قال مدير مهرجان الصواري المسرحي للشباب الفنان والمخرج المسرحي أحمد الفردان، إن المهرجان الذي عقد دورته الحادية عشرة في شهر سبتمبر/ أيلول 2016، يكتب الآن تاريخاً جديداً من النجاح، وإن دورته الأخيرة حققت نجاحاً منقطع النظير أشاد به جميع من حضر المهرجان ومن شارك فيه. الفردان الذي يستعد حالياً لإدارة نسخة جديدة من المهرجان يفترض أن تنطلق العام 2018 ولكن بزخم مختلف، تحدث إلى «فضاءات» في اللقاء بشأن المهرجان، أسباب توقفه، وعودته، ومن ثم نجاحه الباهر.
تزامنت الدورة الأخيرة من مهرجان الصواري المسرحي للشباب وهي الحادية عشرة من عمر المهرجان، مع مرور الذكرى الخامسة والعشرين على تأسيس مسرح الصواري... ولذلك جاءت دورة مميزة على جميع المستويات. لكن بالنسبة لك أنتم (الصواريون)، هل تجد أنكم احتفيتم بهذه الذكرى وبكل ما تعنيه بالشكل الذي يليق بعطاء مسرحكم وانجازاته؟
- بالتأكيد، الاحتفال بمرور خمسة وعشرين عاماً على تأسيس مسرح الصواري أمر مهم بالنسبة لكل الصواريين، ولان «الصواري» كان - ولا يزال - يضع نصب عينيه العمل والتجربة والاختبار، كان لابد من استذكار كل المؤسسين والأجيال التي تلتْهم من الذين حفروا الصخر لكي تكون هذه الفرقة الأهلية الصغيرة بمواردها وإمكانياتها اسماً لا يمكن إغفاله. وما كمّ المشاريع والورش والعروض المسرحية التي تم تقديمها طوال الخمسة عشر عاماً الماضية سوى دليل على تميّز مسرح الصواري. ولعل مهرجان هذا العام جاء ليعزز فكرة مواصلة البحث في عالم المسرح العميق وفتح قنوات الاتصال مع الآخر وجعل مهرجاننا يتخطى المحلية والخليجية ويكون عربياً بامتياز وهذا ما شهدناه وسمعناه من شهادات من الوفود المشاركة والضيوف الرسميين والدبلوماسيين وجمهور المهرجان وشتى وسائل التواصل الإعلامية التي حضرت وغطت المهرجان.
تحدَّثت بفخر عن النجاح الكبير الذي حققته الدورة الأخيرة من المهرجان التي أقيمت مطلع شهر سبتمبر 2016، كيف تقيس هذا النجاح وما العوامل التي تعتمدها لتقرر ذلك؟
- ولله الحمد، حققت الدورة الأخيرة من المهرجان نجاحاً قياسياً، أقيسه بالحضور الجماهيري القوي الذي حظي به المهرجان؛ إذ تكاد تكون مقاعد الجمهور شبه ممتلئة طوال مدة المهرجان، وكانت معظم ردود الفعل من هذا الجمهور إيجابية، لدرجة أن البعض كان يود أن تطول فترة المهرجان وأن تكون هناك عروض أكثر وفعاليات أكثر، ولكن يبدو أن توقيت المهرجان وتزامنه مع عيد الأضحى المبارك حال دون استضافة عدد أكبر من العروض.
وربما ساهم وجود عروض من مدارس فنية مختلفة في تحقيق هذا النجاح، كذلك وجود عروض من عدة دول عربية ساهم في إنجاحه، وفي الحقيقة يمكن القول، إن الدورة الحادية عشرة من المهرجان هي دورة عربية بامتياز، ولذا حصلت على تغطيات إعلامية من عدد من الجهات. كذلك أقيس النجاح بعدد العروض التي تقدمت للمشاركة في المهرجان والذي وصل إلى 28 عرضاً، تم قبول 7 منها فقط، وبعد إغلاق باب تقديم الطلبات، تقدمت أكثر من 10 عروض أخرى للمشاركة ولكن لالتزامنا بشروط المشاركة والشفافية أمام المشاركين تقدمنا بالاعتذار لمن تأخر عن الموعد متمنين أن يقوموا بالمشاركة في الدورات المقبلة.
أعتقد أيضاً بأن ما ساهم في إنجاح المهرجان هو تشكيل فريق إداري قوي وأكبر عدداً من الفريق الذي كان يدير الدورات السابقة، والزيادة طالت أعداد المتطوعين أيضاً، فهناك حماس كبير من الشباب للمشاركة في مختلف لجان المهرجان، على رغم كونهم متطوعين.
والحقيقة هي أننا بفضل كل تلك العوامل تمكنا من تقديم نسخة من المهرجان على درجة عالية من التنظيم؛ الأمر الذي جعل كثيراً من أعضاء الفرق المشاركة من خارج البحرين يستغربون حجم التنظيم والكيفية التي تمكنت من خلالها فرقة أهلية صغيرة من تنظيم مهرجان بهذا الحجم؛ إذ تصور بعضهم أن المهرجان حاصل على رعاية رسمية أو ما شابه ذلك.
تم رفض عدد من طلبات المشاركة في المهرجان لعدد من العروض، هل يعود ذلك لأسباب فنية أم لأسباب أخرى ربما تتعلق بضيق الوقت.
