استأنف مؤتمر الخليج العربي ومحيطه الشرق أوسطي الذي نظمه معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إيكستر بجنوب إنجلترا أعماله في اليوم الثاني، وقد خصصت الجلسة الرابعة لموضوع الهويات الوطنية والمجتمعات المهاجرة.
قدمت ارتفاع بنت فريد، وهي أصلاً من تنزانيا، وعاشت في عُمان، وتحضر الدكتوراه في جامعة فرجينا، ورقة بشأن إشكالية تزاوج العمانيين من أصول عربية وإفريقية وبلوشية، ودورها في تشكيل الهوية الوطنية الحديثة لعُمان. وقد عرضت لخلفيات المشكلة من حيث هوية العُمانيين إلى مجموعتين الأولى هم العُمانيون العرب، والعُمانيون المنحدرون من خلف البحار في بلوشستان وشرقي إفريقيا، وكذلك تنوع انتماء العُمانيين إلى قبائل متباينة في مكانتها، ومواقعها وأعراق مختلفة، العرب والبلوش والأفارقة.
وبينت الورقة أن النمط السائد في التزاوج فيما بين العُمانيين هو التماثل، أي الزواج داخل القبلية أولاً ثم المنطقة ثم تماثل الانتماء أي تزاوج العرب فيما بينهم، والبلوش فيما بينهم والأفارقة فيما بينهم. وذكرت أن الزواج المختلط لذوي الأنساب القبلية المتباينة يحدث وليس سائداً. أما زواج ذوي الأعراق المختلفة العرب والبلوش والأفارقة فنادر جداً، ويقتصر على سكنة العاصمة أو ممن ينتمون لمهن عالية واستنتجت أن ذلك يعوق تشكل هوية وطنية عُمانية جامعة.
الورقة الثانية، قدمها دارس الدكتوراه في جامعة لفبوروجينا، رواو رخيلو بشأن الحياة العابرة، الجالية الباكستانية في دبي، حيث عرض مستعيناً بالصور مشاهد لحياة الباكستانيين من العمالة غير الماهرة والفقيرة في دبي، وشبكة علاقاتهم مع بعضهم بعضاً مع انفصام علاقاتهم مع الإماراتيين خاصة، والجاليات الأخرى بشكل عام، والغالبية العظمى من هؤلاء هم من العزاب الذين يتكدسون في بيوت قديمة ومكتظة.
الورقة الثالثة قدمتها لندسي ستيفنسون من جامعة برنستون بشأن تجنيس الأجانب؛ دراسة حول التجنيس، وقد عرضت الورقة للروابط العائلية للكثير من العائلات في جنوب إيران والبحرين، وعرضت للتطورات في هذا الشأن ومن أهمها صدور قانون الجنسية في البحرين لأول مرة في العالم 1937، والتحول من إمارة كمحمية بريطانية إلى دولة ذات هوية وطنية في 1971 وما ترتب على ذلك لوضع فواصل لفئات السكان وتصنيفهم كمواطنين أو مقيمين، وترسيم الحدود، وقوانين عبور الحدود والدخول والخروج والإقامة.
كما عرضت الدراسة إلى سياسة إيران في تأكيد انتماء مواطنيها وواجباتهم بمن فيهم من يعيشون على الضفة الأخرى للخليج، ومن ذلك التجنيد الإجباري في العام 1925 واعتماد اللباس الوطني في العام 1927 وقانون الجنسية الإيراني في العام 1929، والذي بموجيه حصر تملك الأراضي والعقارات بالإيرانيين، مما اضطر الآلاف من البحرينيين المقيمين في جنوب إيران إلى طلب الجنسية الإيرانية.
كما عرضت إلى الروابط الدينية المذهبية بين شيعة البحرين وإيران، وما تثيره من التباسات خلال أوقات الأزمات. كما عرضت إلى أزمة ادعاء إيران الشاه بتبعية البحرين لإيران، والعمل لتأكيد الهوية الإيرانية القومية للإيرانيين المقيمين في البحرين، ومن ذلك إقامة المدرسة الإيرانية بمنهج إيراني والتي أغلقت إثر أزمة التسعينيات. وقد جاء رد فعل حكومة البحرين على ذلك بصدور قانون 1937 للجنسية والملكية والذي يحرم تملك الأجانب بمن فيهم الإيرانيون لملكية الأرض والعقار مما أثار إشكالات كبيرة. واختتمت الورقة بنتيجة تعقد مشكلة العلاقات الإيرانية البحرينية بقيام جمهورية إيران الإسلامية وتداعياتها على المنطقة وخصوصاً البحرين.
الجلسة الرابعة: الدينامية الثقافية والملكية الانتقالية وقد أدارها جيمس اونلي، وقدمت كاثرين هينسي من جامعة وورك، ورقة بشأن المسرح في مجلس التعاون الخليجي، وتعبيراته عن مكونات المجتمع، وقد عرضت لتجربة تقديم مسرحيات شكسبير وتشيخوف في الدوحة ودبي والكويت من قبل فرق مسرحية مختلطة من المواطنين والمقيمين مع محاولة إعطائها طابعاً محلياً من حيث اللباس والديكور، حيث تعتبر ذلك نافذة يطل منها المواطنون والأجانب على بعضهم بعضاً، ويتفاعلون في تجربة إنسانية.
قدمت فكتوريا هاي تور من جامعة نورث جورجيا ورقة بشأن صناعة التراث الخليجي ونزعة الشرعية الثقافية، عرضت في ورقتها إلى الاستثمار في المشاريع الثقافية في كل من الإمارات وقطر مقارنة بالبلدان الشرق أوسطية الأخرى. وعزت ذلك جزئياً إلى تبديد الانطباع السائد من أن دول الخليج فقيرة ثقافياً، وتفتقد البعد والإرث التاريخي قياساً بالدول العربية الشرقية الأخرى، وعرضت لاستراتيجية الإمارات في تخصيص جزر مثل السعديات في أبوظبي لإقامة متحف ضخم يعرض لتاريخ الإمارات، ومتحف صقال الحديد في دبي ويحكي التاريخ البحري للإمارات. أما استراتيجية قطر فتقوم على تحولها إلى مركز ثقافي للعالم العربي الإسلامي، ومن ذلك إقامة المتحف الإسلامي الشهير، وكذلك اقتناء التحف الاثرية والفنية بأي ثمن، وجعل الدوحة سوقاً للمنتجات والمقتنيات الفنية.
قدمت الباحثة الهندية انجالي جيوتش من جامعة قطر ورقة بشأن التأثير الاجتماعي الثقافي للهجرة، دراسة بشأن هجرة العمالة الماهرة من كيرالا الهندية إلى قطر. وقد ذكرت الباحثة بعض المعطيات، وهي كون الغالبية العظمى من المهاجرين الهنود إلى الخليج ومنها قطر من ولاية كيرالا وقدرت عددهم في الخليج بـ 2.5 مليون وعددهم في قطر بحدود 125 ألفاً. وعرضت لقانون الإقامة في حصر الحق في جلب عائلة الوافد بأن لا يقل دخله الشهري عن 10 آلاف ريال، وذكرت أنه يوجد في الخليج ما يقارب من 104 نوادٍ ورابطة منها 85 من كيرالا. وعرضت لمترتبات العمالة الهندية وخصوصاً من كيرالا في الخليج بتحويلات المغتربين، والتي تشكل القوة الشرائية لامتلاك منزل أو أرض زراعية أو مشروع تجاري أو صناعي أو غيره وبذا يحظى المهاجرون بعد عودتهم بامتيازات المكانة الاجتماعية والاقتصادية. كما عرضت انجالي لمشكلة عدم الاندماج للوافدين الهنود مع المواطنين والذين يشكلون أقلية في بلدان الخليج (9 في المئة في قطر، و11 في المئة في الإمارات، و40 في المئة في الكويت و45 في المئة في البحرين) والاستثناء هي عمان حيث يشكل المواطنون 55 في المئة والسعودية 60 في المئة لكنهم في جميع الأحوال أقلية القوى العاملة.
أما الورقة الأخيرة فقدمتها أنا نويزس من جامعة حمد بن خليفة بقطر بشأن تحول الغربيين إلى الإسلام في قطر ومحدودية الانتماء المحلي. وقد عرضت فيها إلى تجارب أميركيين وغربيين في التحول إلى الإسلام ومدى إسهام ذلك في تعزيز انتمائهم إلى المجتمع القطري. وذكرت أن الدوافع للتحول إلى الإسلام لا تقتصر على القناعة بل الرغبة عما يرافق ذلك من امتيازات وحظوة في مجتمع متدين ومحافظ وريعي. وذكرت أن بعض المؤسسات التي ترعى الغربيين المتحولين للإسلام مثل المؤسسة الإسلامية تحظى بالدعم الرسمي والخاص.
يتبع...
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 5159 - الجمعة 21 أكتوبر 2016م الموافق 20 محرم 1438هـ
أستاذ عبدالنبي
المواضيع المطروحة في الندوة مهمة وانت ذكرتها على عُجالة
ننتظر منك تفصيلها ولو على أجزاء في المقالات القادمة