في أحد الفنادق الراقية بواشطن يجتمع عدد كبير من الأميركيين من أصول إيرانية. الهدف المعلن من اجتماعهم هو تعزيز الصداقة بين الشعبين الإيراني والأميركي، ومناقشة مستقبل العلاقة ما بين طهران وواشنطن. وخلال أيام المؤتمر الثلاثة يُؤتى بشخصيات قيادية مؤثرة، كي يُعطوا الأميركيين من أصول إيرانية طرق وكيفية اكتساب القوة السياسية داخل الولايات المتحدة، وتغيير الصورة النمطية عند الساسة الأميركيين تجاه إيران، فضلاً عن الشعب الأميركي عبر الإعلام.
بطبيعة الحال، فإنَّ هذا النوع من المؤتمرات يتكرَّر باستمرار هناك، وهو ليس على شاكلة المؤتمرات «المعادة» بل لديه أهداف واضحة وتوصيات تذهب إلى أهمِّ دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة الدولة وقوى مجتمعية. بعضهم أعضاء في الكونغرس وفي لجانه كجاريد هوفمان، وآخرون نواباً لمستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي في مجال الاتصالات والخطب العامة كبن رودس.
بل ليس غريباً أن نجد فيلب غوردن حاضراً فيه وهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن ومساعد خاص لأوباما لشئون الشرق الأوسط، ومعه رئيس صندوق «بلاوشيرز» جوزيف سيرينسيون، وعضو المجلس الاستشاري للأمن الدولي الخاص بوزير الخارجية جون كيري.
وإلى جانب هؤلاء الغربيين يحضر أميركيون من أصول إيرانية. بعضهم يُظَن أنهم ليسوا ودودين مع الحكم في طهران كمؤسس المجلس الوطني الإيراني الأميركي تريتا فارسي، وأحد أهم الفاعلين في الجامعات الأميركية الرائدة، وكذلك صلاتِه بالبيت الأبيض والكونغرس. لكننا نعلم أن هذا الرجل هو صاحب نظرية «الانخراط الحكيم» الداعية إلى التفاهم الأميركي الإيراني بدل الصِّدام بينهما.
بل لا نتفاجأ إذا رأينا الكوميديان الأميركي من أصول إيرانية ماز جبراني مشاركاً هو أيضاً. وهذا الشاب الذي يُطلق عليه الإيرانيون اسم «النمر الوردي» يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الأميركيين. وخاض تجارب فيلمية وإذاعية كثيرة وقوية في السينما والأندية النشطة في أهم الولايات الأميركية كنيويورك وكاليفورنيا والعاصمة واشنطن. وأصدر إنتاجه الشهير «لست إرهابيّاً». وهو في أتون ترويجه الداعي إلى عدم ربط الإرهاب بالمسلمين، يزيد من رقعة دفاعه لتشمل «الشرق الأوسط» التي من ضمنها بلاده الأصلية إيران، ولكن بطريقة لا يُرى منها ذلك بشكل واضح.
هذه الأنشطة هي واحدة من صور وأنشطة جماعات الضغط الإيرانية في واشطن. لكن المشهد أكبر من ذلك بكثير! كيف؟ تقوم طهران بمتابعة 535 عضواً هم مجموع أعضاء الكونغرس الأميركي (الشيوخ والنواب) وكيفية توزيع رئاسة اللجان فيه. بعد انتهاء ولاية المجلس ومجيء انتخابات جديدة، يتوزَّع الأعضاء السابقون على مراكز قرار أميركية في السلطتين التشريعية والتنفيذية، أو في مراكز الأبحاث والقنوات الفضائية والصحف المرموقة وهنا تبدأ النقطة.
يذهب الإيرانيون لينسجوا علاقات مع هؤلاء سواء عبر مراكز أبحاث والطلب بإجراء دراسات أو من خلال استئجارهم كمتحدثين في مؤتمرات خاصة أو في برامج حوارية وتلفزيونية. هؤلاء وبحكم مراكزهم الجديدة كمستشارين في الكونغرس أو في البيت الأبيض أو أعضاء فاعلين في مراكز دراسات أو كُتّاب يبدأون في تقديم آراء إيجابية ومختلفة عن إيران، لتوسيع ثقب صغير في الصورة النمطية عنها داخل الولايات المتحدة الأميركية.
في العام 2015م أنفق الإيرانيون 900 مليون دولار في الإعلام الأميركي. وربما تجربة الإذاعة الوطنية العامة واسعة الانتشار واحدة من تلك الصور. كان الإيرانيون يأتون بأبرع المتحدثين وأكثرهم نفوذاً للحديث عن إيران بصورة جيدة، وضرورة إتمام الاتفاق النووي معها. وهم يعلمون أن المجتمع الأميركي يكاد يخلو من منطقة وسط ما بين النخب المثقفة والجمهور العام، لذلك يكون التأثير قويّاً جدّاً، وساهم بشكل فعّال في إتمام الصفقة النووية مع إيران على سبيل المثال.