- بالطبع هناك معايير فنية تم وضعها من قبل إدارة المهرجان ولجنة متابعة واختيار العروض التي كانت برئاسة الفنان محمد الصفار وعضوية كل من: الفنان عادل شمس والفنان حسن منصور، وكانت هناك لجنة أخرى معنية بالعروض المحلية وعروض الصواري بعضوية كل من: الفنان حسين الرفاعي والفنان سلمان العريبي، وكانت مهمة هاتين اللجنتين تنقيح واختيار العروض المميزة من كل طلبات المشاركة، وقد كانت عملية الاختيار صعبة، وخاصة أن هناك كماً من العروض المميزة والحائزة على جوائز في مهرجانات دولية، لذلك كان عامل الوقت أو فترة المهرجان هو الشرط الحاسم للاختيار وهكذا تم اختيار العروض السبعة التي شاركت في المهرجان والتي جاءت من دول مختلفة هي: السعودية، الكويت، عُمان، مصر، المغرب، وعرضين من البحرين لمسرح الصواري.
ما الجديد الذي قدَّمه هذا المهرجان عن الدورات السابقة؟
- إن اتساع الرقعة الجغرافية والفنية للمهرجان وفتح المجال أمام العروض العربية كان له بالغ الأثر في إثراء المهرجان وفسح المجال أمام الشباب البحريني للتعرف على تجارب الآخرين، وبالمثل بالنسبة إلى المشاركين من الدول العربية، وأعتقد أن المهرجانات هي فرصة مهمة لخلق بيئة تواصل وتبادل ثقافي وخبراتي للمهتمين بالشأن المسرحي، وهو ما شهدناه في العروض وندوات المهرجان التي أتت لتعزز مفهوم التبادل والحوار
توقف المهرجان لسنوات طويلة، ثم عاد ليتوقف العام الماضي (2015). ما سبب هذا التوقف الذي يحدث بين فترة وأخرى. ما هي الإشكالات والمعوقات التي يعاني منها مسرح الصواري والتي تعيق استمرارية تقديمه لهذا المهرجان المتميز؟
- عندما توقف المهرجان في العام 2001 كان ذلك لأسباب مادية وبسبب قلة الموارد البشرية؛ إذ يحتاج مهرجان بهذا الحجم إلى موازنة وجهد من الكوادر العاملة في لجانه، كما إنه يحتاج إلى كثير من الوقت والتفرغ لتنظيمه. لهذه الأسباب ارتأينا كمجلس إدارة أن يقام المهرجان كل سنتين حتى يتسنى العمل عليه بشكل أفضل ويظهر بأحسن صورة ممكنة.
حين توقف المهرجان العام 2001، ارتأى بعض أعضاء المسرح إقامة فعاليات أخرى بديلة والاكتفاء بها، لكن البعض الآخر، وأنا أحدهم، أصروا على ضرورة إحياء المهرجان والتمسك بفكرته، ليعود أخيراً في العام 2013 فكأن هذا الحلم بدأ يكبر معي والطموح أن هذه المهرجان يظل ويبقى وكنا نتمنى أن يكون مهرجاناً سنوياً لكن موضوع التنظيم والموازنة شكَّلا عائقاً لهذا الأمر.
بالطبع لدينا شركاء لكننا نطمح لأن يكون لدينا المزيد، وخصوصاً مع تحول المهرجان إلى دولي في دورته المقبلة العام 2018، ورغبتنا في استقطاب المزيد من العروض العربية والعالمية؛ ما يعني جهداً أكبر لتنظيم عمل اللجان بما يتناسب مع حجم المهرجان الذي سيصبح مهرجان الصواري المسرحي الدولي للشباب.
يُعدُّ هذا المهرجان أول مهرجان شبابي مسرحي في الخليج تأسس في العام 1993، وقد خرَّج العديد من المبدعين الذين يعملون اليوم في الساحة الفنية المحلية والخليجية. ومن بينهم أنت، حدِّثنا عن تجربتك مع مسرح الصواري.
- بالنسبة لي شخصياً، حضرت الدورة الثالثة من مهرجان الصواري متفرجاً وفي الدورة الرابعة حرصت على المشاركة في أحد عروض المهرجان وقد نلت شرف المشاركة في عرضين أحدهما (صديقان ولكن) للمخرج محمود الصفار، والآخر (أربعة على الهوا ) للمخرج حسين الحليبي، وقد حصلت من هذا الأخير على جائزة أفضل ممثل أول ومن بعدها تلت مشاركاتي كممثل ومخرج ومصمم سينوغرافيا وكيروغراف في بعض الأعمال ونلت عدداً من الجوائز، بالنسبة لي كما هو بالنسبة للكثيرين من أبناء الصواري الذين لا نزال نناضل معاً حتى اليوم، هذا المهرجان كبر معنا وأصبح حلمنا وشغفنا الدائم لذلك نحن نسعى جاهدين لإبقائه وإيصاله إلى العالمية.
الدورة الدولية المقبلة تتطلب منا جهداً أكبر، وأنا كلي ثقة بالشابات والشباب العاملين في لجان المهرجان بأننا نستطيع أن نقدم دورة متميزة، ولعلي هنا اقتنص الفرصة لأشكر جميع اللجان على جهودهم الحثيثة والمضنية منذ أن توليت إدارة المهرجان في الدورة التاسعة في العام 2013؛ إذ إننا جميعا بدأنا نرسم الطريق لمهرجان يكتب الآن تاريخه، واستطعنا أن نحقق إنجازات عديدة معاً على صعيد الإدارة والتنظيم، وأيضاً لا أنسى الصواريين المشاركين في العروض المسرحية الرائعة والمميزة التي قدمت على مدى الدورات السابقة، والتي أثبتوا فيها يوماً بعد يوم مدى حبهم وشغفهم للمسرح عموماً، ولـ (الصواري) خصوصاً، والشكر موصول لمسرح الصواري وإدارته الحاضنة الأساسية لكل هذا العرس المسرحي.