بينما تمر البحرين بتجربة ديمقراطية وحركة اصلاحية، تمر المنطقة بمرحلة خطيرة... فالقوات الأميركية تحيط بالشرق الأوسط من كل مكان وقواتها انتشرت في الخليج (أرضا وبحرا) وفي جيبوتي وفي تركيا وفي البحر الأبيض المتوسط، والأوراق الصادرة من الإدارة الأميركية ومن الكونغرس ومن البنتاغون ومن المخابرات المركزية الأميركية ومن المؤسسات الفكرية تتناثر في الهواء بصورة عشوائية لتتساقط علينا «قنابل» و«طائرات» و«مدمرات» و«تهديدات» و«انذارات»:
القيادة الفلسطينية يجب تغييرها... الرئيس العراقي يجب الإطاحة به... السعودية قد تتحول لعدو، ولابد من التعامل معها على هذا الأساس... لبنان يحتضن عناصر القاعدة، وحزب الله يجب ضربه... إيران تحتضن عناصر القاعدة وتحول أموال القاعدة إلى السودان ويجب ضربها... السودان لم تثبت أنها دولة «ديمقراطية» تحترم الأقليات المسيحية والوثنية ويجب فرض حلول تفكيكية عليها وإلا ضربها... سورية يجب محاسبتها لأنها «غير ديمقراطية وتساند الارهاب»... الأردن /الدول الخليجية يجب عليهم ان يفتحوا أراضيهم للقوات الأميركية وإلا تم التعامل معهم كحلفاء «للشر»... المساعدات الأميركية تتوقف عن مصر عقابا لها على سوء معاملتها لسعد الدين إبراهيم... باكستان يجب عليها ان تتعاون مع أميركا في كل ما تريد، وإلا قامت الولايات المتحدة بمساعدة «إسرائيل» والهند لضرب قدراتها النووية وشل اقتصادها... الطلاب والمسافرون السعوديون والخليجيون والعرب والمسلمون يعاملون كمجرمين في الولايات المتحدة...
ماذا تريد منا الولايات المتحدة، وكيف ستأخذه منا وبأي ثمن؟ أسئلة مشروعة بدأت تطرح نفسها على كل المستويات.
فلم يعد هناك احترام لأحد في عصر تسيطر عليه قوة عظمى، ويتحول رئيسها إلى متحدث عن رئيس الوزراء في الكيان الصهيوني، وتتحول سياساتها جميعا إلى مصلحة أصحاب شركات النفط والتصنيع الحربي.
فالولايات المتحدة، وبذريعة محاربة الارهاب، أصبح رئيسها «الناطق الرسمي» عن الكيان الإسرائيلي، ونائب رئيسها «الناطق الرسمي» عن شركات النفط ووزير دفاعها «الناطق الرسمي» عن شركات تصنيع الأسلحة.
وجميع هؤلاء من مصلحتهم أن يتحول العالمان العربي والإسلامي إلى مجموعة من الأذلاء الذين لا حول لهم ولا قوة، مطيعين ومنكّسي رؤوسهم لكل كلمة وأمر وقرار تصدره هيئة صهيونية متنفذة في واشنطن ونيويورك وتل أبيب، ولكل قرار استراتيجي يخصّ مصانع أسلحة الدمار الشامل الأميركية والصناعات النفطية.
لو كانت الولايات المتحدة تريد حقوق إنسان وديمقراطية لكانت قد وجهت ولو واحدا من المليون مما تصرفه لملء منطقتنا بأسلحة الدمار الشامل...
نعم لدينا دكتاتورية في العالمين العربي والإسلامي، ولكن هذه الدكتاتورية كانت ولازالت تحظى بالدعم الأميركي، وأميركا لا تنزعج من تلك الدكتاتورية إلا إذا «انحرفت» وبدأت تؤذي المصالح الأميركية.
ينظر المرء إلى ما يدور حوله، وهو مؤمن بأن هذا لم يكن ليحصل لو أننا كشعوب وحكومات رتبنا شئوننا الداخلية على أساس متين، وهذا ما نسعى إليه في بحريننا الغالية...
فأكثريتنا، سواء كنا من الجانب الرسمي أو المعارضة، نسعى إلى تعزيز حال الديمقراطية التي بدأت في عهد عظمة الملك الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وكلنا يعي ان تعزيز الحالة الديمقراطية هو السبيل الأفضل لمستقبل آمن يحترم فيه كل منا الآخر، ونفرض احترامنا أيضا على من يستهزأ بنا ويصورنا مجموعات من «الوحوش» والارهابيين بينما هو يحتضن الارهابي شارون ويدعمه بأسلحة الدمار الشامل ضدنا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 15 - الجمعة 20 سبتمبر 2002م الموافق 13 رجب 1423هـ