تولي الكثير من المجتمعات الإنسانية في مختلف الدول المتقدمة في العالم، أهمية بالغة للأعمال التطوعية والعاملين فيها، سواء أكانت تلك الأعمال، إنسانية أم اجتماعية أم ثقافية، وتحصل على دعم جيد من الجهات الرسمية والأهلية، ومن المؤسسات الخاصة، بكل الوسائل والطرق المتاحة لديها، ويتعامل معها بكل تقدير واحترام، وتعمل على إبقائها قوية وفاعلة، إداريا واقتصاديا ومعنويا، وتتعامل معها كشريك فاعل في حل الكثير من المشكلات الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية، وتعتبر وجودها له أهمية كبرى في واقعها، وترى أن رعايتها والمحافظة عليها، من الأساسيات المهمة في خدمة المجتمع.
فلهذا توفر لها كل الأسباب التي تساعدها على الاستمرار في أداء عملها على أحسن وجه، وتزيل عنها كل المعوقات والمنغصات التي قد تصادفها أثناء عملها، لعلمها الأكيد أن أي تعويق للأعمال الخيرية والإنسانية والاجتماعية التطوعية هو تعويق للمجتمع ولمؤسسات المجتمع المدني بصورة خاصة، فلهذا تعتبرها، أي المؤسسات التطوعية، شريكة في تطوير وتنمية قدرات ومهارات المجتمعات، إذا ما أحسن التعامل معها، فالكل يعلم أن ثمار العمل التطوعي كثيرة ومتنوعة، للفرد والمجتمع والدولة، ولا أحد يختلف في هذا الجانب، السؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين من العاملين في الأعمال التطوعية، لماذا لا يتعامل مع العمل التطوعي في بلدنا بالقدر الذي يتناسب مع عطاءاته الإنسانية الكثيرة؟ ولماذا يعزف الكثيرون من أبناء المجتمع عن الانخراط في الأعمال التطوعية، ماداموا يعلمون أهميته الكبيرة بالنسبة إلى مجتمعاتهم؟ فلو حاولنا الجواب على هذا السؤال بكل واقعية وصدق، سنقول إن الأسباب التي جعلتهم يعزفون عن الانخراط في الأعمال التطوعية بكل أنواعها ومسمياتها، تنحصر في الجوانب النفسية والمعنوية وقلة المحفزات الرسمية الحقيقية لهذا القطاع المهم.
فالشباب الذين يريدون الالتحاق بأي عمل تطوعي في مناطقهم أو خارجها، يحتاجون إلى عوامل مشجعة تدفعهم بطيب خاطر نحوه، فهم يرون أن العمل التطوعي في البلاد يعاني من حالات التثبيط والتحبيط، وكثرة المعوقات والعراقيل المصطنعة التي توضع أمامه، على رغم تحمله الكثير من أعباء الأسر المتعففة، ومن ضمنها، المعيشية والتعليمية والصحية والخدمية، الذي تكلفه مئات الألوف من الدنانير سنويّاً، فآليات وإجراءات التراخيص لجمع الأموال على سبيل المثال فيها الكثير من التعقيد والتعسير غير اللازمين للعمل التطوعي، أليس جميع الجمعيات والمؤسسات الخيرية والإنسانية والاجتماعية والثقافية مسجلة رسميّاً في سجلات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية؟ أليس جميعها تخضع للقانون، وتعتمد في تسيير عملها على التبرعات وجمع الأموال من المحسنين في المجتمع؟ لماذا تكون إجراءات وآليات الترخيص لجمع الأموال صعبة جدا للدرجة التي نراها حاليا؟
بطبيعة الحال إذا ما استمر الوضع الحالي غير المشجع للجمعيات الخيرية التطوعية دون تغيير إلى الأفضل، من المؤكد أنه ستكون له انعكاسات سلبية على العمل التطوعي في البلاد، لا تسر أحداً في المستقبل القريب، كان من المؤمل ومنذ زمن بعيد، توفير مقار لكل الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية والاجتماعية والثقافية، لكي تتمكن من المساهمة بفعالية كبيرة في تطوير وتنمية العمل التطوعي، وكذلك إعطاء المتطوعين في الأعمال الخيرية والإنسانية والاجتماعية والثقافية ميزة معينة في المعاملات الرسمية، ومراعاتهم في الجانبين الاقتصادي والخدمي، فهناك سبل كثيرة ومتنوعة في دعم المتطوع، إذا ما أرادت الجهات المعنية أن يكون للعمل التطوعي في البلاد دور أكبر بكثير من الدور الذي يقوم به في الوقت الحاضر، المسألة بحاجة إلى النظر إليها بعين الاهتمام، والعمل على إشراك المؤسسات التطوعية بصورة حقيقية في كل ما يتعلق بالمجتمع، وهذا إن تم فعلا، سيكون عاملا رئيسيا في تطوير المجتمع في الكثير من الاتجاهات المهمة.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 5158 - الخميس 20 أكتوبر 2016م الموافق 19 محرم 1438هـ
المجتمع المتواكل هذا حاله: الجميع مستعد للنقد والانتقاد لكن الجميع ايضا الا النذر اليسير غير مستعدّ للمساهمة وليس ذلك عن ضعف الوعي بل الجميع وعارف بأهمية العمل التطوعي لكننا شعوب اتكاليّة الا ما نذر