قال رئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أحمد الحجيري: إنه «في ظل المستوى المتعاظم لشكاوى انتهاكات حقوق الإنسان والوضع الحقوقي المتأزم، فإننا نحتاج إلى مؤسسة وطنية قوية ذات صلاحيات واسعة وشبه قضائية وقادرة على معالجة تعقيدات المشهد الحقوقي».
وأضاف الحجيري في ندوة قدمها في مقر جمعية وعد في أم الحصم مساء الأربعاء (26 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، تحت عنوان «قراءة حقوقية للمرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2016 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (26) لسنة 2014 بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أن «الأمر يتطلب أشخاصا في المؤسسة الوطنية قادرين على التصدي بحزم للانتهاكات المستمرة، إذ إن تفعيل آليات القوانين لن تتم ما لم يقيض لها أشخاص يؤمنون بمفاعيلها، ولا يتنازلون عن حقهم في تطبيقها دونما خشية من أي جهة أو سلطة مهما كانت».
وفي بداية ورقته قال: «حين نذكر مصطلح المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان يتبادر إلى أذهاننا بصورة تلقائية مصطلح آخر يرتبط بذلك المصطلح وكأنما هما رديفان يدوران في فلك واحد، ونعني به مصطلح مبادئ باريس المتضمنة مجموعة من المعايير الدولية المنظمة والموجهة لأعمال المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان التي تمت صياغتها في حلقة عمل دولية بشأن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان عُقدت في باريس في العام 1991 واعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في فيينا العام 1993».
وأضاف «والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بموجب تلك المعايير الدولية هي هياكل في أساسها رسمية ولكنها تعمل بشكل مستقل تماما عن تأثيرات وتوجيهات الحكومات المنشئة لها، بالرغم من أنها تتلقى التمويل المالي منها، وبالتالي لا تعدو كونها رابطا يصبّ في مصلحة الطرفين وهمزة وصل بين المجتمعات المدنية والحكومات؛ من أجل ضمان حماية حقوق الإنسان، ولا يحرك عملها سوى ما يمليه عليها الضمير السليم للأشخاص المفوضين بإدارتها.
وأردف الحجيري «ومن أجل إنشائها على أسس سليمة وتوفير المصداقية لها يتوجب على المشرع لقوانين تلك المؤسسات أن يلتزم بمبادئ باريس التي تحدد بجلاء دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وتشكيلها ومركزها ووظائفها وأهدافها المتعلقة بحقوق الإنسان وتكفل استقلالها وولايتها الواسعة في مجال حقوق الإنسان وتزويدها بتمويل كاف وتوفر لها عملية اختيار وتعيين شاملة وشفافة، وقد أصبحت تلك المبادئ مقبولة على نطاق واسع باعتبارها المحك لشرعية أي مؤسسة ومصداقيتها».
وتابع «وبإيجاز فإن هناك بموجب مبادئ باريس مجموعة معايير لقياس مدى فعالية المؤسسات الوطنية في مجال حقوق الإنسان، تتمثل في أن يستند إنشاء هذه المؤسسة على نص دستوري أو قانوني، وأن يتم ضمان استقلالها التام عن جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، إلى جانب ضمان استقلالية أعضائها، وأن يتم تعيين أو انتخاب مفوضية المؤسسة من القوى الاجتماعية المعنية بتعزيز حقوق الإنسان، وأن يتم تحديد فترة ولايتها وهيئاتها، وأن يضمن لها القانون أو الدستور اختصاصا واسعا، وأن تكون عضويتها ممثلة لمختلف التوجهات في المجتمع، وأن يتم توفير موارد مالية كافية لها للقيام بمهامها، وأن يكون لها صلاحيات كافية في التحقيق في حالات انتهاك حقوق الإنسان».
وأفاد «في العام 2009 صدر الأمر الملكي رقم (46) بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بصلاحيات محدودة، وفي العام 2014 وبعد زيارة من وفد يمثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان الذي أفلح في إقناع الجهات المعنية بضرورة مواءمة قانون المؤسسة مع مبادئ باريس صدر القانون رقم (26)، الذي كان نقلة نوعية من حيث المحتوى، وقد طلب رئيس مجلس الشورى آنذاك علي صالح الصالح من الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان قبل صدور القانون، موافاة مجلس الشورى بمرئياتها، غير أنه لم يؤخذ بما ورد في خطاب الجمعية».