ليس ذلك فحسب، بل إن ذلك النفوذ قد كَسَرَ صورة إيران والإيرانيين باعتبارهم يرعون الإرهاب إلى صورة مختلفة جعلت من جيمي دلشاد لأن يصبح عمدة لبيفرلي هيلز قبل عدة سنوات ولمرتين. كما وصل إيرانيون إلى أماكن حساسة في الدولة كمستشارين للأمن القومي الأميركي وكَكُتّاب عند الرئيس الأميركي ومساعدين له وأعضاء في حملات انتخابية وفي وزارة الخزانة، وهؤلاء جميعاً لعبوا دوراً فاعلاً في تنشيط العلاقة مع إيران، وفي أهم ملفَّاتها المعقَّدة وهو الملف النووي الإيراني.
بل إن هذا اللوبي القوي لم يُقصِر عمله على مؤسسات الدولة فقط بل في مواجهة الأصوات المحرّضة على إيران فيها، ومن بينها اللوبي الإسرائيلي، حيث دخل اللوبيان في صراع محموم، حين كانت الـ إيباك تسعى إلى إفشال الصفقة النووية، بينما كان اللوبي الإيراني يكافح من أجل تمريرها. وقد استطاع الأخير أن يفرض رأيه. وقد قال أحد أعضاء اللوبي الإيراني متباهياً بأنه ليس من المستغرب أن يهزم لوبي ناشئ كاللوبي الإيراني بآخر إسرائيلي متمكن ومتمثل في أيباك.
هذا الأمر دفع اللوبي الإسرائيلي لأن يُحرِّك لجنة الاستخبارات في الكونغرس وعبر عضوها مايك بومبيو (نائب عن كنساس) لمساءلة جوزيف سيرينسيون، رئيس صندوق بلاوشيرز، بتهمة الترويج للصفقة النووية وربط البيت الأبيض بوسائل إعلام نافذة تروّج للاتفاق. ومن بين تفاصيل تلك المماحكات بين الإيرانيين والإسرائيليين على الأراضي الأميركية نكتشف مساحة واسعة من الحقيقة القائمة هناك. وللحديث صلة.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 5161 - الأحد 23 أكتوبر 2016م الموافق 22 محرم 1438هـ
فنانين ما شاء الله عليكم
بصراحة انا معجب بالاستثمار الإيراني الذكي والتأثير الناعم في السياسة الامريكية ليت دولنا الخليجية تتعلم وتدفع وتستمر هناك حتى تحسن صورتها وتروج لنفسها وتعمل لها لوبي يعاونها هناك بدل الفساد وصرف الأموال على الحفلات والبذخ ؟؟؟
لا أعرف السر الذي يجعل الإيراني متمسك بإيرانيته حتى لو تخلى عن جنسيته الإيرانية و عاش في بلد آخر مئات السنين. و هذا غير مرتبط بالمذهب و الدين أبدا، و يكون مقبولا في دولة قائمة هويتها على التنوع الإثني و لكن في دول الهوية تعتمد على اللغة و الثقافة فإن اكتساب الجنسية يعني الانصهار باللغة و الثقافة و مشروع الدولة و المجتمع وغير ذلك هو اختراق. وعي المجتمع ومشروع الدولة يحب أن يرسخ مفهوم العروبة عند كل ابنائه و يحصن البلد ضد المشاريع القومية. لكن المشكلة هو طأفنة السياسة ليكون ضحيتها حائط الصد العربي
ننتظر التتمة بكل لهفة وشوق
مقال مفيد احسنت اخي الكاتب محمد عبدالله ... ليسه سر الرئيس الاسبق الايراني ..... قال ان التخصيب المفاعل تم توقيفه لمدة شهر ليصرف المليارات التخصيب في اخر انتخابات بارك اوباما اللوبي الايراني صرف في الاعلام الامريكي لينجح اوباما هو الرئيس فتح اجتماع 5+1 و اللوبي الايراني في امريكا منع من عمليه العسكريه ضد مفاعل النوويه الايرانيه.. اللوبي اتفق على اسقاط صدام حسين واحتياح العراق و احتياح افغانستان و اللوبي الايراني اشترى اسلح من اسرائيل ايام الحرب الايرانية العراقيه اسم الصفقه ايران كونترا
يا سلاام عليك
نتمنى ان تعتمد على نفسها ونحذوا كانا حذو الدول المتتقدمه حتى لا يعايروننا بدول الناميه وتمحو مقولة الدول الناميه عن العرب والمسلمين
الحس القومي لديهم متطرف والاصلاحيون هم شوفينيو إيران والذين سيحكمونها بعد خامنئي
اسرائيل هي سكين في خاصرة المسلمين الله يقلعها
المقال روعة