عادة لا تراودني أحلام ذات مغزى أو دلالة، فجميع أحلامي - إذا حلمت - تكون أضغاثاً وخزعبلات أو أدنى من ذلك، بل إن أغلبها تكون كأنها مشهد كارتوني اقتُطِعَ من مسلسل "دراغون بول" أو "تاز المشاكس"! ولذا فإنني أكفي نفسي ضحكات التهكّم وتعليقات السخرية فلا أرويها لأحد!
لم أحلم قط! لا أدري لماذا، ربما لأن روحي عند هجعتي تكون هي الأخرى في سبات وكسل فلا تغامر ولا تسافر ولا تحلّق كالأرواح الأخرى. أو ربما لأنّ همومي تكاد تكون تافهة أو طموحي معدوم أو أهدافي سخيفة أو علاقاتي مع الآخرين باهتة ومحايدة بحيث لا أعداء لي كما لا أصدقاء، حتى مديري المباشر في العمل يتجاهلني فلا يسند لي أي نوع من المهام أو الأعمال التي تدفعني للبروز والظهور. وربما هذه أسباب كافية ومنطقية لأتساءل وبماذا وبمن سأحلم... بل ولماذا أحلم تحديداً!
عندما يقصّ عليّ أحد الزملاء حلمًا داهمهُ ويسألني إن كنت أرجّحُ تفسيراً له، فإنني أضحك في سرّي قائلاً: إنني آخر شخص يمكن أن يُسأل عن تأويل حلم ما بل عن أي شيء على الإطلاق.
ولكنني هذه الليلة استيقظتُ فجأة وأنا اشعر كأنّ شيئًا ما كان يُمسِك برقبتي أو يضغط على صدري ليخنقني... قمت على إثر ذلك شبه مفزوع، صحيح أنني لم أكن أتصبّب عرقاً أو ألهث كما تبدو تلك الحالات في الأفلام العربية القديمة، إلا أنني نهضت وأنا أتلفت يمنة ويسرة، وبعض الحوقلات والاستعاذات تتردّد في صدري، عادة فإنّ في هذا الوقت من الليل تُسمع أصوات الديكة تصيح أو جلبة القطط وهي تتشاجر أو تتبادل التهم والشتائم!، ولكنني دهشت ألاّ أسمع صوتاً ولا حركة حتى عندما فتحت النافذة لم ألحظ أي شيء غير عادي، بل كان الصمت مُطبقاً والظلام مازال يخيّم على المكان.
وكشخص لم يعتد أن يحلم وليس لديه خبرة في كيفية التعامل مع الأحلام فضلاً عن الكوابيس فإنني احترت في هذا الشعور الجديد! وعلى رغم القلق الذي داخلني من طريقة استيقاظي والصمت الموحش الذي يغمر الغرفة، إلا أنّ الشعور الذي داخلني إذ خبرتُ مثل هذه الأحلام جعلني أفطن لأهميتي واعتزّ بنفسي واعدّها نقطة فاصلة في حياتي، إذ ربما كان هناك من ينبّهني لدنو حدوث كارثة ما أو ينذرني بوقع رجز من السماء، أو لتذكيري بأمر معين قد نسيته. لم أتوقف كثيراً عند المغزى والهدف من استيقاظي بهذه الطريقة المخيفة والغريبة، بل إنني لم أحاول تذكّر تفاصيل الحلم المثير الأثير! كل ما كنت أفكر فيه الآن هو أنني أصبحت كالآخرين الذي تراودهم الأحلام وتداهمهم الكوابيس.
سأتحدّث غداً أمام الزملاء عن هذا الكابوس المروّع، قد أضيف إليه بعض التفاصيل التي نسيتها! وقبلها سأطلب من أمي تفسيراً له... أي تفسير! كما إنني سأفرد له صفحة خاصة في كراسة المذكرات التي اعتادت أن تظل أوراقها بيضاء، سأتمسك بهذا الحلم وسأجعل منه نقطة انطلاق ومنعطفاً مهماً أو هو الأهم في حياتي.
عدتُ مبتسماً لفراشي لأستأنف رقادي، ورفعت عن سريري قاموس "المنجد" والذي كنت أبحث فيه البارحة قبل أن أنام عن كلمة "اِجذَأَرَّ"* والتي كنت قد قرأتها في أحد الكتب مؤخراً... أزحت "المنجد"... دون أن ألتفت له أو يشغلني وجوده هنا في هذا الوقت. المهم هو أنني حلمت!
اجذَأَرَّ فلان: قام مُتهيّئًا للسِّبَاب.
بدأت القصة بنفيك لتعرضك للأحلام، ثم أكدت في السطر الثاني الأضغاث والخزعبلات... ثم خلصت الى حلمك بالكابوس. أي أنك لم تفارق الأضغاث ولم يأت حلمك بجديد.
هنالك تفكك في الفكرة وحشو في بعض المواضع
رائعة
بارك الله فيك