وواصل «وبتاريخ 6 أكتوبر 2016 صدر المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2016 المتضمن عدة تعديلات على قانون 2014، على أن جميع تلك القوانين نصت بجلاء على الجانب القانوني لإنشاء المؤسسة حيث ورد في المادة الأولى من قانون 2009 ما نصه «تنشأ المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لتتولى تعزيز وتنمية وحماية حقوق الإنسان، وهي مؤسسة مستقلة تمارس عملها بحرية وحيادية»، أما قانون عام 2014 فقد نص في مادته الثانية على أنه «تنشأ مؤسسة مستقلة تسمى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تتولى تعزيز وتنمية وحماية حقوق الإنسان، وترسيخ قيمها، ونشر الوعي بها، والإسهام في ضمان ممارستها، ويكون مقرها في مدينة المنامة، وتتمتع المؤسسة بالشخصية القانونية الاعتبارية المستقلة استقلالا ماليا وإداريا، وتمارس مهامها بحرية وحيادية واستقلالية تامة، أما في المرسوم بقانون الذي نحن بصدده فقد أبقي على النص السابق مع إضافة عبارة «ويهيأ المبنى للأشخاص ذوي الإعاقة»، وهي عبارة أقحمت إقحاما على نص المادة».
وذكر أن «الإيفاء بشرط إنشاء المؤسسة الوطنية بموجب قانون أو بتضمينه مواد الدستور، كما هو الحال بالنسبة لجنوب إفريقيا يعد أمرا مهما لتمييز المؤسسة الوطنية عن باقي المنظمات والهيئات والجمعيات غير الحكومية، ويعطيها الغطاء القانوني لممارسة اختصاصاتها، وإلزام الجهات الحكومية في الدولة بالتعاون معها، ونرى أن النص كما ورد في المادة الثانية للمرسوم بقانون يعطي المؤسسة الوطنية الغطاء القانوني اللازم، ويميزها عما سواها من التنظيمات الحكومية وغير الحكومية».
وأوضح أن «الأمر الثاني هو أن يتم ضمان استقلالها التام عن جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى جانب ضمان استقلالية أعضائها، فمن حيث الاستقلال المالي والإداري، فإن الفقرة الثانية من المادة الثانية التي سبقت الإشارة إليها تشير بوضوح إلى استقلالية المؤسسة ماليا وإداريا حسبما تورده مبادئ باريس، حيث تنص تلك المادة على تمتع المؤسسة بالشخصية القانونية الاعتبارية المستقلة استقلالا ماليا وإداريا، وتمارس مهامها بحرية وحيادية واستقلالية تامة».
وأضاف «أما استقلالية مجلس المفوضين في وضع لائحتيه الداخلية والتنفيذية، فهو أمر جيد إذا ما قورن بتجارب دول أخرى تفرض تلك اللوائح، استقلالية توظيف كوادر الأمانة العامة، وعدم خضوع المؤسسة للسلطة التنفيذية أو التشريعية أو القضائية، ووجود حصانة تضمن عدم عزل عضو مجلس المفوضين، وهنا نجد بأن مبدأ الاستقلالية الذي تتطلبه مبادئ باريس قد تحقق قانونيا».
وواصل «والأمر الثالث هو أن يتم تعيين أو انتخاب مفوضية المؤسسة من القوى الاجتماعية المعنية بتعزيز حقوق الإنسان وأن يتم تحديد فترة ولايتها وهيئاتها، فتشير كل من المادة الثالثة والمادة الخامسة من المرسوم بقانون إلى أن مجلس المفوضين المكون من 11 عضوا يتم تعيينه من قبل الملك، وهو ما لا يتوافق فعلا مع ما جاء في مبادئ باريس التي ذهبت إلى أن تعيين أعضاء مجلس المفوضين «يتم إما بالانتخاب أو بغيره؛ شريطة أن يكونوا ممثلين لمنظمات غير حكومية معنية بحقوق الإنسان وجهود مكافحة التمييز العنصري ونقابات العمال، والمنظمات الاجتماعية والمهنية المعنية، مثل رابطات الحقوقيين، الأطباء، والصحافيين، والعلماء البارزين، والتيارات في الفكر الفلسفي والديني، والجامعات والخبراء المؤهلين والبرلمان، والإدارات الحكومية (وفي حالة انضمامها لا يشترك ممثلوها في المداولات إلا بصفة استشارية)».
