع شبكة التلفزيون الاميركية (إن بي سي) إن البيت الابيض لم يقنع موسكو بالحاجة إلى مثل ذلك التفويض.
وقال وزير الخارجية الروسي لدى خروجهما من البيت الابيض بعد الاجتماع مع بوش، إن روسيا والولايات المتحدة تؤيدان ضرورة التزام العراق بقرارات مجلس الامن السابقة كافة، كما تعتقدان بضرورة عودة المفتشين الدوليين إلى العراق. واوضح ايفانوف بأن موافقة العراق على عودة المفتشين كانت «بسبب جهود روسيا». واضاف بأن الولايات المتحدة وروسيا مهتمتان بأن يكون عمل المفتشين في العراق فعال. مشيرا إلى ان موسكو وواشنطن اتفقتا على مواصلة التشاور بشأن العراق.
واستبق بوش اجتماعه بالوزيرين الروسيين بإجراء محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلايمير بوتين الذي قال إنه «يؤيد عودة مفتشي الاسلحة إلى العراق لاستئناف عملهم».
وقال سيرجي ايفانوف إنه ينبغي على الامم المتحدة «إرسال مجموعة كبيرة من المفتشين، والمراقبين... مع صلاحية دخول اي بيت، اي بناية، اي معمل». وانتقد ايفانوف استراتيجية بوش في الاطاحة بالرئيس العراقي وقال: «إنها يجب ان تعود إلى الشعب العراقي الذي يقرر لمن يصوت».
ويري خبراء ان البيت الابيض يسعى ايضا إلى استغلال موضوع العراق كمسألة انتخابية لصالح الجمهوريين في حملة انتخابات الكونغرس الانتصافية التي ستجري في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل وأن موافقة الكونغرس على منحه التفويض الذي يطلبه سيعزز من فرص نجاح حملته الانتخابية. والسؤال في واشنطن هو ما اذا كان باستطاعة الكونغرس العمل قبل انتهاء دورة انعقاده العادية في النصف الثاني من شهر اكتوبر/ تشرين الاول المقبل للتفرغ للحملة الانتخابية. وقال زعماء في الكونغرس إنهم يأملون ان ينتهوا من التصويت على مشروع القرار قبل انتهاء دورة الكونغرس، غير ان معظم الاعضاء قالوا انهم يتوقعون العودة إلى دورة تتسم بعدم الحسم في اية قرارات بعد انتخابات نوفمبر. وقال مساعد زعيم الاقلية الديمقراطية في مجلس النواب الاميركي ريتشارد غيبهارت إن عملا سريعا لا يبدو مرجحا. واضاف: «إننا لسنا في مرحلة تفاوض حول لغة القرار» مشيرا إلى ان انشغال مجلس النواب بجدول اعماله الذي يجب ان ينتهي من مناقشتها قبل انفضاض دورة انعقاده، وسفر الكثير من الاعضاء إلى خارج واشنطن.
وترافق مع نشر مشروع قرار التفويض تسريب البيت الابيض يوم الجمعة الماضي وثيقة عن سياسة بوش بشأن حرب وقائية يطلق عليها خبراء «مبدأ بوش».
وقال وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد امام «لجنة القوات المسلحة» في مجلس الشيوخ الخميس الماضي إن القوة الجوية وحدها لن تقضي على قدرات العراق العسكرية، مشيرا الى ضرورة الاعتماد على قوات برية لتحقيق الاهداف. وقالت صحيفة «واشنطن تايمز» نقلا عن مسئول عسكري اميركي كبير إن الهجوم قد يقع في شهر فبراير/ شباط المقبل، وان البنتاغون لايزال يبحث حجم القوات التي ستشارك فيه. وهناك بين 75 ألفا إلى 250 ألف جندي يتوقع نشرهم على مساحة واسعة وتجنب إقامة معسكرات كبيرة حتى لا تتعرض بسهولة لصواريخ «سكاد» عراقية تزعم واشنطن ان بغداد لاتزال تمتلك بعضها
العدد 17 - الأحد 22 سبتمبر 2002م الموافق 15 رجب 1423هـ