كانت جذوع النخيل تستخدم في العديد من الأمور، وأهمها بناء المنازل، سواء كانت بيوت الطين أو تلك التي كانت تُبنى من سعف النخيل. كما كانت تستخدم الجذوع في صناعة العديد من الأدوات كالگرو والمنحاز والغرافة وغيرها. والجذع هو ساق النخلة، ولا يمكن الحصول عليه إلا بقتل النخلة، أو بعد موت النخلة بأسباب طبيعية. ولا يتم اللجوء إلى قتل النخلة إلا في حالات يكون فيها حاجة ماسة إلى أحد الجذوع فيضطرون لإسقاط النخلة. وقديماً عندما يتم قطع نخلة، فإنه يتم تعويضها، وذلك بغرس فسيلة مكانها أو قريباً من موقعها، وتُسمّى هذه الفسيلة المغروسة «خِلفة»؛ ولذلك لم يكن عدد نخيل البستان القديم ينقصُ. هذا، ولا يحق للضامن التصرف في النخيل دون إذن مالك النخل، بل مالك النخل هو الذي يحدد أي النخيل التي ستقطع (صحيفة «الشرق»، العدد رقم 1349 بتاريخ 14 أغسطس/ آب 2015).
يذكر، أنه حتى في حال سقوط نخلة، فإنه لا يتم التصرف فيها إلا بعد أن يتم الكشف عليها والتحقق من سبب سقوطها، هذا ما كان ينص عليه أحد قوانين مياه النخيل في البحرين والصادر في العام 1960م (Serjeant 1993)، وينص هذا القانون على أن «النخلة الساقطة والميتة ليس للضامن فيها حق التصرف إلا بعد كشف المالك أو من يقوم مقامه وإذا عمل بخلاف ذلك فهو مسئول للمالك عن ثمن النخلة في ما لو كانت حية تثمر وإذا تعمّد المالك عدم الحضور فللضامن حق التصرف».
وبعد أن يتم الحصول على جذع النخلة، يسلم إلى المتخصص في تقطيع جذوع النخيل والذي يعمل على تقطيع وتشكيل الجذع. ويعرف هذا الشخص المتخصص باسم المسجن.
مهنة المسجن
المسجن هو الشخص الذي يمارس مهنة تسجين جذوع النخيل أي تقطيعها أو تشكيلها لصناعة أدوات مختلفة كالگرو والمنحاز وغيرها، وهذه التسمية معروفة في البحرين ومناطق أخرى في الخليج العربي، كالمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، غير أن البعض استبدلها بتسمية أخرى هي المجدع. وعلى رغم قدم لفظة المسجن، إلا أنها لم ترد حرفياً في المعاجم اللغوية القديمة، ولكن تم الإشارة لفعل تسجين جذوع النخيل، فقد جاء في معجم «تاج العروس» (مادة سجن): «السِّجِّينُ: (السِّلْتِينُ مِن النَّخْلِ)، وهو ما يُحْفَر في أُصُولِها حُفّراً تجْذِبُ الماءَ إليها إذا كانتْ لا يَصِل إليها الماءُ. وسَجَّنَهُ تسْجِيناً: شَقَّقَهُ. وسَجنَ النَّخْلَ: جَعَلَها سِلْتِيناً. يقالُ: سَجِّنْ جِذْعَكَ، لُغَةُ أَهْلِ البَحْرَيْن».
هذا، ولم نعثر على توثيق جيد لمهنة المسجن في البحرين، على رغم انتشار هذه المهنة قديماً في البحرين، وذلك لأهميتها، كما ارتبط اسم المسجن بعوائل محددة، كان يمارس أفرادها مهنة تسجين جذوع النخيل. إلا أنه من المتوقع أن تتشابه تفاصيل مهنة المسجن في البحرين مع تفاصيلها في مناطق أخرى في الخليج العربي، وخصوصاً المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية حيث مازالت تمارس هذه المهنة. ومن المصادر التي تم الرجوع لها في توثيق تفاصيل هذه المهنة مقال نشر حول مهنة التسجين في صحيفة «الشرق» (العدد رقم (1349) بتاريخ 14 أغسطس 2015)، بالإضافة لفلمين قصيرين يوثقان عملية التسجين في القطيف نشرا على موقع youtube.com (الأول من رفع موسى الرمضان، والثاني من رفع طاهر العلي).
