بحث الرئيس الأميركي جورج بوش في اجتماع مع قيادات الكونغرس في البيت الأبيض صباح الأربعاء الماضي، شكل القرار الذي سيتخذه الكونغرس بشأن العراق بينما واصل البيت الأبيض الضغط على الرئيس العراقي صدام حسين. وصرح بوش عقب الاجتماع انه سيعرض خلال أيام على الكونغرس مشروع القرار المقترح لتفويضه بشن حرب على العراق. وأضاف أنه تلقى تعهدا بأن يجري التصويت على مشروع القرار قبل انتخابات الكونغرس النصفية التي ستجرى في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وقال بوش: ان مثل هذا القرار القوي سيرسل إشارة قوية عن تصميم الولايات المتحدة إلى العالم «بأن هذا البلد متحد في عزمنا للتعامل مع التهديدات التي نواجهها».
وجاء اجتماع بوش مع قيادات الكونغرس في وقت تجددت فيه المعارضة الدولية لدعوات الحرب الأميركية بعد أن أعلن العراق موافقته على عودة غير مشروطة لفرق التفتيش الدولية. وتعارض روسيا والصين وفرنسا والدول العربية اصدار قرار جديد من مجلس الأمن يدعو إلى التهديد باستخدام القوة في الوقت الراهن. غير أن بوش قال إن العراق لن يتمكن «من استغباء أي كان».
ويقول مسئولون أميركيون انهم سيحاولون منع سفر المفتشين إلى العراق حتى يصدر مجلس الأمن قرارا جديدا يحدد الشروط الجديدة لعملهم في العراق من شأنها أن تجعل من الصعب على الرئيس العراقي المناورة في هذا المجال. وأكد هؤلاء المسئولون أن وزير الخارجية الأميركي كولن باول سيعرض على أعضاء مجلس الأمن صيغة مشروع القرار قبل نهاية الأسبوع الجاري. وسيتضمن مشروع القرار جدولا زمنيا لامتثال العراق والتهديد باستخدام القوة العسكرية إذا لم يستجب العراق للشروط الخاصة باجراءات مجلس الأمن تاركا المجال للولايات المتحدة أن تقرر متى وكيف ستستخدم القوة العسكرية ضد العراق.
وذكرت مصادر دبلوماسية مطلعة في نيويورك أن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان نصح وزيرالخارجية العراقي ناجي صبري في صوغ الرسالة التي تسلمها يوم الاثنين الماضي.
وأعلن وزيرالخارجية الروسي أن بلاده لا ترى ضرورة لاصدار قرار خاص جديد بشأن المسألة العراقية مشيرا إلى أن كل القرارات اللازمة موجودة.
والتقى رامسفيلد الأسبوع الماضي بأعضاء بارزين في لجان الاعتمادات في مجلسي الشيوخ والنواب لمناقشتهم في تخصيص مبلغ عشرة مليارات دولار لوزارة الدفاع من أجل تعزيز موازنتها التي تبلغ 355 مليارا للسنة المالية التي تبدأ في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول. ويعتقد البعض أن هذا المبلغ يمكن استخدامه في أي أنشطة تساعد في الرد على أو حماية البلاد من أي تهديد إرهابي.
ومن جانبه، أصرّ المراقب المالي في وزارة الدفاع دوف زاخيم على أن مبلغ الـ 10 مليارات لن يتم تخصيصه للعراق، إلا أنه اعترف بأن الحكومة الأميركية ترفض بشكل مستمر تغيير سياسة الحد من استخدام الأموال.
وبسبب هذا الغموض، لم يدرج مجلس النواب أو مجلس الشيوخ هذا العام مبلغ الـ 10 مليارات دولار ضمن وثيقة التخصيص التابعة لوزارة الدفاع. والآن يسعى رامسفيلد إلى إقناع المفاوضين باضافة المبلغ الذي يشدد على أنه سيستخدم في تمويل عمليات مكافحة الإرهاب وراء البحار.
ويشار إلى أن البنتاغون قدرت نفقات بقاء القوات الأميركية في أفغانستان في الشهر الواحد بحوالي ملياري دولار.
روسيا وفرنسا ترفضان
إلى الموقف الروسي الرافض أشار وزير الخارجية الفرنسي دومنيك دو فليبان إلى أن بلاده ستناقش المسألة في إطار مجلس الأمن الدولي مؤكدا على ضرورة دراسة الخطاب الذي أرسله العراق غيرأنه أوضح أن جميع العناصر التي تدعو للتحرك بشأن المسألة العراقية متوافرة. وذكر مصدر دبلوماسي فرنسي أن فرنسا مستعدة لقبول قرار جديد من مجلس الأمن إذا لم يسببب ذلك القرار في إحداث شقاق داخل المجلس.
