وجّه إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (14 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، دعوة إلى من تحمَّلَ مسئوليّةً من مسئوليات المسلمين مِن الوظائف والأعمال والمهامِّ والمسئوليّات في الوزارات، والإدارات والأعمال العامة والخاصة والمجالس النيابية والشورية والبلدية، منبِّهاً إياهم بقوله: «لقد استرعَاكم ربُّكم جل وعلا ثمّ المسلمين والمواطنين، مسئوليَّاتٍ جساماً ومهاماً عِظاماً، واجبٌ عليكم تقوَى الله جل وعلا فيها ورِعايةُ هذِه المسئوليّات».
وشدد عليهم قائلاً: «عليكم فَرضٌ عظيم بالقِيام بهذه المسئوليّات بما يُرضِي الله ثم يرضِي عامّةَ المسلمين والمواطنين، إيّاكم وتسخيرَ هذه المسئوليات في مصالحَ خاصّةٍ أو منافع ذاتيّة، واحذَروا من التهاونِ في مقاصِدِ هذه المسئوليّات وأهدافِها، سخِّروها في النفعِ العامّ، واحرصُوا على الدقيقِ والكبير فيما يعودُ بالمصلَحة والمنفعةِ لكلّ مسلم ومواطن، ارفقوا بالناس، اقضُوا حاجاتِهم، سهِّلوا عليهم، احذَروا من إعنَاتِهم والمشقَّة عليهم، يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا، كونوا عوناً في إفشاءِ المحبّة بين أفرادِ المجتمع، فإنَّ من أعظم الخيانة أن تكونوا عوناً للشيطانِ على النّاس؛ لإحباطِهِم وإزعاجِهم ومضرَّتهم وتنفيرِهم».
القطان في خطبته التي عنونها بـ «وجوب المحافظة على الأمانة»، تحدث عن جملة من الأمانات التي يجب المحافظة عليها، مشيراً إلى أن «من الأمانة العظيمة التي يتحمّلها العلماء أمانةُ الفتوى، فالواجب على من صدَّر نفسه للفتوى أن يعلم عِظمَ الأمانة وأن الأمر جِدُّ خطير، فالفتوى الصادرة عن عدم علمٍ دقيق، وفقه عميق بالحكم، وعن عدم فهمٍ شامل للوقائع المطروحة والنوازل الواقعة المراد تنزيل الشريعة عليها يُعدُّ من عظائم الأمور، فما حصلت الانحرافات في الأمّة والمجتمعات، إلا بسبب التصدّر للفتوى بلا علم بالأمرين المذكورين».
وقال: «ليُعلَم أنَّ أشدّ الأمور إثماً وأعظمها خطراً تلك الفتاوى التي تصدر بلا علمٍ بالحكم أو بلا علمٍ بالواقع، ويترتّب عليها حينئذٍ ما لا يمكن أن يُتدارَك خطره ولا يستدرك ضرره. ومن أخطر هذه الفتاوى التي تصدر بالتكفير والتفسيق والتضليل بغير دليل ولا برهان، فليتّق الله من يتصدر للقول في الدين، وليتذكّروا سيرةَ سلف هذه الأمة، وخوفهم من الله تبارك وتعالى، وتدافعهم للفتوى».
وشدد على أن «جميعَ الغيورِين على هذا الدِّين ليُنادون المجامعَ العلمية في العالم كلِّه بالمسارعة إلى تبنِّي الفتاوى الجماعية في كلِّ مسألة نازلةٍ مهما كان نوعها؛ لقطع الطريق على الفتاوى الأحاديّة التي تصدر من هنا وهناك، في مشاكل دينية أو دنيوية، حتى لا يُفتح المجال لمن قلَّ فقهه وانعدم ورعه».
وأوضح أن «مِن أجلّ مكارمِ الأخلاقِ، وأعظمِ الشِّيَمِ التي دعا إليها دينُ الإسلام، الأمانة، فالأمانةُ خلُقٌ مِن أخلاق الأنبياءِ والمرسَلين، وفضيلةٌ من فضائل المؤمنين، عظَّم الله أمرَها ورفع شأنها وأعلى قدرَها».
وذكر أن «المقصود بالأمانة بمعناها الشامل هي التكاليف الشرعية، سواء في ذلك حقوق الله تعالى، وحقوق عباده، فمن أدى حق الله وحق عباده أثيب، ومن فرط في حق الله وحق عباده استحق العقاب، والأمانةُ أمر الله تعالى بحفظِها ورِعايَتِها، وفرَض أداءَها والقِيامَ بحقِّها».
وحذر القطان من تضييع الأمانة قائلاً: «تضييعُ الأمانة ذنبٌ عظيم وجُرم جسيم»، لافتاً إلى أن «الأمانة المطلوبة تشمَل عِفّةَ الأمين عمّا ليس له بحقٍّ، وتتضمَّن تأدِيَةَ الأمين ما يجِب عليه من حقٍّ لغيره سواء لله أو لخلقِه، وتشمَل كذلك اهتمامَه بحفظِ ما استُؤمِن عليه من ودائعَ وأموال وحُرَمٍ وأسرار. يقول العلماء: (والمجالات التي تدخل فيها الأمانةُ كثيرةٌ، قاعدتها وأصلُها التكاليف والحقوقُ التي أمر الله جل وعلا بِرعايتها وصِيانتها، ممّا هو متعلِّق بالدِّين أو النّفوس أو العقول أو الأموال أو الأعراض)».
