كشفت مراسلون بلا حدود في بيان صحافي أمس الإثنين (24 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، الأسماء الـ22 المرشحة لجائزة "مراسلون بلا حدود-TV5 Monde" لحرية الصحافة لعام 2016، والتي جاء من ضمنها البحريني علي المعراج، وتقام مراسم حفل هذه النسخة الـ25 في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني في ستراسبورغ، حيث ستُتوِّج المنظمة الأسماء الثلاثة الفائزة بالجائزة في فئات الصحافيين ووسائل الإعلام والصحافة المواطنة.
وتُمنح جائزة مراسلون بلا حدود- TV5 Monde سنوياً، منذ عام 1992، حيث تحتفي بالتقدم المُحرز في حرية الإعلام من خلال تكريم الوجوه الصحفية ووسائل الإعلام المتميزة في الكفاح من أجل الدفاع عن حرية الإعلام أو تشجيعها.
وإلى جانب البعد الفخري الذي تنطوي عليه الجائزة، يحصل الفائزون على هبة بقيمة 2500 يورو.
وشهد عام 2016 منذ بدايته استمرار كفاح العديد من الصحافيين والمدونين، الذين يتحلون بشجاعة هائلة كل يوم في خدمة الرسالة الإعلامية، معرضين حياتهم للخطر في سبيل ممارسة نشاطهم.
وتحمل الأسماء المرشحة هذه السنة جنسيات 19 بلداً مختلفاً، علماً أن عدداً منهم يرزحون حالياً تحت وطأة الملاحقات القضائية، بل ومنهم من لا يزال يقبع في السجن، لرفضهم الاستسلام أمام الرقابة الذاتية وإصرارهم على خدمة مصلحة العمل الإعلامي الذي يأخذونه على عواتقهم.
أما الآخرون، الذين “ينعمون” بالحرية، فإنهم يواجهون شتى أنواع التهديدات من أولئك الذين يجرؤون على انتقادهم، بل وإن الأمر يصل حد العنف الجسدي في بعض الحالات.
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود كريستوف ديلوار، "إن الأنظمة الاستبدادية عمدت إلى تشديد سياساتها القمعية ضد الصحافيين والمدونين خلال عام 2016"، مضيفاً أنه "ليس من قبيل الصدفة أن قُرابة نصف المرشحين يمارسون نشاطهم الإعلامي في إحدى الدول العشرين الأخيرة من بين البلدان الـ180 التي يشملها التصنيف العالمي لحرية الصحافة".
وأعرب في الوقت ذاته عن "إشادة منظمتنا بشجاعة وعزم هؤلاء النساء والرجال المنخرطين في نضال مشترك من أجل حرية الإعلام".
من جهتها، قالت مديرة البرامج في المنظمة، لوسي موريون، "للأسف، يواجه عدد كبير من المرشحين ملاحقات قضائية حالياً أو يقبعون وراء القضبان لمجرد أنهم أرادوا إطلاع المواطنين على مسائل تهم المصلحة العامة"، مبرزة أن "هذا الوضع ينطبق بشكل خاص على الصحافيين المصري إسماعيل الاسكندراني والأذربيجاني سيمور خازي والصينيين لو يويو ولي تينغيو، الذين – على غرار العديد من الصحفيين-المواطنين في العالم – يقومون مقام الصحافة التقليدية عندما تكبح السلطات جماح هذه الأخيرة".
وأضافت في هذا الصدد "نحن ندعو إلى إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط، مع إسقاط جميع التهم الموجهة إليهم".
تسعة صحافيين يعرضون حياتهم للخطر في سبيل المهمة الإخبارية
نجا هادي عبد الله من موت محقق في عدد من المناسبات أثناء القيام بنشاطه الإعلامي، بينما لم يسلم زميلُه المصور الذي فارق الحياة في إحدى الهجمات.