وأردف الحجيري «وبالرغم من أن التعديلات التي طالت المادة الثالثة من قانون 2014 قد وسعت دائرة التمثيل في مجلس المفوضين، إلا أن ذلك يثير عدة اشكالات سبق وأن أوردناها في مرئياتنا إلى رئيس مجلس الشورى بالنسبة لقانون 2014 وهي: أن مجلس المفوضين كما هو وارد في المادة أعلاه يتم تعيينه من «بين الجهات الاستشارية والأكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات والهيئات الاجتماعية والاقتصادية والمهنية والمدافعين عن حقوق الإنسان، ويجوز اختيار الأعضاء من بين السلطة التشريعية على ألا تكون لهم الأغلبية في مجلس المفوضية، ويشاركون في النقاش من دون أن يكون لهم صوت معدود على أن يراعى فيه تمثيل المرأة والأقليات بشكل مناسب»، والإشكال الذي نراه ليس في معاملة ممثلي السلطة التشريعية معاملة ممثلي السلطة التنفيذية أثناء عضويتهم بمجلس المفوضين، ولكن يكمن في مدى سلامة التعيين واختيار الأشخاص المناسبين، فهناك العديد ممن قد يتسربون إلى عضوية مجلس المفوضين ممن لا يعنيهم أمر تحسين الوضع الحقوقي أو قد يكونون على استعداد لمساندة إجراءات وقوانين قد لا تتفق مع حقوق الإنسان».
وأكمل «كما أن تعيين ممثلين عن الأقليات قد يتسبب في التأثير على فاعلية المؤسسة، إذ إن المنتمين إلى الأقليات عادة ما يفضلون البقاء على وئام مع الجهات الرسمية في أغلب الحالات والمواقف، ولذلك يجب ألا يكون تعيينهم قد تم من أجل التعيين وإظهار الأمر وكأنه يجسد الإيمان الاهتمام الحكومي بالأقليات».
وأوضح انه «في الأمر الملكي لعام 2009 تم تحديد عدد أعضاء مجلس المفوضين باثنين وعشرين عضوا، بينما في قانون 2014 والذي أبقت عليه تعديلات المرسوم بقانون عند 11 أي نصف العدد السابق الوارد في قانون 2009، حيث لم يراع التعديل الجديد مدى التوسع في قاعدة الجهات الممثلة في المجلس ومدها إلى قطاعات أخرى».
وذكر أنه «بالنسبة لفترة ولاية مجلس المفوضين، فقد حددتها المادة الخامسة بأربع سنوات قابلة للتمديد لمدد مماثلة، حيث ترك النص أمر التجديد مفتوحا مثله مثل ما جاء في مبادئ باريس التي اشترطت للتمديد استمرار التعددية في عضوية المؤسسة، وهو ما يخالف رأي الجمعية البحرينية الذي حدد في الخطاب الموجه إلى رئيس مجلس الشورى التجديد بفترة مماثلة واحدة ضمانا لحيوية مجلس المفوضين إضافة إلى تقييم المجلس وأعضائه خلال دورة عمل المجلس».
وأكمل «وبالنسبة لهيئات المؤسسة فقد أشارت المادة السابعة إلى موضوع تشكيل اللجان واجتماعاتها، كما فصلت المواد 15 و16 و17 تكوين الأمانة العامة وكيفية واشتراطات تعيين ومسئوليات الأمين العام، ونرى أن حسن اختيار أعضاء مجلس المفوضين، وانتقاءهم من بين المشهود لهم بالحيادية والاستقلالية، إضافة إلى سلامة سجلهم الحقوقي، سوف يوفر قيمة مضافة لعمل المؤسسة ويساهم في نجاح مهامها».
وأضاف الحجيري «الأمر الرابع هو أن يضمن لها القانون أو الدستور اختصاصا واسعا، حيث حددت المادة الثانية عشرة اختصاصات المؤسسة وهي في إجمالها نفس الاختصاصات الواردة في قانون 2014 مع تعديل طرأ على الفقرة (ز) يتيح للمؤسسة القيام بزيارات معلنة وغير معلنة لرصد أوضاع حقوق الإنسان في المؤسسات الإصلاحية وأماكن الاحتجاز وغيرها، وهو تعديل إيجابي بحد ذاته».