وقال: «مِن الأمانة الواجِب مراعاتُها والقِيام بحقِّها إسداءُ النصيحةِ لمن استَنصَح، وإبداءُ الرأيِ السديد المتجرِّدِ من كلِّ غَرَض لمن استشار. ومن الأمانات العامَّةِ التي يجب تقوَى الله عزّ وجلّ فيها ومراقبته، الوظائفُ والمناصب بشتَّى أنواعها والمسئوليَّات بمختَلفِ صوَرِها».
وعدَّ الأموال العامّة، التي تعود للمسلِمين قاطِبَة، مِن أعظمِ ما يُؤتمَن عليه الإنسانُ، فرَضَ الله رعايَتَها وعدَمَ إهدارِها، وأوجَبَ حفظَها كما يحفظ الإنسان مالَه وأشدّ.
وأردف قائلاً: «ومِنَ الأمانات العظيمةِ أن لاَ يوسَدَ أمرٌ من أمور المسلمين إلا فيمن يُتَوخَّى فيه خوفُ الله جل وعلا وممّن توفَّرت فيهم شروطُ الصلاحيّة العلميّة والعملية، والأمانةُ على تأديَة الواجب الملقَى».
وأفاد بأن «من علامات سوء الزمان، وفسادِ المجتمع وخُبث السّرائر، ضياعَ الأمانة والتّفريطَ في الرِّعاية، والتّهاوُن في المسئولية، واتِّخاذَ المصالح الخاصّة الهدفَ والغاية، ونبذَ المصالح العامَّة من أجل المصالحِ الخاصّة والمنافع الذاتيّة».
واستطرد القطان في تعديد الأمانات، مشيراً إلى أن «مِن الأمانةِ العظيمةِ على كلِّ مسلم في هذه الأرض حملُ هذا الدينِ والدعوة إليه، وإبراز محاسنِه العِظام وفضائِله الجسام، وإفهامُ العالم كلِّه بالعِلم والعمَل بالسلوك والمظهر أنَّ هذا الدينَ خير ورحمةٌ عامّة للبشرية وصلاحٌ للعالَم يحمِل السعادة والسّلام والفوزَ والنجاة في الدنيا والآخرة».
وتابع «ومِن الأمانة العظيمةِ التي يجب رعايتها والاهتمام بها، شباب الإسلام، فيا أولياء الأمور ويا علماءَ المسلمين ويا مفكِّريهم، يا دعاةَ الإسلام، يا رجالَ الإعلام والتربيّة، اتقوا الله جل وعلا في الشباب، وجِّهوهم لما فيه خيرُهم وخير بلدانهم وما فيه مصالِحُهم ومصالِح أمَّتهم، حذروهم من المعاصي بأنواعها ومن الآثام بشتى أشكالها، فقِّهوهم مقاصدَ الإسلام، وجِّهوهم لمضامين العقيدة الصحيحة، ومبادئ الأخلاق المستقيمَة، والأفكار السليمةِ، بصِّروهم بخطورَةِ الآراءِ والأعمال المنحرِفة مثل الغلوّ والتطرف والعنف والتخريب والتفجير، وتبنِّي التكفير والتّبديع والتفسيق بدون حجَّةٍ قرآنيّة وسنّة نبويّة وفهمٍ سديد على منهَج علماء الأمّة وخيارها، حذروهم من رفقاء السوء».
وخلص إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي إلى أن «أفهام كثير من الناس قصرت عن معنى الأمانة، فحصروها في حفظ الودائع المالية والمادية فحسب، وضيقوا بهذا الفهم واسعاً، في حين أنها ليست إلا لوناً من ألوان الأمانة، التي تتعدد وتتجدد؛ فالصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين أمانة، والقيام بالواجب أمانة، وترك المنهي أمانة، والأمر بالمعروف أمانة، والنهي عن المنكر أمانة، والحكم أمانة، ورعاية حقوق الأمة أمانة، وحماية الدين والذب عن حياضه أمانة، وصيانة أرض الوطن المسلم، وحماية ممتلكات المجتمع أمانة».
وبين أن «كل أمانةٍ من هذه الأمانات تتحقق بإقامة مصلحتها، ودرء مفسدتها وعدم خذلان الأمة».
وقال: «إذا نظرنا إلى كلمة الأمانة فإننا سنجد فيها معنى الأمان والاطمئنان، فكأن الأمن والطمأنينة والراحة والاستقرار، مرهونةٌ كلها بتحقيق الأمانة على وجهها الصحيح؛ فلا يمكن أن يأمن ظالمٌ، ولا يهدأ عاصٍ، ولا يسعد خوَّان، ولا يفلح منافق، ولا يصل متلفت، وفي حين أن القرآن الكريم قد ذُكِرت فيه الأمانة في مواضع كثيرة، فإنه في الوقت نفسه، قد جاء التحذير من ضدها، وهي (الخيانة)، وكفى بالخيانة شرّاً وقبحاً ومقتاً أنها سببٌ في دخول جهنم وبئس المصير».
وقال: «إننا نعيش في أعقاب الزمن الذي تبدّلت فيه أخلاق الفطرة، وآداب الشريعة، وتخلف الكثيرون عن اللحاق بركبهما والسير على منهاجهما؛ فاندرست بعض المعالم وانطمست، حتى لم يدر البعض ما الأمانة وما الخيانة».
العدد 5152 - الجمعة 14 أكتوبر 2016م الموافق 13 محرم 1438هـ
محرقي : شيخنا الفاضل المشكلة مب في الوزراء او النواب والشورى ولا المجلس البلدي اصل المشكلة في الساس خربان يعني هؤلاء ينفذون الاوامر من المسئولين يعني وجودهم مثل عدمه وخسارة بيزات على الطل !!