وقد أصبح ابن التاسعة والعشرين المنحدر من مدينة حمص مستهدفاً من قبل القوات الموالية للنظام وعدد من المجموعات المتطرفة المسلحة، علماً أنه كان يمتهن التمريض قبل أن يستهل مسيرته الإعلامية حيث يعمل لحسابه الخاص. وبدورها تواصل الصحافية الأفغانية نجيبة أيوبي، مديرة مجموعة كيليد الإعلامية، كفاحها في سبيل حرية الصحافة، رغم ما تواجهه من تهديدات بالقتل. هذا وتجسِّد الصحفية الاستقصائية الكولومبية جينيث بيدويا، التي تواصل الدفاع عن النساء ضحايا العنف، ورئيسة تحرير ذي مالديف إندبندت، زهينة رشيد، ثبات الموقف والكفاح ضد الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة في حق الصحفيين. وتغطي الصحفية المالديفية مواضيع حساسة للغاية في بلد يطغى عليه فكر الإسلام السياسي، حيث لا تتردد في انتقاد السلطات، وخاصة منذ اختفاء زميلها أحمد ريلوان في عام 2014، علماً أنها اضطرت لمغادرة البلاد في سبتمبر/أيلول خوفاً من الاعتقال.
وإذا كان إعلاميون آخرون “ينعمون” بالحرية، فإنهم في المقابل يئنون تحت وطأة المضايقات القضائية. فقد أصبح هذا الوضع مألوفاً بالنسبة للصحافي الشهير ألفريد تابان، مؤسس جوبا مونيتور، أول جريدة في جنوب السودان، ومحفوظ أنعم، رئيس تحرير صحيفة ديلي ستار في بنغلاديش، ناهيك عن الصحافي الاستقصائي الفرنسي، إدوارد بيرين، الذي ساهم في كشف فضيحة لوكسليكس في لكسمبورج.
أما إسماعيل الاسكندراني، الصحافي الاستقصائي المصري، وسيمور خازي، القلم الشهير بيومية أزادليغ، آخر قلاع المعارضة في أذربيجان، فلم “يحظيا” بنفس المصير، حيث يقبع كلاهما في السجن بتهم ملفقة.
سبعة منابر رائدة في الإعلام الحر والمستقل
تميزت سبعة وسائل إعلام بتغطيتها المثالية رغم ما تواجهه من ضغوط خانقة. ففي عام 2016، تدفع الزمن – الصحايفة المستقلة الوحيدة في سلطنة عمان – ثمناً باهظاً مقابل استقلاليتها، حيث تم إغلاقها بأمر قضائي، بينما حُكم بالسجن على ثلاثة من أبرز رموزها.
وفي آسيا الوسطى، تحوم المخاطر ذاتها حول المراسلين المحليين لموقع وكالة الأنباء المستقلة فرغانة، Fergananews.com، حيث يعملون سراً في كل من أوزبكستان وتركمانستان. ومن جهتهم، يواجه السلطات الصينية بقمع منهجي ومستمر الصحافيين-المواطنين العاملين لحساب الموقع الإخباري المحلي المتخصص في مجال حقوق الإنسان، 64Tianwang. ولكن ذلك لا يحرك التزامهم الثابت قيد أنملة، كما يوضح هوانغ كي، الفائز بجائزة مراسلون بلا حدود لعام 2004 في فئة الحرية عبر الفضاء السبراني، حيث أكد أنه “خلال 18 عاماً من النشاط الحقوقي، لم يقبل أيٌّ منا التوقيع على اعترافات محرَّرة من قبل السلطات” ومُذاعة عبر تلفزيون الصين المركزي ووكالة شينخوا في محاولة لتشويه سمعة الأصوات المعارضة.
وفي الجزائر وليبيا، تميز منبران إعلاميان خلال عام 2016 بفضل أصواتهما الحرة ونضالهما من أجل حرية الصحافة، علماً أنهما خرجا إلى الوجود قبل ثلاث سنوات فقط. ويتعلق الأمر بكل من راديو إم، أول إذاعة إلكترونية مستقلة في الجزائر العاصمة، حيث تُشجع على تعددية الآراء على نحو قيِّم في بلد لا يتوانى عن لجم وسائل الإعلام.