وأردف «وبالرغم من أن أغلب ما ورد في المادة الثانية عشرة يكاد يتطابق مع الاختصاصات الواردة في مبادئ باريس، إلا أن الفقرة (و) الخاصة بالتعامل مع شكاوى انتهاك حقوق الإنسان لم تعط صلاحيات أوسع للمؤسسة لمعالجة الانتهاكات، كما لم تعط المؤسسة ولاية شبه قضائية حسبما تقتضيه الاتجاهات الحديثة لدى المؤسسات الوطنية في الدول الجادة لتحسين الأوضاع الحقوقية».
وأضاف «وفي رأينا بأن ترك أمر تعاون الوزارات والأجهزة الرسمية كما هو وارد في المادة الرابعة عشرة للقوانين والأنظمة المعمول بها في تلك الجهات أمر قد يسهل مماطلة وتسويف تلك الجهات في الاستجابة لطلبات المؤسسة وملاحظاتها، كما أن الأمر يحتاج إلى تحديد الصلاحيات بوضوح ولاسيما تتلك الصلاحيات التي تتقاطع مع صلاحيات الأمانة العامة للتظلمات ومفوضية مراقبة المؤسسات الإصلاحية».
وتابع الحجيري «والأمر الخامس هو أن يتم توفير موارد مالية كافية للقيام بمهامها، فقد حددت المادة العشرون مصادر تمويل المؤسسة الوطنية المتمثلة في الاعتمادات المالية المخصصة في الميزانية العامة للدولة والتبرعات والمعونات غير المشروطة، وقد أتاحت الفقرة (أ) من المادة بخلاف الأمر الملكي لعام 2009 وقانون 2014 تولي المؤسسة إدارة مواردها المالية والتحكم فيها باستقلالية تامة، مع إخضاع حسابات المؤسسة المالية لرقابة ديوان الرقابة المالية والإدارية، وبلا شك فإن هذا النص من شأنه ضمان استمرار تمويل عمليات المؤسسة، إلى جانب ما يحققه ذلك من استقلالية وبعد عن الروتين الحكومي المتعلق بالإجراءات الحكومية».
وواصل «أما الأمر الخامس فهو أن يكون لها صلاحيات كافية في التحقيق في حالات انتهاك حقوق الإنسان، إذ حددت الفقرتان (ه) و(ي) من المادة الثانية عشرة مدى صلاحية المؤسسة الوطنية بـ»رصد حالات انتهاك حقوق الإنسان، وإجراء التقصي اللازم، وتوجيه انتباه الجهات المختصة إليها مع تقديم المقترحات التي تتعلق بالمبادرات الرامية إلى وضع حد لهذه الحالات، وعند الاقتضاء إبداء الرأي بشأن موقف تلك الجهات وردود فعلها»، كما أعطت الفقرة الثانية من نفس المادة المؤسسة صلاحية «تلقي الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان ودراستها والبحث فيها وإحالة ما ترى المؤسسة إحالته منها إلى جهات الاختصاص مع متابعتها بشكل فعال، أو تبصير ذوي الشأن بالإجراءات الواجبة الاتباع ومساعدتهم على اتخاذها، أو المعاونة في تسويتها مع الجهات المختصة».
وأفاد «من جهة أخرى تدعو الفقرة (ي) إلى «التواصل مع من يدعي التعرض لأي شكل من أشكال الانتهاك وتقديم تقارير بذلك إلى مجلس المفوضين»، وهنا نلمس بأن المادة الثانية عشرة قد سلبت حق المؤسسة الوطنية في المضي بعيدا في التحقيق في الانتهاك موضع الشكوى الذي قد يتطلب في مرحلة لاحقة رفع شكوى قضائية أو نشوء الحاجة إلى مساعدة قانونية، كما أن القانون حدّ من الاستفادة مما تنص عليه مبادئ باريس من حيث «حرية المؤسسة في نظر جميع المسائل التي تدخل في اختصاصها سواء كانت مقدمة من الحكومة أو قررت احالتها إلى سلطة أعلى بناء على اقتراح مقدم من أعضائها أو أي ملتمس آخر»، فماذا لو لم تتعاون الجهة المعنية مع المؤسسة في حل شكوى ما؟ وما مدى تأثير ذلك على مصداقية المؤسسة؟».
