العدد 16 - السبت 21 سبتمبر 2002م الموافق 14 رجب 1423هـ

مظلة الإنتاج

كثر الحديث في السنوات العشر الأخيرة عن أزمة أو أزمات تواجها السينما المصرية... والتطرق لأبرز المشكلات التي تواجه السينما المصرية، ومحاولة تشخيص هذه المشكلة المسماة بالأزمة، تكمن أساسا في مشكلة الإنتاج. حيث أنها تواجه أزمة إنتاج بالدرجة الأولى، وليس كما يشاع غالبا، بانها أزمة إبداع.

والقول أن السينما فن وصناعة قول صحيح، إلا أن الصناعة هي التي تتحكم في هذا الفن وتوجهه . فالسينما كفنّ، ليست كباقي الفنون الأخرى، وذلك لأنها تعتمد أساسا على عناصر التمويل والإمكانات المادية، أكثر من اعتمادها على عناصر فنية خالصة، ولا يمكن أن يستغني هذا الفن عن رأس المال أبدا. لذلك يبقى مبدعو السينما دائما تحت رحمة صنّاعها وتجّار السينما.

وهذا بالطبع ينطبق على السينما في كل مكان، خصوصا في البلدان التي تتوافر فيها عجلة إنتاج مستمرة... وكمثال على ما سبق، أمامنا نموذج الإنتاج في السينما المصرية.

ففي السينما المصرية، ذات الإنتاج الفقير - مقارنة بسينما الدول الغربية - تحكم الفنان عجلة إنتاج ودوائر توزيع محددة. فالمبدع السينمائي المصري ليس من السهل عليه أن يتجاوز صناعة سينما لها تاريخ طويل، وتقاليد سينمائية متوارثة ترسخت على مر الزمن. وبالتالي فالمخرج المصري في هذه الحال عليه أن يبذل جهدا مضاعفا غير الجهد الإبداعي، جهد لمقاومة كل هذه التقاليد والموروثات داخل هذه الصناعة.

أما في بلدان عربية أخرى، كسورية أو تونس أو الجزائر مثلا، فلا توجد عجلة إنتاج مستمرة، وإنما يوجد هناك نظام تمويل وصيغ إنتاجية مختلفة تماما، صيغ إنتاجية ثرية، تسمح بإنتاج سينما بشكل مريح. فالمخرج - مثلا - يعطى فرصة سنة كاملة للإعداد لفيلمه. وهذا أمر مستحيل في مصر، فأقصى فترة يمكن أن يصور فيها فيلم ما هي ستة أو سبعة أسابيع. وهذا بالطبع ناتج من أن هذه البلدان لا توجد فيها صناعة سينما بصفة مستمرة، والسينمائيون فيها يعيشون في حال من الحرية الفنية، لا تحكمهم تقاليد وقيود سينمائية محددة، فهم - مثلا - متحررون من الأداء التمثيلي التقليدي والميلودرامي المبالغ فيه.

ومما سبق نصل الى نتيجة مذهلة، ألا وهي أن المبدع المصري الحقيقي الذي يحاول تقديم الجاد والجديد هو محارب شرس ضد التيار الإنتاجي التقليدي المسيطر، وإن أي جديد يصل به الى المتفرج يعتبر انتصارا حقيقيا في ظل سيطرة الإنتاج المتخلف

العدد 16 - السبت 21 سبتمبر 2002م الموافق 14 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً