حكم على عالم دين ومحامٍ وفيزيائي بالإعدام بالمقصلة يوماً، وعند لحظة الإعدام سئل عالم الدين: هل هناك كلمة أخيرة توّد قولها؟ فقال: الله هو من سينقذني وعند ذلك أنزلوا المقصلة، فتوقفت قبل وصولها لرأس العالم. فتعجّب النّاس، وقالوا: أطلقوا سراح عالم الدين فقد قال كلمة الله، فنجا من موته.
وعندما جاء دور المحامي، سألوه السؤال نفسه فقال: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، ولكن أعرف أكثر عن العدالة، العدالة هي من ستنقذني. ونزلت المقصلة على رأس المحامي، لكنها توقفت قبل أن تصل إلى رقبته، فتعجّب النّاس وقالوا: أطلقوا سراحه فقد قالت العدالة كلمتها، ونجا من موته أيضاً.
وحين سئل عالم الفيزياء نفس السؤال قبل إعدامه قال: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، ولا أعرف العدالة كالمحامي، ولكنّي أعرف أنّ هناك عقدة في حبل المقصلة تمنع المقصلة من النزول على رقاب المحكوم عليهم، فنظروا إلى المقصلة ووجدوا العقدة فعلاً وأصلحوها، فلما أنزلوا المقصلة، قطعت رأس العالِم.
لو أن عالم الفيزياء فكر في نتيجة قوله (لما يعرف) لما خسر حياته بهذه الطريقة، وهو ما يؤكد أهمية اختيار الوقت الأنسب لقول ما نعرف؛ إذ ليس كل ما يعرف يقال، وخصوصاً فيما يتعلق بالعلاقات الشخصية، وبعض العلاقات حياة أيضاً، من الخسارة قتلها.
نحتاج أحياناً إلى التغافل عن كثير من الأمور فيما يتعلق بحياتنا وعلاقاتنا بالآخرين. وخصوصاً أولئك الذين يعنون لنا الكثير. نعرف أحياناً أخطاءهم، نعرف أن بعض نواياهم لا تبدو كما يظهرونها في أفعالهم. نعرف أننا أحياناً لسنا أول اهتماماتهم وإن قالوا العكس. لكن من المهم ألا نظهر كل ما نعرفه كي لا نخسر ما بقي من ود، ولا نقطع ما بقي صامداً ولو كان بوهن بيت عنكبوت، ما دامت مصلحة الطرفين تكمن في إبقاء العلاقة كما هي، ما لم يوجد ما يستدعي قطعها بالفعل منطقياً.
وقد سئل أعرابي: من العاقل؟ فأجاب: الفطن المتغافل. المتغافل عن صغائر الأمور التي لا تحدث فرقاً، الأمور التي يمكن التغافل عنها من دون أن تشعرنا بغصص قد تقضي علينا بعد أن تقضي على راحتنا واستقرارنا العاطفي والوجداني أو المادي أو الاجتماعي.
فبعض الصراحة قاصمة، تؤدي إلى إصرار الطرف الآخر على فعله وإن كان خاطئاً، إذ لا يقبل الصراحة كل البشر، فبعضهم يفضل ألا تواجهه بما تعرف عنه، وأن تبدو أمامه مغفلاً لحين إدراكه مدى بشاعة ما يقوم به. وبعضهم ينتظر من غيره أن يبدأ بالرفض كي يرفض كل ما سيأتي بعد ذلك وتنهار العلاقة. ولا أعني بهذا القول أن نسكت عن حقوقنا، إذ توجد أمور لا ينبغي أبداً تجاهلها، ولكن ليس كل ما يحدث يحتاج إلى المناقشة أو الوقوف عنده، ولو أننا فعلنا ذلك لما استمرت علاقة بين شخصين أي كان نوعها.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5157 - الأربعاء 19 أكتوبر 2016م الموافق 18 محرم 1438هـ
ببساطه ،،
لا يستطيع كهنة المعابد وتجار الدين ان يخدعوا من يكثر من طرح التساؤلات ،،
لذلك ترى أن تجار الدين لديهم مشكلة مع عفوية الجيل الجديد وأسألتهم البريئة!
وهكذا ينتهي الحال بأن ترى هؤلاء الكهنة يهربون من الناس وينعزلون عنهم في زمن صفحات التواصل الإجتماعية!
احسنتي اختي العزيزة سوسن! مقال رائع حقا!
كلام جداً رائع وجميل ومنطقي وأشكر الكاتبة عليه ونسأل الله بالتوفيق لكل علاقة تحمل في طياتها حب من الطرفين و أوافق زائر 4 في كلامه
أستاذة سوسن
ما ندم الانسان على السكوت مرة لكن قد يندم على الكلام ألف مرة
روعة ... حفظت هذا المقال عندي بعد إذنك يا أستاذة
جميل ورائع يفيدنا
«مداراة الناس نصف العقل»
هذا من المأثور عن اهل البيت (ع) ، و جرّبناه ، لأن من يقف لصاحبه او اخيه عند كل زلة و خطأ لن يجد في نهاية مشوار عمره صديقا ولا عزيزا.
شكراً للتذكير
منطق الكلام أعلاه، واحد من أسباب استمرار المخطئين على خطئهم، عن تجربة.
غير صحيح عي قالت صغائر الأمور فقد ذكرت بالحرف
المتغافل عن صغائر الأمور التي لا تحدث فرقاً، الأمور التي يمكن التغافل عنها من دون أن تشعرنا بغصص قد تقضي علينا بعد أن تقضي على راحتنا واستقرارنا العاطفي والوجداني أو المادي أو الاجتماعي.
كما قالت ولا أعني أن نسكت عن حقوقنا
يقال ان ثلث العقل المجاملة
يقال ان ثلث العقل المجاملة
مقال رائع .