حملتنا الموسيقية الهندية أنوشكا رافي شانكر عازفة السيتار والمؤلفة الموسيقية في حفلتها على خشية المسرح الوطني مساء الأحد (16 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) إلى عالم السيتار والموسيقى الهندية الكلاسيكية مندمجة في الموسيقى الحديثة بألوانها مثل الفلامنجو والجاز والروك وذلك بمصاحبة فرقتها التي تكون من العازف الإنجليزي على الجيتار والكونترباص، وعازف الناي الهندي (شاهناي) وعازف الطبول والأورج والبيانو النمساوي، حيث قدم كل منهم فقرات منفردة إلى جانب العزف الجماعي أنوشكا هي ابنه الموسيقية سكينة شانكر والموسيقي الأسطورة المؤلف وعازف السيتار الأشهر في القرن العشرين رافي شانكر (1921 - 2003) والذي اشتهر بحفلاته الموسيقية ليس في الهند وحدها بل على امتداد العالم وقد أسعفني الحظ أن أحضر إحدى حفلاته في بومبي خلال الثمانينيات، بمصاحبة فرفته والغناء الكلاسيكي الهندي.
وقد صاحبت أنوشكا أباها في بعض جولاته منذ سن السابعة ويلاحظ في حفلاتها المشتركة أنها ترصد حركاته في العزف وتجاريها.
وأنوشكا من مواليد 1982 بلندن، عندما كان أبوها في سن الـ 61، وعاشت صغرها بين الهند وإنجلترا، وقد درست الثانوية في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، لكنها قررت ألا تواصل دراستها الجامعية، واختارت حياه الموسيقى وبالتحديد التخصص في عرف السيتار وكان أول ظهور لها على المسرح بمصاحبة أبيها وهي في سن الثالثة عشرة في حفل بقلعة سيري فدرت في نيودلهي في 27 فبراير/ شباط 1995، كما أتاح لها العزف منفردة على السيتار بمصاحبة عازف الطبلة الأشهر زاكر حسين، مما فتح لها باب الشهرة، وكان بداية الاحتراف، حيث صدرت أول أسطوانة شاركت فيها.
من حينها صاحبت أباها في حفلاته في الهند وحول العالم، وكذلك تسجيل أسطوانات خاصة بها من قبل شركة إيمي وإحداها بمشاركة عضو فرقة البيتلز جورج هارسون. أتاحت لها جولاتها في أوروبا وأميركا أن تتعرف جيداً على فنون الموسيقى الغربية الكلاسيكية والمعاصرة الروك والجاز، وفلكلور الفلامنكو ومع بلوغها سن العشرين، بدأت الاحتراف وأضحت تقدم حفلاتها بمصاحبة فرقتها الموسيقية، حيث نجحت في دمج الموسيقى الهندية الكلاسيكية مع فنون الموسيقى الغربية الكلاسيكية والجاز والفلامنكو والروك، حيث يتناغم عزفها السيتار والطبلة والناي الهندي مع الكونترباص والأورج والبيانو والكمان والإيقاع. تنطلق أنوشكا وفرقتها إلى عوالم الموسيقى المختلفة والمترامية في انسياب بديع بين العزف الهادئ الحالم إلى الأداء الصاخب والحيوي. ونظرة نلقيها على برنامج حفلاتها تظهر لنا ازدحام هذا البرنامج حيث يصل إلى 60 حفلة سنوياً، تطوف خلالها مدن العالم من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها وتشارك في مهرجانات الموسيقى الهندية والعالمية.
سجلت أنوشكا من خلال مسيرتها الفنية عدداً كبيراً من الأسطوانات لكبريات شركات التسجيل، وآخرها أرض الذهب وهو مكرس لمأساة اللاجئين المتدفقين عبر البحار والوهاد من بلدان ضربها العنف واجتاحتها الحروب باتجاه أرض الخلاص من أستراليا حتى كندا وما بينهما. لكن معظم أسطوانتها هي حصيلة تعاونها مع فنانين وموسيقيين عالميين من مختلف البلدان والثقافات مثل كارش كيتا في أسطوانة «أتنفس تحت الماء»، وخافير ليمون في أسطوانة تمزج بين الموسيقى الهندية والفلامنكو بمشاركة الفنانين الإسبان بولكا وبيبي هاشولا ودوفيك. وكان تشكيل الفرقة الموسيقية المصاحبة لها في تغيير دائم. ولأنوشكا أخت غير شقيقة من أبيها وأم أميركية وهي نورة جونز، وهي الوحيدة التي تؤدي الأغاني في حفلاتها. كما أنها وحرصاً على تشجيع الغناء الراقي في وطنها فقد أنشأت «استوديو» خاصاً بها في نيودلهي، حيث سجلت أسطوانة للون راجا للموسيقى الهندية، وإضافة إلى كونها موسيقية، فإن لأنوشكا عموداً شهرياً في صحيفة «فيرست سيتي ماجازين» الهندية، كما تكتب في عدة صحف بالإنجليزية وتسهم في كتب فنية، وكتبت سيرة حياة أبيها الراحل رافي شانكر بعنوان «بابا حب حياتي» بل ومثلت في فيلم «الرقص مثل الرجال».
عرف عن أنوشكا اهتمامها بالقضايا الإنسانية سواء في بلدها الهند أو على امتداد العالم مثل ضحايا الحروب والفقر واللاجئين، ودعت إلى السلم والتصالح والتقارب، وكرست العديد من حفلاتها المنفردة أو المشاركة فيها للأعمال الخيرية لصالح الضحايا الذين عزفت لهم ولبرنامج الغذاء العالمي، في مسيرتها الفنية نالت أنوشكا العديد من الجوائز الموسيقية والأدبية تقديراً لفنها ورسالتها ومنها درع مجلس العموم البريطاني وامرأة العام في 2003 في اليوم العالمي للمرأة والترشح كأصغر فنانة لجائزة جرامي عدة مرات واختيرت كأفضل فنان لفئة الموسيقيين تقديراً لأسطوانتها بعنوان «المسافر»، وأصدرت أنوشكا 8 أسطوانات وصلت إلى مراتب متقدمة في السباقات العالمية وبيع منها الملايين.
تزوجت أنوشكا بالمخرج السينمائي البريطاني جورايت في 2010 حيث يقيمان في لندن ولهما ولدان زوين وموهان، وقد أعلنت خلال حفل البحرين أنها حامل. مهرجان الموسيقى في يوبيله الفضي حافل بالتظاهرات الفنية من موسيقى وبالية وغناء.