وأردف «الخلاصة هي أننا نرى أن التعديلات التي تم إجراؤها على قانون 2014 هي تعديلات مهمة من حيث: تضمينها جملة من التعاريف التي تحدد المعني ببعض المصطلحات الواردة في القانون، كما أنه لأول مرة يشار في آلية قانونية وطنية إلى إشراك المدافعين عن حقوق الإنسان ضمن مجلس المفوضين وتقسيم الأعضاء إلى أعضاء متفرغين وأعضاء غير متفرغين. وحسنا فعل المشرع حين جعل الرئيس ونائبه من بين المتفرغين، كما عالج القانون مسألة تضارب المصالح لأعضاء مجلس المفوضين، كما فرق بجلاء بين كل من اللوائح الداخلية واللوائح التنفيذية».
وأشار إلى أن «التعديلات أبقيت على موضوع حصانة أعضاء مجلس المفوضين، كما أن التعديل المدخل على المادة العاشرة بعدم جواز عزل أعضاء مجلس المفوضين ولعدم إنهاء فترة عضويتهم إلا وفقا للإجراءات المنصوص عليها في القانون، من شأنه تعزيز حماية العضو أثناء ممارسته لواجباته، كما أعطت التعديلات الحرية والحق للمؤسسة القيام بالزيارات التفقدية المعلنة وغير المعلنة للأماكن المعرضة لحدوث الانتهاكات بعدما كانت مربوطة بالإجراءات الرسمية المتبعة».
وذكر الحجيري أن «التعديلات في الفقرة (ي) من المادة (12) أشارت إلى وجوب تعاون المؤسسة والتعاون والتنسيق والتشاور مع مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة والمنظمات غير الحكومية والمجموعات المتنوعة الأخرى والمدافعين عن حقوق الإنسان، كما أتاحت نفس الفقرة للمؤسسة «التواصل المباشر مع من يدعي التعرض لأي شكل من أشكال الانتهاك».
وواصل «وألزمت الفقرة (أ) من المادة الرابعة عشرة الجهات الرسمية بإعداد الردود والملاحظات على التوصيات الواردة في تقارير المؤسسة، وإن هي أخضعت ذلك لإجراءات تلك الجهات، كما نصت المادة (21) على تضمين التقرير السنوي للمؤسسة قسما يوضح مستوى التقدم الحاصل في وضع حقوق الإنسان في المملكة، إلى جانب الإبقاء على ما ورد قي قانون 2014، من حيث التوازي في عملية عرض التقرير على الرأي العام مع عملية رفعه إلى الملك ومجلس الوزراء ومجلس النواب، وهو الأمر الذي لم يلتفت إليه مجلس مفوضي المؤسسة الحالي حين لم يلتزم بعملية التزامن في إطلاق التقريرين الصادرين عنه؛ مما هيأ تدخل بعض الجهات في محتوى التقريرين وموعد عرضهما على الرأي العام».
وأكمل «وإذا رجعنا إلى قانون عام 2014 قبل أن تطاله التعديلات، فإننا نراه يتضمن آليات صالحة للعمل، كما ان مواده ليست ببعيدة كثيرا عن محتوى التعديلات الواردة في المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2016، وكان على مجلس المفوضين بالمؤسسة أن يستفيد من الصلاحيات القانونية التي وفرها ذلك القانون؛ للمساهمة في خفض مستوى الانتهاكات وتحسين الوضع الحقوقي بشكل عام».
وختم الحجيري «وعليه نرى أنه في ظل المستوى المتعاظم لشكاوى انتهاكات حقوق الإنسان والوضع الحقوقي المتأزم، فإننا نحتاج إلى مؤسسة وطنية قوية ذات صلاحيات واسعة وشبه قضائية وقادرة على معالجة تعقيدات المشهد الحقوقي، كما أن الأمر يتطلب أشخاصا في المؤسسة الوطنية قادرين على التصدي بحزم للانتهاكات المستمرة، إذ إن تفعيل آليات القوانين لن تتم ما لم يقيض لها أشخاص يؤمنون بمفاعيلها، ولا يتنازلون عن حقهم في تطبيقها دونما خشية من أي جهة أو سلطة مهما كانت».
العدد 5165 - الخميس 27 أكتوبر 2016م الموافق 26 محرم 1438هـ