تواصلت المعارك بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام في مدينة حلب في شمال البلاد، أمس الاثنين (10 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، في ظل انسداد الأفق الدبلوماسي فيما أعلنت موسكو أمس عزمها تحويل منشأتها العسكرية في مدينة طرطوس الساحلية إلى «قاعدة عسكرية دائمة».
في الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في حلب، أفاد مراسل وكالة «فرانس برس» عن استمرار الاشتباكات على محاور عدة تركزت بشكل خاص على حي بستان الباشا (وسط) وحي الشيخ سعيد (جنوب) وحيي الصاخور وكرم الجبل (شرق).
وترافقت المعارك مع قصف جوي عنيف على مناطق الاشتباك استمر طوال الليل، كما تعرضت أحياء أخرى في المنطقة الشرقية لقصف جوي ومدفعي محدود، وفق مراسل «فرانس برس». وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بـ «مقتل شخصين وإصابة آخرين بجروح جراء سقوط صاروخ يعتقد أنه أرض - أرض أطلقته قوات النظام على حي الشعار».
وتنفذ قوات النظام السوري هجوماً على الأحياء الشرقية منذ 22 سبتمبر/ أيلول الماضي. وحققت منذ ذلك الوقت تقدماً بطيئاً على جبهات عدة، وتمكنت يوم السبت الماضي من السيطرة على منطقة العويجة ودوار الجندول في شمال المدينة، وباتت تشرف بالنتيجة على أحياء عدة في الجهة الشمالية.
وانتقدت الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم أطيافاً واسعة من المعارضة السياسة والعسكرية، على إثر اجتماع ليومين في الرياض، «سياسة الأرض المحروقة» التي اتهمت النظام وحلفاءه باعتمادها.
ورداً على سؤال، قال المتحدث باسمها سالم المسلط: «إن المعارضة لم تتلقَ أي مضادات طيران وإلا لما كانت هذه الحال في سورية»، في إشارة إلى التفوق الجوي للنظام المدعوم بقوة من سلاح الطيران الروسي.
ومنذ بدء هجوم قوات النظام في حلب قبل أكثر من أسبوعين، قتل أكثر من 290 شخصاً، بينهم 57 طفلاً، في غارات جوية روسية وسورية وقصف مدفعي لقوات النظام على الأحياء الشرقية.
وترد الفصائل المعارضة بإطلاق قذائف على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام. ووثق المرصد السوري مقتل أكثر من «50 شخصاً بينهم تسعة أطفال» جراء قصف الأحياء الغربية.
وأفاد المرصد أمس عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين بجروح جراء سقوط قذائف على حيين في غرب حلب.
وتعد مدينة حلب جبهة القتال الأبرز في النزاع السوري والأكثر تضرراً منذ اندلاعه. وتشهد سورية منذ مارس/ آذار 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من 300 ألف شخص ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
ودفع سكان مدينة حلب ثمناً باهظاً للنزاع بعدما باتوا مقسمين بين أحياء المدينة. ويقطن أكثر من 250 ألفاً في الأحياء الشرقية ونحو مليون و200 ألف آخرين في الأحياء الغربية.
ونقل رئيس بعثة منظمة «أطباء بلا حدود» في سورية كارلوس فرانسيسكو في بيان معاناة القلة المتبقية من الأطباء في الأحياء الشرقية. وقال: «يشعرون وكأن العالم تخلى عنهم، العالم كله يشهد على المدينة وهي تدمر، لكن لا أحد يفعل أي شيء لوقف ذلك».
وأضاف «إنهم بحاجة إلى كل شيء، يقولون لنا أرسلوا أي شيء لديكم... ولكن في هذه الظروف بتنا عاجزين عن مساعدتهم».
وتدهور الوضع الميداني في شرق حلب على إثر انهيار هدنة في 19 سبتمبر/ أيلول تم التوصل إليها بموجب اتفاق أميركي روسي وصمدت أسبوعاً.
واستخدمت روسيا، الداعم الرئيسي لدمشق، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار اقترحته فرنسا يدعو إلى وقف إطلاق النار في حلب ووقف فوري للقصف الجوي على المدينة. وبعيد ذلك، رفض مجلس الأمن مشروع قرار روسي يدعو إلى وقف الأعمال القتالية من دون ذكر للغارات.
ووسط التوتر القائم بين واشنطن وموسكو، أعلن نائب وزير الدفاع الروسي نيكولاي بانكوف أمس أمام لجنة الشئون الخارجية في مجلس الدوما أن بلاده تعتزم تحويل منشأتها العسكرية في مدينة طرطوس الساحلية إلى «قاعدة بحرية دائمة».
ولم يكشف بانكوف عن موعد تحويل المنشأة التي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفياتية.
إلى ذلك، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت أمس بأن فرنسا تريد أن تحقق المحكمة الجنائية الدولية بشأن قصف مدينة حلب السورية على أنه جريمة حرب.
وقال لإذاعة «فرانس انترناشونال»: «نحن فرنسا سنتواصل مع ممثلة الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية لمعرفة السبل التي يمكنها أن تبدأ بها التحقيقات». وقال ايرولت: «من نفذ عمليات القصف هذه؟ هناك السوريون ولكن أيضاً الروس، الذين جاءوا بأسلحتهم المتطورة التي تسمح لهم بالوصول للمخابئ، حيث يحاول المواطنون حماية أنفسهم».
وأعرب مسئولون أمميون وقوى غربية خلال الأيام الماضية عن غضبهم إزاء الهجمات الجوية التي استهدفت مستشفيات، وقافلة إغاثة وأهدافاً مدنية أخرى في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال سورية، وتشمل مدينة حلب.
العدد 5148 - الإثنين 10 أكتوبر 2016م الموافق 09 محرم 1438هـ
بالتوفيق لفخر العروبة وقائد الأمة السيد الرئيس بشار الأسد في سحق جرذان داعش ...