كان تدخُّل صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ليعلن عبر وسائل الإعلام توجيهاً لرئيس الوزراء بتعديل قانون البصمة الوراثية سابقة تاريخية محمودة. كان بإمكان سموه مخاطبة رئيس الوزراء ليبلغه بمرئياته دون إعلام، وكأنه قد ضاق ذرعاً بموقف الحكومة الباهت من القانون، واندفاع أحد مسئولي وزارة الداخلية دون اعتبار لمصلحة البلاد.
لم يكن هذا هو التدخل الأول لسموه، حيث رد قانون «إعدام المسيء» في مجلس الغالبية (فبراير/ شباط 2012).
القانونان صدرا باستعجال وكردّ فعل على حدث، وهي صفة تتعارض مع أصول التشريع، ولم يمنع أن يحدث ذلك الانحراف التشريعي كون المجلس «إصلاحيّاً»، كما في مجلس (فبراير 2012)، أو مجلس «موالاة»، كما في المجلس الذي رحل عنا قبل أيام.
صار ضروريّاً على المجلس منع صدور قوانين مستعجلة، تخالف الدستور، والمواثيق الدولية، حيث تتكرر المسألة، فهناك 7 قوانين على الأقل خرجت بهذه الصورة من المجلس الماضي.
تم تمرير قانون البصمة الوراثية، كرد فعل على الجريمة النكراء في مسجد الصادق في منتصف العام 2015، بأقل من 48 ساعة ودون دراسة، مع العلم بانتهاكه لحق الخصوصية، ومخالفته للدستور والمواثيق الدولية.
حاول آخرون، كما حاولتُ كعضو في «اللجنة الدولية لتحديد معايير استخدام البصمة الوراثية وعلاقتها بحقوق الإنسان»، التنبيه إلى خطورة الأمر، فلم يستجب أحد، نواباً ومسئولين. كان الاندفاع في تحميل القانون، على سوئه، أكثر مما يحتمل، مثيراً للاستغراب، تارة بربطه بالجواز الإلكتروني، وتارة بكشف المزورين، وتارة بالجنسية وأصول الناس، مع أن القانون لم يكن يتضمن ذلك، وبدلاً من إيقاف ذلك العبث، تعاظمت حملة معلومات مغلوطة بشأن أهداف القانون، إلى درجة أن الناس لم يعودوا يفرّقون بين البصمة العادية والبصمة الوراثية.
نشرت «الجريدة» دراسة موثقة لتوعية الناس أعدها المحامي حسين العبدالله وتم اعتمادها في اللجنة الدولية. ومن ثمَّ أصدرت لجنة حقوق الإنسان في جنيف توصيات للكويت، لكيفية العدول عن القانون، كما أصدر علماء الجينات بياناً يندد بالقانون، بوصفه الأسوأ في استخدام التطور التقني الوراثي، وبدلاً من أن يراجع المسئولون أنفسهم، استمروا في حملة تضليل كبرى، عن إمكانيات النظام، وكشفه للمزورين، وهو أمر لا يحققه النظام، دون الحديث عن التكلفة المالية التي قد تتجاوز المليار لمشروع لا جدوى منه، ولا يمكن تطبيقه، فضلاً عن محاذيره الاجتماعية والحقوقية.
ونشرت «الواشنطن بوست» الأميركية مقالاً مفصلاً عن القانون، وقامت «الجريدة» بترجمته ووضعته على صدر صفحتها الأولى، وتصاعدت الاستنكارات الغاضبة محليّاً ضد القانون، من كل التوجهات تقريباً، ومع ذلك لم يخرج علينا مسئول واحد من أعلى رأس السلطة التنفيذية إلى أخمص قدميها، ليقول شيئاً، أي شيء، أكثر من أن القانون سيُطبَّق. حدث توافق محلي ودولي ضد القانون إلا من وزارة الداخلية، حتى بعد إعلان رئيس مجلس الأمة السابق قبل الرحيل، اعتذاره علناً عن إصدار هذا القانون.
هكذا كان، وهكذا تقرر أن يزول عن المجتمع قانون معيب، بل خطيئة، نتمنى ألا تتكرر، كما كان الحال مع «إعدام المسيء» في (2012). وسنتطرق لاحقاً إلى ما هو مطلوب عمله؛ لكي يتطابق القانون مع الدستور.
إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"العدد 5163 - الثلثاء 25 أكتوبر 2016م الموافق 24 محرم 1438هـ
ما فهمت بصراحة هذا القانون جيدا وما هضمته؟ بابحث عنه اكثر
الملاحظ أن الرافضين للقانون هم يتهم الشيعة بتهم سخيفة والشيعة في الكويت هم اوّل من وافق على القانون ، كلام يحتاج لتفسير لماذا رفض البعض هذا القانون ؟
هذه مشكلة القوانين التي تكون ردة فعل غير مدروسة