أقف على أعتاب بيت والدي، أجر حزني وخذلاني قبل جر عربة أمتعتي، أقف ألملم ذكريات طفولتي ويطير بي الخيال إلى أعوام مضت في كنف أبي.
بدت خطواتي ثقيلة إلى البيت الذي خاصمته منذ رحيله، دخلت الفناء وتنهدت بسعادة، بيت والدي.... بيت دلالي ... بيت ذكرياتي.
أحس بأنفاسه... أشم رائحة عطره... وكأن الأمس هو اليوم وكأن اليوم هو الأمس...
ظلام دامس... صمت رهيب.
وكأن البيت يئن من هجران.
أشعلت شمعة وجلست على مكتبي وتناولت قلمي الوردي الذي خاصم أصابعي منذ زمن وبدأت أكتب.
أبي كان صديقي... بل كان كل شيء في حياتي، لم أكن أملك صديقاً غيره، ولم أعرف كيف أتعامل مع الناس وكيف أتعايش معهم، لأني ببساطة مدللة أبي ومعاملتي مع الناس معاملة طفلة بريئة صادقة ولا أعتقد بأن الأطفال يكذبون، ولا أعتقد بأنهم ينافقون، كبرت وما زلت طفلة لكن كبر الناس من حولي ولم يعودوا أطفال.
أنتظر أبي عند عودته في كل مساء، أعرف موعد عودته... أسمع خطواته عندما يقترب، أتحسس صوته المرهق من العمل، يركع قلبي عند رجليه، يكون الماء جاهزاً لراحته، أمسح بالقماش الأبيض جسده المترهل، أناوله كأس الشاي، وأضع رأسي على رجليه أستمع لأحاديثه اليومية، لا أتذكر يوماً أني طلبت حاجة ولم يحضرها في اليوم التالي... يأتي مهرولاً ومن على مدخل البيت يناديني: ابنتي... حبيبتي... لقد أحضرت لك ما طلبتي، قسمات وجهه وسعادته بتلبية طلباتي تطير بي فرحاً وسعادة.
أتذكر شتاء شهر رمضان كنت نائمة ولم أفتح عيني إلا وأبي بجانبي، ينظر بحب ولهفة وسعادة لي، ترك إخوتي وأمي وأتى لإيقاظي والإفطار معي، يمسح على شعري، يقبلني أثناء نومي، يغذيني بحنانه وكلماته العاطفية، هكذا كانت حياتي مع أبي.
في ذلك الحي كنت أجمل الفتيات وكل النساء يتمنوني زوجة لأبنائهم، ولكن قلبي لم يخفق إلا لسامر صديق أخي، كنت أرى سعادتي معه وأرى فيه هدوء ووسامة أبي كأي فتاة تحلم بفتى كأبيها.
صارحت أخي بحبي لصديقه وقلت لأبي لا أريد غيره، لكن الألم أن أزف إلى سامر عروسة وأبي قد رحل والألم أن أتصفح صور زواجي ولا أراه، دائماً صورنا ناقصة ... سعادتنا مزيفة... أرواحنا معلقة بين الحياة والرحيل.
سامر يخاطبني بحب وهو يلبسني خاتم الزواج:
أعدك بأني سأكون الأب والصديق... أعدك بالسعادة.
ثلاثة أعوام مضت وكأي زوجة تقوم صباحاً لتطبخ وتكنس وتنتظر زوجها لتدليله، اهتمامي به، انتظاري له، لهفتي عليه، نظرتي في عينيه، كنت أريد منه أن يبادلني الشعور، لا أراه مشتاقاً لي، مشاعره جافة كصحراء قاحلة، والحياة الزوجية بالنسبة له خدمة ودلال وأخذ بلا عطاء.
عندما أبدأ بمعاتبته ينهرني!
ماذا تريدين... كل شيء متوفر لديك.
أريد عطفك... أريد اهتمامك ولهفتك... فأنا ليست قطعة أثاث تكمل بها منزلك.
حزمت أمتعتي وذهبت لأني لا أستطيع العيش بلا حب.
كفتاة عشت دلال أبي لا أستطيع العيش مع رجل يخجل من مناداتي بحبيبتي، رجل يفضل الخروج مع أصدقائه على الخروج معي، رجل أكثر ما يهتم به هو نفسه، وبعد ذلك تأتي البقية.
وأنا غارقة في الكتابة بدأ ضوء الفجر يتسلل من بين شجرة اللوز إلى نافذتي وقفت مبتسمة ومخاطبة لنفسي: أشياء صغيرة كبشر تسعدنا كضوء الفجر عندما يخترق نافذتنا، أعلم بأن الحياة مع الناس تحتاج الصبر ولا يمكن أن نضع الأب في ميزان مع أشخاص آخرين فهو الوحيد الذي يعطي بلا مقابل.
العِبرة ..
دائماً عندما نقرأ، يجبُ أن نستلهم العِبرة .. العِبرة في تقدير الأب و عطائه، العِبرة في الحياة .. و آلامها الكثيرة. تحيّة للكاتب، و حفظ الله أبائكم و أمهاتكم و أحبابكم ..
قصة رائعة سلمت يد الكاتب
حنان الأب لا يعوض
رحم الله الآباء الماضين وأطال عمر الباقين
احيانا الدلال في بيت الأب يفسد الحياة الزوجية ... القصة تشبه قصتي ... عشت عز و دلال في بيت اهلي و أبوي كان صديقي ... لما تزوجت لقيت نفسي أعيش بس حتى ارضي زوجي و أولادي و لا احصل بالمقابل من يحبني و يعطف عليي .. اذا عبرت عن انزعاجي من اي موضوع قال ليي .. اصحي ترى دلال اللي عشتينه في بيت ابوش انسيه .. اذا قلت ابغي اسمع كلمة احبك قال اني اختلق المشاكل ..الله كريم
لامثيل للأب ... حفظك ربي وأبقاك
قصة مألمه جدآآ .... الف رحمه عليك يا أبي العزيز
لا يمكن تعويض الأب. ...رحمة الله عليك يا والدي
الله يرحمهم برحمته ؛ صج لا والف لا لا يعوض
رحمك الله يا والدي ،،
رحلت ورحل طعم الحياة بالنسبة الي
نعم لايوجد مثيل للأب ..