ومن جهته، أصبح موقع بوابة الوسط بالفعل مرتعاً أساسياً للأخبار في ليبيا الغارقة في مستنقع الفوضى، حيث يُعتبر الهاجس الأمني من أكثر المسائل الباعثة على القلق. ففي فبراير/شباط 2015، فُرض حجب على الموقع لمدة تسعة أشهر بعد إقدامه على تغطية محادثات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وفي بولندا، أسس آدم ميشنيك صحيفة جازيتا فيبورتشا المؤيدة للتيار الأوروبي، حيث أصبحت رمزاً من رموز الكفاح ضد تجاوزات الحزب الحاكم – القانون والعدالة – الذي يشن حملة شرسة ضد وسائل الإعلام. ومن جهتها، تنشر وكالة بوبليكا البرازيلية عدة تقارير حول قضايا البيئة وحقوق الإنسان، علماً أنها حازت على العديد من الجوائز منذ إنشائها في عام 2011.
عندما يستلم الصحفيون-المواطنون مشعل الرسالة الإعلامية
عندما يتعذر على الصحافة التقليدية الاضطلاع بدورها الكامل، فإن الصحفيين-المواطنين والمدونين المستقلين يستلمون مشعل الإعلام الحر، حيث يتحملون أحياناً عواقب غضب السلطات.
وينطبق هذا الوضع على لو يويو ولي تينغيو. ففي 15 يونيو/ حزيران 2016، انقطعت فجأة أخبار هاذين الصحفيَين-المواطنَين، اللذين مازالا قيد الاحتجاز بسبب مواكبتهما للحركات الاجتماعية ومظاهرات العمال في الصين، علماً أن هذا الموضوع يُعد من أبرز الخطوط الحمراء لدى الحزب الشيوعي الحاكم.
وفي البحرين، اعتُقل علي المعراج خلال شهر يونيو/حزيران 2016 لانتقاده السلطة، حيث يواجه تهمة دعم الإرهاب.
ومن جهتها، تقبع رويا صابري نجاد، المواطنة-الإلكترونية التي تحمل الجنسيتين الإيرانية والبريطانية، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2013 في سجن إيفين في طهران، حيث تقضي حُكماً بالسجن لمدة خمس سنوات لا لشيء إلا لأنها انتقدت النظام الإيراني على موقع فيسبوك.
وفي كوبا، تُجسد تانيا وابنها إيفان غارسيا كينتيرو روح المقاومة بواسطة القلم، حيث يعكس نضالهما مدى الصعوبات التي تعترض سبيل الصحافيين في التعبير عن أنفسهم بحرية في هذا البلد. فبينما تعيش تانيا الآن لاجئة سياسية في سويسرا، قرر إيفان البقاء في كوبا، حيث يستمر في نشر مقالاته حول الرقابة وكفاح الصحفيين المستقلين.
وفي المقابل، أطلق مراسل الحرب السابق ليوناردو ساكاموتو في البرازيل مدونة عن حقوق الإنسان والكفاح ضد العبودية، حيث كلفه ذلك العديد من التهديدات وحملات التشهير، كانت إحداها على نطاق واسع في شبكة الإنترنت خلال شهر أبريل\نيسان 2016.
وفي إفريقيا، تم في غضون يوم واحد إنشاء إس.أو.إس ميديا بوروندي (من خلال صفحة في فيسبوك وموقع إخباري) بالتزامن مع اندلاع الأزمة السياسية في مايو\أيار 2015، حيث يشكل هذا المنبر حالياً المصدر الرئيسي للمعلومات حول الأزمة التي تعيشها البلاد، علماً أن هوية مؤسسيه لا تزال مجهولة حتى الآن.
الله يفرج عنك ...
لك الفخر و...