العدد 12 - الثلثاء 17 سبتمبر 2002م الموافق 10 رجب 1423هـ

كتائب القسّام: انتظرونا في العملية المقبلة

علي يوسف أحمد علي comments [at] alwasatnews.com

.

كثيرة هي السمات التي تتميز بها كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، من عظمة التنظيم ودقة الترتيب، وسرية العمل وإتقان فن التمويه على الأعداء، والصدق في التعامل، وطهارة السلاح وما إلى ذلك من صفات الشرف الرفيع الذي جعل من القساميين نجوما في عالم المقاومة. وليس هذا كل ما لدى القسام من إبداعات، فحتى الضربات التي تتعرض لها كتائب القسام تكشف عن إبداعات أعظم تقلب ما يدعيه الصهاينة من إنجازات أمنية إلى نكسات وخيبات، تجعل من نظرتهم الأمنية مجرد أضحوكة. فعدا عما تكشفه الاعتقالات عادة من عمليات كثيرة قام بها القساميون ولم يتبنوها حينها لأسباب خاصة بهم وتهافت كثيرون على تبنيها، وعدا عما تكشفه هذه الاعتقالات عن عظمة التخطيط والتفكير القسامي، إلا ان هناك ميزات أخرى لابد للمرء ان يقف عندها بتأمل لينحني إكبارا لهكذا نماذج من البشر ومنها:

سلسلة عمليات ضخمة ينفذها أشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. لعل عمق فهم القساميين لنظريات المقاومة يجعلهم يعون جيدا حقيقة ضرورة ترشيد الطاقات إلى أقصى مدى في ظل صراع لا يعلم أحد متى ينتهي، ولعل هذا أيضا من الأمراض المستعصية التي تعاني منها فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى في ظل انتفاضة الأقصى وقبلها على طول عمر الثورة الفلسطينية. فخلية قسامية لا يتجاوز عددها الخمسة أشخاص تمعن قتلا في الصهاينة لتكون الحصيلة في نهاية المطاف عشرات القتلى من الصهاينة ومئات الجرحى، وهو ما يصرف الآخرون مئات الطاقات فيه حتى يأتوا بالثمار ذاتها، وعليه فإن الصهاينة حين يتحدثون عن إنجاز أمني على هذا الصعيد فإن من الأولى لهم ان يختبئوا في قم دجاج أو يدخلوا في فوهة زجاجة، فأي إنجاز أمني في اعتقال خمسة أشخاص مثلا بعد ان يكونوا قد نفذوا عشرات الهجمات وقتلوا عشرات الصهاينة؟!.

فلو كانت الصحافة ووسائل الإعلام منصفة في انتقاء ألفاظها لكان لزاما عليها ان تفتح عناوينها الرئيسية بعبارة واحدة «صح النوم يا شاباك» بدل الحديث عن بالون لا يحتاج إلا إلى إبرة لتفجيره!

السرية والقدرة على التمويه

بعد كل عملية ينفذها القسام داخل الكيان وتفقده صوابه وعقله تتحرك الاتهامات نحو أسماء ومسميات كبيرة، ويعتقد الصهاينة ان عمليات مثل السور الواقي والجدار الفاصل هي التي ستقمع القساميين، وبعد ان يذوب الثلج يتبين ان الجيش الجرار يسير خلف سراب في معظم الأحيان، وان منفذ عملية كذا كان في مسرح العملية طوال الوقت وقد يكون ساهم في إسعاف الجرحى ان أمكن، وانه مر على حواجز شرطة العدو بكل حرية وبطريقة قانونية، وانه بينما كان الصهاينة خلال عملية السور الواقي يبحثون عن الإبرة في كومة القش كان القساميون يتجولون بحرية في شوارع القدس، وحين يستوقفهم حرس الحدود الصهيوني لا يملك إلا ان يتركهم وشأنهم بعد فحص بطاقات هوياتهم!!! أليس في ذلك عظمة في التمويه وقوة في السرية منقطعة النظير؟ وان الخوض في هذا الباب يفتح عشرات الحالات والأمثلة فبينما الصهاينة يبحثون عن إيلان سعدون سبع سنوات في غزة كان القساميون حينها قد أخفوا جثته طيلة هذه الفترة في عمق الكيان الصهيوني، وبينما قلب الصهاينة الضفة الغربية رأسا على عقب بحثا عن الجندي المخطوف نخشون فكسمان، كان القساميون يخفونه حينها في بير نابالا على بعد كيلومتر هوائي واحد من منزل والد هذا الجندي الصهيوني في القدس، وبينما وبينما...

العمل بصمت

حين نقرأ مذكرات الشهيد القائد عوض سلمي وما يمثله من جزء مهم من تاريخ القسام نلحظ انه تطرق في كلامه إلى قضية تبني القسام لعملياته وقال: إن الكتائب حين كانت تنفذ عملية وتلحظ ان نتائجها متواضعة لا تقوم الكتائب بتبني تلك العملية لأن مستواها لا يليق بمستوى عمل كتائب القسام، والحديث هنا عن عمليات الكمائن لسيارات المستوطنين أو جيش العدو أو عمليات العبوات الناسفة، والحديث طبعا لا يشمل العمليات الاستشهادية، ويتضح هذا الفعل حقيقة وبصورة جلية بعد حملات الاعتقال أو خلال استشهاد القساميين في عمليات كهذه، حيث يظهر عظم الفعل القسامي.

ففي سجون العدو الكثير الكثير من أبناء حماس ممن قاموا بعمليات لم تتبناها حماس مثل زرع العبوات الناسفة، أو إطلاق النار أو ما شابه. والمشكلة في هذا الإطار هي مسارعة فصائل عدة إلى تبني مثل هذه العمليات وكأن البيانات لديهم جاهزة ومفصلة فقط يقومون بتغيير اسم ومكان العملية ويصدرون البيان في مخالفة لأخلاقيات العمل الوطني المقاوم كلها.

وبالنظر إلى خلية كذا أو خلية كذا التي ادعى الصهاينة حديثا اعتقال أعضائها يتضح انه حتى عمليات كبيرة ذكر حينها ان فصيل كذا أعلن مسئوليته عنها وسجلت له حينها كعمل نوعي مميز أو محاولة إنجاز عمل وطني مميز تبين ان القساميين هم من قاموا بها بكل صمت وثبات، ولأخلاق القساميين العظيمة ولتجاوزهم دائما لسفاسف الأمور نتجاوز هنا ذكر الأمثلة بالتفصيل، إلا انه يكفي القول في هذا الإطار ان محاولة تفجير محطة وقود بين حيفا وتل أبيب عبر زرع عبوة بمغناطيس أسفل صهريج والتي لو حدثت لقتلت مئات الصهاينة والتي حسبت حينها لتنظيم كذا، أو عمليات زرع العبوات تحت القطارات والتي حسبت أيضا لتنظيم كذا قد تبين الآن انها فعل قسامي بحت.

إلا ان ما يجب ان يعلمه الجميع ان كتائب القسام أثبتت دوما انها عصية على الكسر، وان المتتبع لتاريخ حماس ووليدها القسام يلحظ بما لا يدع مجالا للشك انها كانت تخرج بعد كل ضربة أصلب وأشد مراسا، وهنا لابد من تكرار العبارة القسامية المعتادة: انتظرونا في العملية المقبلة

العدد 12 - الثلثاء 17 سبتمبر 2002م الموافق 10 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً