العدد 16 - السبت 21 سبتمبر 2002م الموافق 14 رجب 1423هـ

المتورّطون: زوجات وأطفال ومعلمون !

سرقة المحلات التجارية

المنامة - منيرة العليوات 

21 سبتمبر 2002

السرقة داء لن تستطيع المضادات الحيوية وكذلك جيوش العلماء والباحثين وضع حد لها... وتكاد تكون واحدة من معضلات العصر في ظل تأزم أخلاقي واختلال في طرق التعاطي مع القيم... هذا اذا بقي من تلك القيم أثر من فتات. في هذا التحقيق... ثمة اعتراف صاعق... وآخر يكاد يكون نقلا عن خبرات مورست... نلتقي نماذج من هؤلاء وأولئك من دون أن نغفل الضحية... فكثيرا مـــا يحدث ذلك... أو لعل بعضا من النماذج المتلبسة بالجرم/المرض يدخل في عداد الضحايا.

أول وآخر اعتراف تدلي به (م. ا)... قراءة أولى له لا تشي بجرم أو خطيئة...

تقول: «بدأت أمد يدي إلى جيبه (جيب زوجها) وهو نائم لآخذ ما أسد به حاجتي».

إلى هنا والأمر طبيعي... خصوصا اذا ما كان الزوج ـ على حد تعبيرها ـ «يبخل عليّ بأتفه المتطلبات، ولو كان فقيرا لتقبلت وبحثت له عن أكثر من عذر ولكنه مقتدر... علاوة على انني تزوجته بشرط مفاده مساعدة أسرتي الفقيرة... إلا انه بعد الزواج لم يف بالشرط».

وقد أشرنا سابقا الى ان قراءة أولى في الاعتراف لا تشي بجرم أو خطيئة... غير ان قراءة ثانية ومتممة للأولى تشير الى العكس من ذلك... تتابع (م.ا) قائلة: «ثم تماديت في الأمر حين بدأت أضاعف ما آخذه خلسة منه (والخلسة هنا ليست على مبعدة من السرقة)... لماذا؟ لأنها وكما جاء في اعترافها «بدأت أحسب حساب المصاريف الدراسية لأختي... ما دفعني لتلك المضاعفة» من دون أن تعلمه بذلك.

هل نحتاج الى تتمة للاعتراف لنخرج بصك الإدانة... ادانتها؟ وخصوصا انها تجاوزت الحيز المكاني الذي تمارس فيه ذلك الجرم/المرض... فلم تكتف بجيب زوجها في غرفة النوم... في منزل يضمهما... بل ظلت تبحث عن فضاء أرحب ربما لتنمية تلك «الموهبة» - اذا حق لنا أن نطلق على السرقة صفة «الموهبة» - لنقرأ ما استرسلت فيه: «وهكذا تطور الأمر حتى أصبحت أمارس تلك العادة في المحلات العامة والمجمعات من دون أن يطرف لي جفن... أو ينتابني شعور بالخوف أو التوتر... بعد أن كنت أرتجف خوفا وأنا أمارس عادتي تلك في المنزل... اذ أصبحت أمعن في الأمر بكل ثقة وثبات».

«قسمة على اثنين»

هل تقبل مثل هذه الحالة القسمة على اثنين؟... بمعنى أن نضعها في خانة الضحية من جهة... كونها تعاني من شح وتقتير زوجها المقتدر... ونضعها في خانة «السارقة» مع سبق الإصرار والترصد كونها لم تكتف بممارسة تلك العادة /الجرم/المرض في إطار حدود ضيقة بل تعدتها الى حدود أرحب وأوسع والمتضررون فيها مجموعات لا حصر لها... بدءا بصاحب المحل/المجمع... مرورا بالباعة... الموظفين وانتهاء بالصورة القاتمة والحالكة التي تتركها مثل تلك الممارسات على سمعة البلد في ظل فرجة أمم التقت معا بوجه المصادفة في ذلك المكان.

من الضحية؟

كثر هم الضحايا.. ويظل ذلك التصنيف غائما نوعا ما... ولكن التعاطف يذهب بشكل تلقائي ساعة الحدث لمصلحة أحد الطرفين... وفي الغالب ذلك الذي تعرض للسرقة... الأمر الذي يعني الإدانة وبشكل مباشر للممارس لها.

نموذج أول

في حديث مع الشيخ (م. م)... المالك لأحد المحلات التجارية الكبرى... تطرق لنوعيات السرقة ومرتكبيها... مفتتحا حديثه عن الأطفال مشيرا الى ان سرقاتهم تقتصر على الألعاب... مضيفا: «الطفل دائما ما يحضر بمفرده حين ينوي السرقة... وبالنسبة إلى النساء وضمن وجهة نظري فالسرقة في كثير من حالاتهن «مرضية»... إذ ان معظم اللاتي نكتشفهن بالجرم المشهود ميسورات الحال... ويمكن الاستدلال على ذلك من «طراز» المركبة والملابس التي يرتدينها. ويضيف (م. م): «بعض النسوة يتراجعن اذا أحسسن بالمراقبة ويعدن على الفور بعد المغادرة وبطريقة لبقة بحجة انهن نسين أن يحاسبن نظير ما اخترنه... ومنهن من تنكر وتبدأ باللعب بورقة «خذوهم بالصوت»... وينتهي مفعول تلك الورقة حين نواجهها بالمسروقات.

هل هذه الظاهرة في استفحال مستمر؟

يجيب(م. م): «لقد خفت حدتها كثيرا بسبب أجهزة المراقبة والرصد... إلا أنه لابد من الإشارة الى أمر أعتبره في غاية الأهمية وهو أن هذه الظاهرة محدودة هنا في البحرين اذا ما قيست بالدول المجاورة وبفروعنا الموزعة في أكثر من بلد».

