هناك ظاهرة تاريخية مفادها أن بناء المدن والمجتمعات والحضارات يحتاج لقرون، بينما لا يحتاج تدميرها إلا لبضعة أيام أو حتى لبضع ساعات في أيامنا الحالية.
نحن العرب، إذ نشاهد أمامنا ذلك الدمار الهائل الذي حدث ويحدث لمدن ومجتمعات الكثير من الأقطار العربية، نحتاج أن نذكر أنفسنا بتلك الظاهرة من جهة، ومن جهة أخرى بقاعدة سياسية - اجتماعية مفادها أن الحرب لا تنتهي بتوقُف القتال وسفك الدماء. ذلك أن الحرب، بسبب الدمار الذي أحدثته والفتن التي أحيتها ومشاعر الكراهية التي أيقظتها، تمتدُ لسنين طويلة أخرى بعد توقُف إطلاق النار.
لتأكيد ما سبق فإن المؤرخين يوكدون أن الحرب العالمية الأولى لم تنته إلا بعد أن قادت فواجعها ومضاعفاتها إلى قيام الحرب العالمية الثانية، وأن هذه هي الأخرى لم تنته إلا بعد انتقال العالم إلى الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي ودول الغرب، وأن مضاعفات الحرب الباردة، حتى بعد إعلان نهايتها الرسمية، تعكس نفسها الآن في شكل حروب وصراعات إقليمية لا تنتهي في مكان حتى تشتعل في مكان آخر.
ولم نذهب بعيداً ففي تاريخنا لم تنته معركة الجمل إلا عند بدء معركة صفين، وأن هذه قادت بعد ذلك إلى عدد لا يحصى من الحروب والثورات والصراعات السياسية والمذهبية التي لاتزال معنا إلى يومنا الذي نعيش.
من هنا ستحتاج مجتمعات الأقطار العربية، المنكوبة حالياً بالحروب والصراعات، تحت مختلف الرايات وصيحات القتال، ستحتاج إلى سنين طويلة لتلتئم جراحات حروبها وصراعاتها الطائفية والإثنية العبثية التي تعيش جحيمها في اللحظة التاريخية الحالية، إضافة بالطبع لبناء ما دمرته الحروب والصراعات من عمران واقتصاد.
من هذين المنظورين لن يكون هناك غالب أو مغلوب، وسيرتكب أبشع البلادات، من بين المحاربين ومن بين أنصارهم وأزلامهم، من سيعتقد بأنه سيقطف ثمار النصر الوهمي، فلن تكون هناك ثمار لتقطف وإنما فقط مذاقات المرارة وحسرات الندم.
هذا تذكير يوجه لكل نظام حكم، لكل جماعة إثنية، لأتباع كل مذهب أو دين، لأفراد كل قبيلة، لكل ممارس لرذيلة الزُبونية سواء لقوى الخارج أو لرؤوس الفساد في الداخل، لضباط كل جيش عربي.
لماذا نطرح هذا الموضوع؟ نطرحه لأن حراكات الربيع العربي، التي قامت في بداياتها لتحقيق أهداف شرعية ونبيلة، قد حرفها البعض، على المستويين الرسمي والمدني، نحو المسار الكارثي العبثي الذي نتحدث عنه، والذي لن ينتهي بإلقاء السلاح وإعلان هدنة السلام. البعض فعل ذلك بسبب جهل وقلة خبرة والبعض الآخر قصد من وراء ذلك تشويه سمعة تلك الحراكات وإيصالها إلى الفشل واليأس، ومن ثم حرفها عن أهدافها النبيلة التي بدأت بها نضالها.
نطرحه أيضاً لأن المظالم التي فجرت حراكات الربيع العربي ستظل معنا لسنين طويلة، وبالتالي فإن الصراعات السياسية ستستمر في المستقبل المنظور.
لكن هل سيتعلم المستقبل من فواجع الماضي؟ هل سيجعل الجميع خيار الحرب والصراعات الدموية خياراً لا يُطرق إلا إذا فشلت جميع خيارات الأخذ والعطاء والتقابل في منتصف الطريق، وممارسة تراكم المنجزات السياسية والحقوقية عبر الزمن المعقول، وذلك قبل الانتقال إلى طريق ارتكاب حماقات الحروب وإسالة الدماء التي ستمتد، كما ذكرنا، آثارها عبر المستقبل البعيد؟
نحن هنا، بالطبع لا ننفي الحق المقدس للشعوب في أن تناضل، بل وتحارب، من أجل دحر الظلم والظالمين وترسيخ قيم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية والمساواة في أوطانها.
نحن هنا نعيد التذكير بدروس التاريخ البشري، عبر القرون، بشأن تجنُب الطرق الخاطئة والمسالك الخطرة عند ممارسة ذلك الحق المقدس. إذ إن جعلها ممارسة تعلي من قيمة الموت والأموات على حساب الحياة والأحياء سيؤدي إلى جعل تلك الحرب المقدسة النبيلة عبثاً في عبث.
طرق وأساليب النضال في مجتمعات العرب تحتاج إلى مراجعة، لا لإضعاف مضامين وأهداف النضال الشرعية، وإنما للارتقاء بها إلى المستويات الإنسانية السامية.
في التاريخ وفي حقائق علوم السياسة والاجتماع دروس وعبر ستعيننا على ذلك.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"العدد 5165 - الخميس 27 أكتوبر 2016م الموافق 26 محرم 1438هـ
اصبح العربي يخجل من عروبته..
يبحث عن انتصارات وهمية ضد اخيه.. بل احيانا ضد نفسه
العرب يحتاجون اعادة صياغة
.........
تنتهي بوضع الإصبع والاشارة الى مصدر الإرهاب والقول له بكل شجاعة ..
اذا وصل العالم الى نقطة الشجاعة التي تؤهله لأن يقول لأمريكا وبريطانيا ومن يسير في فلكهما من الدول العربية : كفّوا ايديكم عن التلاعب في مصير الامم والشعوب حينها سيتوقف الارهاب
صنّاع الحروب من قتلة ومجرمين ومتاجرين هؤلاء هم من شياطين الإنس وهم مجموعات متمصلحة من الحروب والدمار فأصحاب المصانع تريد تسويق منتوجاتها الفتاكة دون أي اعتبار لحياة البشر والمدر, ويعن أولئك بعض الجبابرة ومن يرون انفسهم خلق الله المختار فيجعلوا لأنفسهم الحقّ في اعطاء هذا الشعب ومنع ذاك من ابسط حقوقه والمشكلة ان هذا القتل والدمار يحاولون الصاقه عنوة بالإسلام ويدخلوا مسألة المعتقد في نفوس الجهلة مستغلين جهلهم وما سوقوه عليهم
هكذا تصنع الأموال.....والأيدي ..........
الدمار الذي الحقته الحرب على سوريا يعادل عشرات القنابل النووية وكل هذا من صنع من ومن أجل من ؟
مئات الآلاف من الابرياء أزهقت أرواحهم
دمّرت سوريا دمارا لم تدمّره حرب 1967 من قبل العدوّ الصهيوني لكن ما فعلته الأيدي ...... في بلاد العرب
قتل من الشعب السوري العراقي والسوري واليمني أضعاف ما قتله الصهاينة في حروبها من العرب