وقد كثّفت حكومة الرئيس بوش مساعيها في هذا الإطار حيث عرض وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد موقف حكومة بوش إزاء العراق في جلسة استماع عقدتها لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب الأميركي يوم أمس الأربعاء، أجاب فيها عن أسئلة بشأن المخاطر والكلفة والجدول الزمني لحملة عسكرية أميركية ضد العراق، حيث كرر المزاعم الأميركية بأن العراق وكوريا الشمالية وإيران تشكل خطرا على السلام العالمي. وادّعى أنه لا يمكن لأي عمليات تفتيش أن تجرد العراق من أسلحته. وقال انه خلافا لما يقال ان الكثير من حلفاء أميركا تعارض الإطاحة بالرئيس صدام حسين فإن عدد الدول التي لا تستطيع التعايش معه يزداد.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في سياق حملة الضغط المتواصلة على العراق انها ستمضي قدما في وضع خطط طوارئ لاحتمال شن عدوان عسكري على العراق على رغم من عرض الحكومة العراقية بدخول مفتشي الأسلحة إلى أراضيه من دون شروط.
وكان زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ الأميركي توم داشل قد توقع يوم الثلاثاء أن يصوّت الكونغرس على قرار بشأن الحرب مع العراق «قبل الانتخابات» الانتصافية للكونغرس. قال عقب الاجتماع مع بوش «أعتقد أن هذه لحظة مهمة لبلدنا وللمجتمع الدولي للعمل معا».
وقال مسئولون أميركيون: ان بوش يريد أن يتضمن قرار الكونغرس تفويضا «باستخدام الوسائل المناسبة كافة» لمواجهة الرئيس العراقي، غيرأن الديمقراطيين في تصريحاتهم عقب الاجتماع لم يلزموا أنفسهم بأي صيغة محددة للقرار. وقال داشل إنه لم يضع أي شروط مسبقة أو افتراضات عن قرار الكونغرس في هذا الوقت. لكنه قال إنه يعتقد أنه «في نهاية المطاف فإن الأمم المتحدة ستكون في المكان الذي يجب أن تكون فيه».
وكان داشل أوضح الثلثاء الماضي أن الكونغرس سيبدأ العمل على إعداد قرار من المتوقع أن يتضمن تفويضا على الأقل باستخدام قدر من القوة ضد العراق إذا لم يسمح بعودة مفتشي الأسلحة وإذا لم يلتزم بمطالب الأمم المتحدة بشأن نزع أسلحته.
وتشير مصادر في الكونغرس إلى أن عددا كبيرا من أعضاء الكونغرس يتشككون في وعود الرئيس العراقي صدام حسين. وينتقدون كبار المسئولين الأميركيين بأنهم حتى الآن لم يقدموا أية معلومات جديدة مقنعة عن العراق التي لا تزيد عن المعلومات التي يقرأونها في الصحافة.
ويتعرض داشل إلى ضغوط شديدة من الديمقراطيين لتأجيل التصويت لما بعد الانتخابات. لكنه قال: إن التصويت «قد يجري قبل الانتخابات ومن الضروري أن نعمل سويا على تحقيق ذلك».
ولكن داشل من جهة أخرى أشار إلى أنه لا يزال مترددا حول ما إذا كان البيت الأبيض قد نجح بالفعل في إثبات أن الحرب ضرورة.
وأكدت مصادر عسكرية أميركية أن الولايات المتحدة طلبت من بريطانيا بحث إمكان وجود ست قاذفات أميركية من طراز بي-2 إلى قاعدة دييغو غارسيا لتكون جاهزة في حال توجيه ضربات ضد العراق.
وأشارت المصادر إلى أنه لم يتم اتخاذ أي قرارات في هذا الشأن وأن المناقشات لا تزال مستمرة. يذكرأن القوات الجوية الأميركية كانت تدرس خلال السنوات الثلاث الماضية خططا لنشر طائرات بي-2 المعروفة بالشبح بالقرب من النقاط الساخنة في العالم.
ومن جهة أخرى أعلن مسئول عسكري أميركي أن الجيش الأميركي يستعد لشحن معدات عسكرية خلال الأسبوع الجاري من موانئ غير معلومة في أوروبا إلى الخليج العربي.
وقد استأجر البنتاغون سفينة شحن تجارية لنقل مازنته 72 ألف رطل من المركبات والحاويات وغيرها من المعدات العسكرية.
ومن المتوقع أن تغادر السفينة أحد الموانئ في شمال أوروبا خلال فترة زمنية تتراوح من يومين إلى أربعة أيام. وتبحر السفينة بحمولة قدرها 56 ألف رطل، ثم تقوم بتحميل 16 ألف رطل أخرى من ميناءين آخرين في أوروبا.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري أكد مسئولون عسكريون أن البحرية الأميركية استأجرت سفينة شحن لنقل معدات عسكرية تابعة للفرقة الثالثة مشاة التي ستشارك في تدريبات عسكرية في الكويت تحت مسمى «ربيع الصحراء» التي يشارك فيها أربعة آلاف جندي أميركي.
وقال المسئول العسكري الأميركي إن تلك الشحنات تأتي في إطار عمليات روتينية يقوم بها الجيش الأميركي لتلبية احتياجات قواته من المعدات العسكرية كافة مثل الذخائر والدبابات ومولدات الطاقة
العدد 14 - الخميس 19 سبتمبر 2002م الموافق 12 رجب 1423هـ