الأطفال في المقدمة

الحديث مع (م. م) جرنا بحكم معايشته لتلك الظاهرة وتعامل موظفيه معها الى رصد الفئات العمرية الأكثر تورطا وتكرارا لتلك الممارسة... مشيرا الى ان «الفئة الشبابية من الجنسين وخصوصا المتعلمين منهم هم بمنأى عن مثل ذلك السلوك... وحين تحدثت عن الأطفال باعتبارهم احدى الشرائح الأكثر رصدا من قبلنا فلأن ذويهم - في اعتقادي - يتجاهلون ويحجمون عن تلبية رغباتهم ما يدفعهم الى مثل ذلك السلوك... وأتذكر اننا كثيرا ما نتنازل عن حقنا في ثمن لعبة ما في حال اصرار الطفل ومن دون وعي منه على عدم اعادة ما انتقاه من لعب وغيرها».

نموذج ثان

الظاهرة متورط فيها عدد من المعلمين والمعلمات وموظفون يحتلون مراكز مرموقة... فما هي طبيعة التصرف أمام نماذج كهذه؟... نعرف انه ليس مكتوبا على جبين كل منهم المهمات التي يمارسونها... ولكن السارق يظل سارقا بغض النظر عن عدد السنوات التي قضاها على مقاعد الدراسة أو حتى الصلوات التي تبتل فيها.

في أحد المحلات الكبرى التقينا بـ (ل. خ) وتوجهنا إليه بسؤال عن حالات السرقة التي تعرض لها محله فأجاب: «المتورطون خليط من مستويات تعليمية واجتماعية متباينة... بينهم المعلمون والمعلمات ومديرون إضافة إلى أعضاء في جمعيات مهنية ونفعية مختلفة».

إجراء... تصرف

البعض من أصحاب المحلات الكبرى يؤثر الستر على المواقف إذا ما وجد استسلاما أو شبه اعتراف من السارق... وفي موقف كهذا فرصة للمتورط كي يعيد حساباته السلوكية وربما إلى الأبد... والبعض الآخر لا يرى طريقة لاجتثاث هذه الآفة/ الجرم/ المرض سوى بوقوعه في قبضة القانون عبر اجراءات يتخذها المتضررون من هذا السلوك... عبر «فضائح بجلاجل» واستعراض طويل وشماتة.

(ل. ر)... زميل لـ (ل. خ) في المحل ذاته... راح يعدد المواد والبضائع التي تستحوذ على اهتمام السارقة/السارق: «معظمها ينحصر في مواد التجميل والعطورات والملابس النسائية»... مضيفا: «إن بعضا منهن وبعد أن يكشف أمرهن يبدأن في سرد ظروفهن والاسباب التي دفعتهن إلى مثل هذا السلوك ومن ثم الوقوع في هذا الشرك... كل ذلك بشكل درامي بدءا بالعوز... مرورا بالطلاق وانتهاء بموت المعيل».

موقف

ليس بالضرورة أن يتربص أو ينكّل المتضرر بالمتسبب في ضرره... فثمة أشخاص يمنحون أصحاب ذلك السلوك أكثر من عذر يكون بمثابة منجاة لهم من الوقوع تحت طائلة القانون أو المساءلة كما هي الحال بالنسبة إلى «ل. خ» الذي أشار إلى أنه كثيرا ما يتم التنازل عن الواقعة إذا ما كانت المسروقات ليست بذات قيمة أو تدل بطريقة ما عن حاجة دفعت بصاحبها إلى السرقة... وفي أسوأ الظروف يتم أخذ تعهد على الجاني في مركز الشرطة التابع للمنطقة مع حرصنا على ألا نفاقم من الأزمة إذا كان الجاني امرأة متزوجة سعيا منا للستر.

كاميرا خفية (1)

تنحصر سرقات الرجال على المواد الغذائية وبعض الكماليات... إضافة الى أمواس الحلاقة. في احدى المرات دخل شاب أحد المحلات الكبرى «كما يروي أحد ملاكها»... وكان يرتدي سروالا مربوطا حتى الحجل وله جيب مفتوح وبعد مراقبة مستميتة تبعناه حتى سيارته لنكتشف أن جيب السروال ينتهي عند حجله وقد امتلأ بأمواس الحلاقة والتي وصل ثمنها إلى 80 دينارا!!

كاميرا خفية (2)

سيدة برفقة بناتها الثلاث... وبعد خروجهن من بوابة أحد المحلات وقبل أن يصلن إلى مركبتهن الفاخرة... اتضح أن قيمة المسروقات 120 دينارا.

... وبعض الأمناء لصوص!

فتاة في مقتبل العمر... نظرت قضيتها احدى المحاكم الصغرى الجزائية وتعمل أمين صندوق في أحد المجمعات التجارية الشهيرة... قامت بسرقة كميات من العطور والملابس الداخلية على فترات متقطعة وأودعت الغنيمة لدى احدى صديقاتها وأثناء عملية الجرد تم اكتشاف الكميات المسروقة وأحيلت الموظفة إلى الجهات القضائية التي أمرت بحبسها ستة أشهر مع وقف التنفيذ.

أمينات على السرقة

كميات من الحلي والمجوهرات والأدوات الكهربائية تمت سرقتها من أحد المنازل من قبل شخصين... قام أحدهما بإيداع الحلي والمجوهرات لدى شقيقته والتي قامت ببيعها بثمن بخس ليتم القبض عليها فتدل على شقيقها ويحال الثلاثة إلى الجهات القضائية والتي مازالت تنظر في القضية

العدد 16 - السبت 21 سبتمبر 2002م الموافق 14 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً