يجلس أمام لوحة مرصّعة بالصلصال الإنجليزي «الطين» المغطى بكيس نايلون شفاف، وكلما نحتت يداه جزءاً من اللوحة التي يعمل عليها، أزاح جزءاً من الكيس، وذهنه غارق في ذلك الصلصال، لا يلتفت لمن يمرون حوله، وأذناه لا تسمعان الأحاديث الجانبية، والأصوات التي تخترق المكان الذي يجلس فيه، واضعاً جل تركيزه في نحت الطين، ليكمل لوحة تمثل جزءاً مهماً من الثورة الحسينية.
ذلك هو خليل المدهون، خليل الصلصال وصديقه، الذي اتخذ من وسط مخيم مهرجان الإمام الحسين الفني السابع عشر في المنامة، محطة من المحطات التي يحط فيها خلال موسم عاشوراء، يجلس على كرسي وأمام لوحة الصلصال، يشكلها بأنامله التي غطاها الطين.
المدهون، وهو خريج تربية فنية في جامعة حلوان المصرية، تحدث لـ «الوسط» عن عمله الفني، والرسالة التي يريد إيصالها من خلاله، بادئاً حديثه بتحديد هدفه من اللوحة، وهو «الخروج عن المألوف»، وخصوصاً أن «أغلب الطاقات والمواهب لا تجد فرصة لتوظيف مهاراتها إلا في موسم عاشوراء، وأحياناً تكون قلة الموارد عائقاً أمام ذلك».
وأوضح أن «فن النحت يختلف عن بقية الفنون التشكيلية التقليدية، فهو يدخل في جميع مناحي الحياة، وكل منتج يحتاج إلى نحته وتشكيله قبل إنتاجه بمرحلته النهائية»، معبّراً عن خيبة أمله؛ لانشغال الناس بأمور بعيدة عن الفن.
ورأى أن «عدداً كبيراً من الفنانين يفكرون في كم أعمالهم ولا يفكرون في نوعها وكيفها، ولذلك جئت بشيء خارج عن المألوف، من خلال عمل جدارية منحوتة على طين إنجليزي، تمثل التربية الصالحة التي ظهرت في الثورة الحسينية، وخصوصاً أن أغلب مشكلاتنا الحياتية ناتجة عن التربية». وأضاف «أهم المبادئ التي جاءت وقامت على أساسها ثورة كربلاء مطموسة أو معدومة».
وبسؤاله عن الطين الإنجليزي وما يميزه عن الطين البحريني، ذكر أن «الطين البحريني لابد أن يُمزج مع كمية قليلة من الطين الإنجليزي، وهو في هذه الحالة يستخدم في منتوجات محدودة، أما الطين الإنجليزي الخالص فيستخدم في اللوحات الفنية المختلفة».
وعن مراحل عمل الجداريات المنحوتة، بيّن المدهون أن هناك 3 مراحل، أولها التشكيل وتأسيس اللوحة، تليها مرحلة وضعها في الفرن لحرق الطين، والثالثة مرحلة التلوين ووضع اللمسات الأخيرة التي تُظهر اللوحة بشكلها النهائي.
وأكد أن أعمال النحت تبقى لأعوام طويلة، ويمكن وضعها في أي مكان، ولذلك تهتم الكثير من دول العالم لهذا الفن في أماكن مهمة، ويوثقون تاريخ بلدهم وقضايا مجتمعاتهم، ويحولون ذلك إلى أعمال بصرية تغني عن ألف محاضرة، مستشهداً بجمهورية مصر العربية واهتمامها بعمل النُصب التذكارية للشخصيات المعروفة في مصر ولأحداث تاريخية مهمة.
ويتطلع المدهون إلى إكمال الدراسات العليا، إذ إنه حصل على شهادة البكالوريوس في الفنون التربوية من جامعة حلوان، بعد أن قاده أستاذه سلمان التيتون إلى تطويع الطين وتشكيله، وطوّر هذه المهارة ودرس علوم النحت والفن، ووظف طاقته في عمل لوحات منحوتة في موسم عاشوراء.
العدد 5148 - الإثنين 10 أكتوبر 2016م الموافق 09 محرم 1438هـ
كواااا عليك ابو ابراهيم
الحلال يسلم عليك