بادرة سليمة من قبل الشعب والمعارضة والجمعيات السياسية في انتهاج أسلوب النضال السلمي الدستوري المتحضر، والابتعاد عن ألوان العنف والتطرف والمهاترات كافة، عندما قامت الجمعيات السياسية بالاتفاق على طرح المطالب السياسية عبر الأطر القانونية، وفي ظل القانون والدستور مبتعدة كل البعد عن النضال السلبي والهرج والمرج وافتعال الاضطرابات في البلاد وتهديد أمن الدولة.
فهي (أي الجمعيات المعارضة) عبرت عن نفسها وكما في الماضي أيام النضال الدستوري بأنها معارضة سلمية متحضرة تحترم القانون والدستور وتحافظ على النظام وتحاول الحصول على مطالبها تحت مظلة النظام القائم الذي وفّر لها مساحة من الحريات السياسية القانونية، تستطيع عبرها أن تمارس أساليب الضغط السياسي من أجل اكتساب الحقوق الشعبية.
اننا في الوقت الذي نستحسن فيه المواقف الايجابية والتاريخية التي اتخذتها الجمعيات السياسية ورؤساؤها، لندعوهم إلى الاستمرار في هذا النهج السليم المتحضر من أجل استيفاء مطالب الشعب العادلة بانتهاج سياسة الحوار السليم مع الحكومة والقيادة السياسية في المملكة من أجل الحصول على اكثر المطالب والحقوق السياسية، وخصوصا ما طرح في بيانها في المؤتمر الذي عقدته في الثالث من سبتمبر/ ايلول الجاري، في ظل اجواء من المحبة والتفاهم، والوضوح والديمقراطية وشعور الدولة وعلى رأس الهرم في المملكة عظمة الملك الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين بأنهم أمام معارضة سياسية مأنوسة تدعم المسيرة الإصلاحية والديمقراطية التي انتهجها عاهل البحرين منذ شروعه في الإصلاحات السياسية واعلانه العفو العام، ومنذ التصويت على الميثاق في الرابع عشر من فبراير/شباط من العام 2001.
كان ذلك المنهج السليم للجمعيات السياسية المعارضة، أما المنهجية السليمة هي ما قام به عظمة الملك من تفهمه للمطالب الشعبية واستقباله رؤساء الجمعيات السياسية المعارضة في قصر الصافرية يوم الجمعة الماضي الموافق الثالث عشر من سبتمبر عام 2002م، والاستماع إلى وجهات نظرهم في أجواء من الصراحة والحرية والديمقراطية، واستجابة عظمته المبدئية لبعض مطالبهم، الذي هو بحد ذاته انتصارا للمنهجية السليمة التي انتهجتها تلك الجمعيات، باتحادها واستمرارها في الضغط من أجل تحقيق مطالبها.
اذن هناك نهج سليم من قبل المعارضة السياسية، ومنهجية سليمة من قبل أعلى هرم في السلطة السياسية في المملكة، وان استمرار كلا المنهجين من شأنه ان يدعم مسيرة الاصلاحات السياسية ويؤمن لها الاستمرار والديمومة في ظل مناخ حر ديمقراطي بعيدا عن مختلف ألوان العنف والتطرف والسبل غير الديمقراطية، من انتهاج اساليب وطرق لا تليق بالمرحلة الراهنة، بتجاوز الخطوط الحمراء، وتعميق الهوة بين الحاكم والشعب، وبث بذور عدم الثقة بين جماهير الشعب وعظمة الملك والقيادة السياسية في المملكة، وتهديد الأمن والوحدة الوطنية في البلاد.
لذلك نتمنى لكل الجمعيات السياسية المعارضة والحكومة في البحرين ان تخطو خطوات ايجابية ومثمرة نحو تكامل المسيرة السياسية في البلاد وصولا الى تحقيق مطالب الشعب كافة وتأمين حقوقه وتأمين مساحة واسعة من الحريات السياسية واحترام حقوق الانسان والعمل على توفير الرفاهية لجميع المواطنين. كما نتمنى أن يتوصل الطرف المعارض من القوى السياسية مع عظمة الملك والسلطة السياسية في البلاد الى صيغة مرضية للطرفين، لتحقيق تطلعات الشعب وجمعياته السياسية تؤهل البلاد لتخطو خطوات متقدمة نحو التقدم والازدهار وتوفير مناخ ملائم لانتخابات برلمانية حرة تساهم في دعم المسيرة الاصلاحية وتكون مثالا يحتذى به من قبل دول الخليج ودول العالم. وحتى لو استمرت المقاطعة الشعبية من قبل الجمعيات السياسية، والبعض الآخر قام بالترشح والانتخاب في انتخابات الرابع والعشرين من اكتوبر/ تشرين الاول المقبل، فان ذلك لا يعني توقف مسيرة الاصلاحات السياسية في البلاد، لأن عظمة الملك صرح في اجتماعه مع رؤساء الجمعيات بأنه يحيي تلك الروح الشعبية في المعارضة السلمية السليمة والمتحضرة التي تخدم تطلعات عظمته ويحيي تلك الروح الوطنية لدى الجمعيات الوطنية الاخرى التي سوف تشارك في الانتخابات التشريعية المقبلة.
فليستمر المنهج السليم، ولتستمر المنهجية السليمة لتتحقق التكاملية للنظام الملكي الدستوري الذي نتمنى أن تحترم فيه إرادة الشعب مصدر السلطات جميعا، وتحترم فيه السلطة السياسية وعلى رأسها عظمة الملك لكي يستمر هذا النهج وهذه المسيرة التي آن لها الاستمرار نحو مستقبل مشرق للوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للشعب في ظل المملكة
العدد 12 - الثلثاء 17 سبتمبر 2002م الموافق 10 رجب 1423هـ