العدد 16 - السبت 21 سبتمبر 2002م الموافق 14 رجب 1423هـ

ظاهرة «عاطلون خمس نجوم» تسيء إلى البحرين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

واحدة من شرارات الحوادث في العام 1994 كانت البطالة المتزايدة في صفوف الشباب والخريجين البحرينيين. وعندما تجمعوا في يونيو/حزيران 1994 وواجهتهم قوات الأمن واعتقلت بعضهم تسبب ذلك في تحويل المشكلة من اقتصادية إلى سياسية بصورة مباشرة، وأدى لاحقا إلى تفاعل مشكلة البطالة مع المشكلات السياسية والاجتماعية وانفجار الوضع في ديسمبر/ كانون الاول 1994.

وعندما نراجع نسبة الأيدي العاملة الأجنبية في العام 1991 نجدها 60 في المئة، وهذا الحال لم يتغير بعد عشر سنوات من تلك الاحصائية. ففي العام 2001 أشارت الإحصاءات إلى أن نسبة الأيدي العاملة الاجنبية هي نفسها 60 في المئة. ومعنى ذلك ان التركيبة الاقتصادية للبحرين مصممة على أساس ان 60 في المئة من القوى العاملة اجنبية.

وما يزيد الأمر سوءا هو الإحصاءات التي تصدرها وزارة العمل عن معدل البطالة التي لا يصدقها اي مراقب مستقل. فعندما انفجرت الحوادث في التسعينات كانت الوزارة تصرُّ على ان البطالة 1,2 في المئة، اي اقل حتى من اليابان في عزها في الثمانينات. وبعد الاصرار عليها صعدت الرقم الى 2 في المئة، واخيرا قبلت ان تتحدث عن رقم يقارب الـ 5 في المئة. الا ان الواقع يقول ان هذه الارقام خاطئة لأن الوزارة ليست لديها معلومات دقيقة من جانب، ومن جانب آخر فان هناك تلاعبا من قبل مستوردي الأيدي العاملة وضياعا حقيقيا في البيانات التي يتم ادخالها الكمبيوتر بالاضافة إلى عمليات التزوير كما كشفت «الوسط» ذلك في مطلع الشهر الجاري.

كما ان هناك اسلوبا ملتويا في تعريف معدل البطالة. فوزارة العمل تقسم عدد العاطلين البحرينيين على مجموع الايدي العاملة المتكون من البحرينيين والاجانب، وهذا من شأنه ان يخفي نسبة كبيرة من العاطلين. فعدد الأيدي العاملة (مواطنين وأجانب) يزيد على 300 الف. 60 في المئة من هؤلاء أجانب. وهذا يعني ان عدد البحرينيين العاملين في حدود 120 ألفا، واذا اخذنا بالاحتمال المطروح على الساحة وهو وجود قرابة 30 الف عاطل (وليس 11 ألفا) فان نسبة البطالة هي 30 ألفا مقسومة على 120 ألفا، اي 25 في المئة.

ان هذه النسبة قد تكون مرعبة، وقد تتعذر الوزارة بأنها تشمل الذكور والاناث، وان الاناث عادة لا يحسبن لان إعالة العوائل تقع على الذكور (بحسب التصور التقليدي الذي لم يأخذ بعد بحقائق العصر الذي نعيشه) فإن النسبة مازالت تزيد على 15 في المئة، تماما كما تقول ذلك المصادر الاقتصادية الدولية المستقلة.

واستطرادنا في الأرقام أعلاه مفاده ان وزارة العمل ترفض تعريف المشكلة او الاعتراف بحجمها الحقيقي، واذا علمنا أن التشخيص هو النصف الاول الذي يسبق العلاج (النصف الثاني) نعلم لماذا وبعد عشر سنوات لم تتغير نسبة الاجانب للبحرينيين، ونعلم لماذا تستمر نسبة البطالة في مستواها العالي.

الا ان الوجه السيئ لهذه البطالة هو وجود بحرينيين بشهادات عالية في تخصصات تحتاج إليها البحرين، بدليل ان المؤسسات الصناعية والأكاديمية تعلن في الصحافة الأجنبية وجود وظائف شاغرة، وعندما يتقدم المواطن «تستمتع» بعض الإدارات المسئولة عن التوظيف بإذلال وطرد المواطن وادخال اليأس إلى نفسه. وهذا ما يدفع باتجاه استخدام «الواسطة» والمحسوبية والمنسوبية للحصول على وظيفة، وهو ما يدفع باتجاه خلق المشكلات الاقتصادية والسياسية.

«عاطلون خمس نجوم»، ظاهرة سيئة لا تخدم بلادنا في الوقت الذي نبحث فيه معا عن أفضل السبل لتعزيز الحركة الاصلاحية والتنمية الاقتصادية. فهل فخر لنا لو بدأ شبابنا يهاجرون لأنهم لا يستطيعون الحصول على مصدر رزقهم في الوقت الذي يعلم الجميع اننا بحاجة إلى أبناء الوطن لبناء المستقبل؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 16 - السبت 21 سبتمبر 2002م الموافق 14 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً