النجاح لا يعني أنك لا تتعثر أبدا في حياتك، والفشل لا يقرن بعدد ما تقوم به من محاولات فاشلة؛ بل هو التوقف عن المحاولة وإعادتها تكراراً، نحن في وقت يتطلب منا أن نحاول مرات عدة، والزمن بات يعي أن ذلك جزء من الوصول إلى الهدف، ولم تعد المحاولة مجازفة، استمر حتى لو تعثرت مراراً، فالأخطاء ضريبة الإتقان.
يقال إن قانون «الجهود المهدورة» نافذ في عالم الحيوان والطبيعة، فالأسد مثلاً يفشل في محاولات الصيد بنسبة 57 في المئة، وعلى رغم ذلك فهو لا يتوقف عن الصيد، ونصف بيض الأسماك يتم التهامها وهي مستمرة، بينما معظم الأمطار تتساقط في البحار والمحيطات. لكن عالم الإنسان يرفض هذا القانون ظناً منه بأنه قد يضيع وقته وجهده، فينصرف في شيء آخر فيمر بنفس المحاولات، وينتقل إلى أمر ثانٍ، وهكذا فلا هو وُفق في أمره الأول، ولا نال من أمره الثاني ولا الثالث، وكأنه كالعجلة التي تدور في نفس الدائرة.
الكاتب سعد سعود الكريباني في كتابه «كيف أصبحوا عظماء» المنشور لدار العبيكان للعام 2012م، يعرض فيه سلسلة من المحاولات الفاشلة لمجموعة من العظماء، فالفيلسوف العربي محمد الفارابي قرأ كتاب «النفس» لأرسطو 100 مرة لكي يفهمه، بينما ابن سينا لم يفهم كتاب «ما وراء الطبيعة» لأرسطو إلا بعدما قرأه 40 مرة وحفظه. هوارد كارتر (1874 - 1939) خبير الآثار والتاريخ البريطاني والذي يرجع إليه الفضل لاكتشاف كنوز توت عنخ آمون، صرخ في وجهه ممول مشروع الحفريات بعد محاولاته الكثيرة والفاشلة قائلاً له: «هيا يا هوارد لنرحل من هنا، إنك هنا قد ضيعت وقتي ومالي، كف عن هذا، فكل محاولاتك فاشلة»، طلب هوارد الفرصة الأخيرة، وفي آخر جهد بائس على حد وصف مؤلف الكتاب رأى هوارد كنز توت عنخ أمون رأي عين، وقال حينها باكيا: «فاق أكثر أحلامنا شططاً، إنه كنز توت عنخ آمون»، ليس وحده من كرر محاولاته، فالعالم أديسون أجرى أكثر من 14 ألف محاولة لاكتشاف مصباحه الكهربائي، أما هارلاند ساندرز العجوز الذي نرى صورته على علب وجبات الكنتاكي، هو نفسه صاحب هذه الخلطة السحرية، الذي اكتشف نفسه طباخاً وقد ناهز الأربعين من عمره، عرض استثمار خلطته السحرية على 1008 مطاعم ولمدة عامين، لكنها جميعاً رفضت، ولولا محاولاته التي فاقت المئة لما أصبحت صورته تباع يوماً على علب دجاجه السحري في أكثر من 110.000 فرع في العالم.
يقول ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الثانية: «إياك إياك ثم إياك والفرار»، الفرار هو أسهل الطرق من العودة مرة ثانية للمحاولة، فالنفس الإنسانية تكره الفشل، ويمكن أن تقبل بالمحاولة ولكنها ترفض تكرارها حتى ولو بصيغ مختلفة لنيل الهدف، والإصرار على تكرار المحاولة لا يعني الإغفال عن مكمن الأخطاء التي أصلها النفس على حد القول المأثور «الكيس من دان نفسه» ليتم تفاديها، لأن العوامل الخارجية ثابتة، بينما المتغير والذي يمكن التحكم فيه هو صاحب المحاولة، لذا على رغم المحاولات الفاشلة استمر ولا تتوقف ولا تمت وأنت حي.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 5159 - الجمعة 21 أكتوبر 2016م الموافق 20 محرم 1438هـ
اختي رملة اعذريني ما قدرت اكمل المقال
والسبب بسيط بعد محاولات فاشله اخذت سنوات شبابي وصحتي ماعدت اؤمن بما يقال ويكتب فقط اؤمن بالحظ وإرادة الله لو اراد الله لي انجح في موهبة ما واكون كذا لكنت والله المستعان
الله يهديك
لا تيأس يالغالي
صحيح هناك فارق كبير بين التنظير والعمل التطبيقي بس هناك نماذج مشرقة حققت نجاحات في سنوات متاخرة في حياتها رغم قسوة الظروف وذلك لوجود الهدف والسعي له
على الجرح اختي واشاركك نفس الشعور ، لقد قتلنا بدم بارد ونسينا علم قد ضحينا من أجله الكثير ماديا ومعنويا ، متى سنجنى ثمار ما زرعناه
مقال يجدد النشاط والحماس ويبعث الامل للنجاح عند الفشل