وتبدأ عملية التسجين بقطع جذع النخلة (عرضياً) إلى قطع متوسطة الطول (قرابة مترين)، في حال كان الجذع طويلاً، وبعدها تتم عملية تنظيف الجذع من الكرب، ومن ثم تبدأ عملية فلق الجذع إلى نصفين متساويين، وبعدها يتم فلق كل نصف إلى نصفين آخرين، فتكون النتيجة أربع قوائم طولية، وكل قطعة عبارة عن عمود بطول القطعة الأساسية، ولها ثلاثة وجوه طولية. يذكر أن عملية فلق الجذع تتم بمجوعة من الأدوات يصطلح عليها اسم العافية وبناتها في القطيف، أما في الأحساء فتسمى العافية واعْيالْها (صحيفة الشرق، العدد رقم (1349) بتاريخ 14 أغسطس 2015).
يذكر، أن عملية فلق الجذع تبدأ بعمل شق طولي باستخدام الفأس، وبعدها يتم الاستعانة بقطع خشبية لها شكل منشور ثلاثي، تكون مستدقة من الأمام وعريضة في الطرف الآخر، وتستخدم هذه القطع في ضبط كلّ شق، ويتم حشر هذه القطع على امتداد الشق، وذلك باستخدام «العافية» وهي قطعة خشبية ثقيلة تستخدم كمطرقة تضرب بها القطع الخشبية (صحيفة «الشرق»، العدد رقم (1349) بتاريخ 14 أغسطس 2015). كما تستخدم في ذلك فأس خاصة شبيهة بالصخين، وذلك للمباعدة بين فلقتي الجذع، وبهذه العملية يتم فلق الجذع إلى فلقتين طوليتين. وبعد ذلك يتم فلق كل فلقةٍ إلى فلقتين أخريين. أحياناً، يكون قطر جذع النخلة كبيراً جداً، وفي هذه الحالة لا تفلق لأربع قطع بل أكثر من ذلك، بحسب طول قطر النخلة.
منتوجات المسجن
هناك العديد من الاستخدامات لجذوع النخيل، التي قد يستعمل فيها الجذع كاملاً دون أن يتم فلقه، أو قد تستخدم القوائم الناتجة من عملية الفلق، وقد ذكر المزين في دراسته «مجتمع النخلة» (المزين 1997، الواحة العدد 6)، الكثير من الأدوات التي تصنع من الجذع، بعضها كان يصنع في البحرين حتى عهد قريب، ومنها مازال يصنع حتى اليوم كالجسور التي توضع فوق السواقي والمنجيات في المزارع. إلا أن أهم الاستعمالات التي عرفت في البحرين هي استعمال الجدع في بناء المنازل سواء كانت الطينية أو تلك التي تبنى بمنتوجات النخلة (العرشان). ففي البيوت الطينية تستخدم القطع الناتجة من عملية الفلق كجسور فوق النوافذ أو فوق الروازن (جمع روزنة) وهي التجويف الذي يوجد بين أعمدة الغرف. أما في بناء العرشان (جمع عريش) فتستخدم قطع من جذوع النخلة غير مفلوقة تستخدم كأعمدة ودعائم للعريش، كما تستخدم القوائم الناتجة من عملية الفلق في السقف أو كأعمدة مساندة.
كما تستخدم الجذوع في صنع العديد من الأدوات مثل الگرو (القرو)، وهو وعاء مستطيل مجوف كبير يوضع بداخله طعام البهائم عند إطعامها. ويتم صنع (الگرو) من جذع النخلة حيث تنظيفه من الخارج ومن ثم يحفر وسطه. كما يصنع من الجذع المنحاز وهو من أنواع الهاون. هذا، وتستخدم جذوع النخيل الهشة أو الميتة كوقود، حيث يتم تقطيعها إلى قطع صغيرة تعرف باسم الصيران. وقد سبق أن تناولنا صناعة الگرو والمنحاز والصيران بصورة مفصلة في حلقات سابقة.
تابع ماقبله،،،
الهائلة من الروبيان التى كانت تملأ الساحات في "خللبال" آنذاك وهو منشر عائلة آل محسن وكذلك المنشرين الآخرين لعائلتي آل حسين والمغني ، إذ تبقى لفترة طويلة جدا ملتهبة قبل التحول إلى رماد، كنا ونحن صغار نشوي عليها حصتنا من الروبيان، ونصطلي بها في آن واحد .
قطع السجين لها قدرة عجيبة في الوقود أو جذوة إشتعال النار ومن وجهة نظري الشخصية فإن منفعة أو فائدة السجين في الوقود تأتي بعد استخدامات البناء من حيث الأولوية والأهمية وذلك من واقع تجربة، فقد كانت مصدراً مهماً للنار المستخدمة في سلق الكميات،، للتعليق بقية
عائلة المسجن في قرية بوري من العوائل العريقة التي اشتهر اجدادها بهذه المهنة.